الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        34667 - قال مالك : أحسن ما سمعت في المكاتب : أنه إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها ، إذا قوي أن يؤدي إلى سيده الثمن الذي باعه به نقدا ، وذلك أن اشتراءه نفسه عتاقة ، والعتاقة تبدأ على ما كان معها من الوصايا ، وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه ، فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه ، أو سهما من أسهم المكاتب ، فليس [ ص: 302 ] للمكاتب فيما بيع منه شفعة ، وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة ، وليس له أن يقاطع بعض من كاتبه إلا بإذن شركائه ، وأن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة ، وأن ماله محجوز عنه ، وأن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز ، لما يذهب من ماله ، وليس ذلك بمنزلة اشتراء المكاتب نفسه كاملا ، إلا أن يأذن له من بقي له فيه كتابة ، فإن أذنوا له كان أحق بما بيع منه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        34668 - قال أبو عمر : رأى مالك - رحمه الله - الشفعة واجبة للمكاتب إذا باع سيده ما عليه من كتابته ما عليه ; لما في ذلك من تعجيل عتقه ، ولم ير له شفعة إذا بيع بعض ما عليه ; لأنه لا تتم شفعته في ذلك عتقه ، ثم رأى أن ذلك بإذن من بقي له فيه كتابة ; لأنه مع الضرر الذي عليه في ذلك قد رضوا به .

                                                                                                                        34669 - وكان سحنون يقول : هذا حرف سوء ، إلا أن يأذن في ذلك الشريك الآخر .

                                                                                                                        34670 - وكذلك رواه ابن القاسم ، عن مالك في المكاتب بين الرجلين; يبيع أحدهما نصيبا منه ، إن المكاتب لا يكون أحق بذلك من المشتري ، إلا أن يأذن في ذلك الشريك الآخر ; لأنه لا يفضي بذلك إلى عتاقه ، وإنما يكون ذلك له إذا بيعت كتابته كلها ; لأن ذلك يفضي إلى عتق .

                                                                                                                        34671 - قال سحنون : قوله : إلا أن يأذن له في ذلك الشريك الآخر حرف [ ص: 303 ] سوء .

                                                                                                                        34672 - قال أبو عمر : قد قال بقول مالك في شفعة المكاتب قوم من التابعين ; منهم عطاء ، وأبى ذلك غيرهم من العلماء ; لأن الشفعة إنما وردت في الأصول التي تقع فيها الحدود .

                                                                                                                        34673 - وسنبين هذا المعنى عند اختلاف أصحاب مالك ، وقولهم في الشفعة في الدين لمن هو عليه إذا بيع من غيره ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        34674 - وأما الشافعي ، وأبو حنيفة وأصحابهما ، وكل من لا يجوز عنده بيع كتابة المكاتب ، فليس للشفعة ذكر في كتبهم هاهنا .

                                                                                                                        34675 - والمسألة مسألة اتباع .

                                                                                                                        34676 - ذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج عن الحسن بن مسلم ، قال : بلغني أن المكاتب يباع هو أحق بنفسه ، يأخذها بما بيع .

                                                                                                                        34677 - قال ابن جريج : وقال عطاء : من بيع عليه دين ، فهو أحق به يأخذه بالثمن إن شاء .

                                                                                                                        34678 - قال : وأخبرنا معمر ، عن رجل من قريش ، أن عمر بن عبد العزيز ، قضى في المكاتب اشترى ما عليه بعروض ، وجعل المكاتب أولى بنفسه ، ثم قال : إن [ ص: 304 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ( من ابتاع دينا على رجل إلى أجل ، فصاحب الدين أولى بالذي عليه ، إذا أدى ما أدى صاحبه .

                                                                                                                        34679 - قال معمر : وقال الزهري : رأيت القضاة يقضون في من اشترى دينا على رجل ، أن صاحب الدين أولى به .

                                                                                                                        34680 - وكان عمر بن عبد العزيز يقضي به .

                                                                                                                        34681 - قال معمر : وأما أهل الكوفة ، فلا يرونه شيئا .




                                                                                                                        الخدمات العلمية