الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        34586 - قال مالك : الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ، ثم يقاطعه بالذهب ، فيضع عنه مما عليه من الكتابة ، على أن يعجل له ما قاطعه عليه : أنه ليس بذلك بأس ، وإنما كره ذلك من كرهه ; لأنه أنزله بمنزلة الدين ، يكون للرجل على الرجل إلى أجل ، فيضع عنه ، وينقده ، وليس هذا مثل الدين ، إنما كانت قطاعة المكاتب سيده ، على أن يعطيه مالا في أن يتعجل العتق ، فيجب له الميراث والشهادة والحدود ، وتثبت له حرمة العتاقة ، ولم يشتر دراهم بدراهم ، ولا ذهبا بذهب ، وإنما مثل ذلك مثل رجل قال : لغلامه : ائتني بكذا وكذا دينارا ، وأنت حر ، فوضع عنه من ذلك فقال : إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر ، فليس هذا دينا ثابتا ، ولو كان دينا ثابتا لحاص به السيد غرماء المكاتب ، إذا مات أو أفلس ، فدخل معه في مال [ ص: 287 ] مكاتبه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        34587 - قال أبو عمر : هذه المسألة في معنى حديث أم سلمة المذكور في أول هذا الباب ، وقد اختلف العلماء فيها ; فكان ابن عمر يكره ذلك ، ولا يجيزه ، فخالف في ذلك أم سلمة وبقول ابن عمر قال في ذلك الليث بن سعد ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                        34588 - وهو قول الشافعي ; لأن حكم المكاتب في ما يملكه ، غير حكم العبد ، ليس للسيد أخذ شيء من ماله غير نجامته ، فأشبه الحر والأجنبي ، في هذا المعنى .

                                                                                                                        34589 - ذكر المزني ، عن الشافعي ، قال : ولو عجل له بعض الكتابة ; على أن يبرئه من الباقي ، لم يجز ، ورد عليه ما أخذ ، ولم يعتق ; لأنه أبرأه مما لم يتبرأ منه .

                                                                                                                        34590 - وروى الربيع ، عن الشافعي ، قال : وإن كانت نجومه غير حالة ، فسأله أن يعطيه بعضها حالا ، على أن يبرأه من الباقي فيعتق ، لم يجز ذلك ، كما لا يجوز في دين إلى أجل على حر أن يتعجل بعضه ; على أن يضع له بعضا .

                                                                                                                        34591 - وقال الطحاوي ، عن الكوفيين ، في من كاتب عبدا له على مال [ ص: 288 ] إلى أجل ، ثم صالحه قبل حلول الأجل على أن يعجل له بعض ذلك المال ، ويبرأ من بقيته ، لم يجز فيما روى أصحاب ( ( الإملاء ) ) عن أبي يوسف من قوله .

                                                                                                                        34592 - وأما محمد ; فروى عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، أن ذلك جائز .

                                                                                                                        34593 - واختار الطحاوي ما روى أصحاب ( ( الإملاء ) ) عن أبي يوسف .

                                                                                                                        34594 - وقال ابن شهاب ، وربيعة ، وأبو الزناد ، وعبد الله بن يزيد ، وجابر وابن هرمز ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما : ذلك جائز .

                                                                                                                        34595 - وهو قول الشعبي ، وإبراهيم ، وطاوس ، والحسن ، وابن سيرين .

                                                                                                                        34596 - وقال الزهري : ما علمت أحدا كرهه ، إلا ابن عمر .

                                                                                                                        34597 - قال أبو عمر : أما العبد ، فليس بينه وبين سيده ربا عند أكثر العلماء .

                                                                                                                        34598 - وأما المكاتب ، فليس لسيده إلى ماله سبيل غير ما كاتبه عليه ، إلا أن يعجز .

                                                                                                                        34599 - وكره مالك أن يبيع من عبده المأذون له ، أو مكاتبه درهما بدرهمين يدا بيد نسيئة ، وأجاز ذلك الشافعي . [ ص: 289 ] 34600 - وقال ابن القاسم ، في المكاتب يحيل سيده بنجم لم يحل على دين له على رجل ، أنه لا يجوز ; من أجل الدين بالدين .

                                                                                                                        34601 - وقال سحنون : هو جائز ، قال : وقوله بإجازة القطاعة يرد هذا ، وبالله التوفيق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية