الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        33313 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا; أن الضعيف في عقله ، والسفيه ، والمصاب الذي يفيق أحيانا ، تجوز وصاياهم ، إذا كان معهم من عقولهم ، ما يعرفون ما يوصون به ، وكان مغلوبا على عقله ، فلا وصية له .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        33314 - قال أبو عمر : أما وصية الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به ، ولم يأت بمنكر من القول والفعل ، فوصيته جائزة ماضية عند مالك ، والليث ، وأصحابهما ، ولا حد عندهم في صغره عشر سنين ولا غيرها إذا كان ممن يفهم ما يأتي به في ذلك ، وأصاب وجه الوصية .

                                                                                                                        33315 - وقال عبيد الله بن الحسن : إذا أوصى في وسط ما يحتلم له الغلمان جازت وصيته .

                                                                                                                        33316 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا تجوز وصية الصبي .

                                                                                                                        33317 - وقال المزني : هو قياس قول الشافعي ، ولم أجد للشافعي في ذلك شيئا ذكره ، ونص عليه .

                                                                                                                        [ ص: 26 ] 33318 - واختلف أصحابه على قولين :

                                                                                                                        ( أحدهما ) : كقول مالك .

                                                                                                                        ( والثاني ) : كقول أبي حنيفة .

                                                                                                                        33319 - وحجتهم أنه لا يجوز طلاقه ، ولا عتقه ، ولا يقبض منه في جناية ولا يحد به في قذف ، فليس كالبالغ المحجور عليه ، فكذلك وصيته .

                                                                                                                        33320 - قال أبو عمر : قد أجمع هؤلاء على أن وصية البالغ المحجور عليه جائزة ، ومعلوم أن من يعقل من الصبيان ما يوصي به ، فحاله حال المحجور عليه في ماله .

                                                                                                                        33321 - وعلة الحجر تبديد المال وإتلافه ، وتلك علة مرتفعة عنه بالموت ، وهو بالمحجور عليه في ماله أشبه منه بالمجنون الذي لا يعقل ، فوجب أن تكون وصيته مع الأثر الذي جاء فيه عن عمر - رضي الله عنه - .

                                                                                                                        33322 - وقال مالك : إنه الأمر المجتمع عليه عندهم بالمدينة ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                        33323 - وأما قوله في البالغ المحجور عليه ، فقد مضى قول مالك في هذا الباب في موطئه .

                                                                                                                        33324 - وقال ابن القاسم عن مالك : إن حضرته الوفاة ، فأوصى بوصايا فذلك جائز .

                                                                                                                        [ ص: 27 ] 33325 - وقال محمد بن الحسن في كتاب الحجر - ولم يحك خلافا عن أحد من أصحابه - : والقياس في وصايا الغلام الذي قد بلغ ، وهو مفسد ، غير مصلح أنها باطل ، ولكنا نستحسن في وصاياه إذا وافق الحق فيها ، ولم يأت سرفا أنها تجوز من ثلثه ، كما تجوز من ثلث غيره .

                                                                                                                        33326 - وقال الربيع عن الشافعي : تجوز وصية كل من عقل الوصية من بالغ محجور عليه ، وغير محجور .

                                                                                                                        33327 - قال أبو عمر : إنما منع المحجور عليه; لما يخاف من إفساد ماله احتياطا عليه ، فإذا صار في حال الموت استغنى عن ذلك ، فكان بمنزلة من ليس بمحجور عليه ، وبالله التوفيق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية