الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويشترط ) لانعقاد البيع .

                                                                                                                      ( أن يكون القبول على وفق الإيجاب في القدر ) فلو خالف ، كأن يقول : بعتك بعشرة فقال : اشتريته بثمانية لم ينعقد .

                                                                                                                      ( و ) أن [ ص: 147 ] يكون على وفقه أيضا في ( النقد وصفته ، والحلول والأجل فلو قال بعتك بألف ) درهم فقال اشتريته بمائة دينار أو قال بعتك بألف ( صحيحة فقال : اشتريت بألف مكسرة ونحوه ) كاشتريته بألف نصفها صحيح ونصفها مكسر ، أو قال بعتك بألف حالة فقال : اشتريته بألف مؤجلة ، أو قال البائع بألف مؤجلة إلى رجب فقال المشتري إلى شعبان ( لم يصح ) البيع في ذلك كله ; لأنه رد للإيجاب لا قبول له .

                                                                                                                      ( ولو قال ) البائع : ( بعتك ) كذا ( بكذا فقال ) المشتري : ( أنا آخذه بذلك لم يصح ) أي : لم ينعقد البيع ; لأن ذلك وعد بأخذه ( فإن قال المشتري ) لمن قال له : بعتك كذا بكذا ( أخذته منك أو ) أخذته ( بذلك صح ) البيع ، لوجود الإيجاب والقبول .

                                                                                                                      ( ولا ينعقد ) البيع ( بلفظ السلم والسلف قاله في التلخيص ) في باب السلم وهو ظاهر كلام أحمد في رواية المروزي : لا يصح البيع بلفظ السلم ذكره في القاعدة الثامنة والثلاثين وقيل يصح بلفظ السلم ، قاله القاضي : قاله في الإنصاف ( فإن تقدم القبول على الإيجاب صح ) البيع إن كان القبول ( بلفظ أمر أو ) كان بلفظ ( ماض مجرد عن استفهام ونحوه ) كتمن وترج ويأتي مثاله في كلامه ( ومعه ) أي : مع الاستفهام ونحوه ( ألا ) بعتني ( أو مضارعا مثل : أتبيعني ) وكذا لو تجرد عن الاستفهام ، ; لأنه ليس بقبول ولا استدعاء ( فإن قال المشتري بعني ) كذا ( بكذا ) فقال : بعتكه صح ، وهذا مثال الأمر .

                                                                                                                      ( أو ) قال ( اشتريت منك ) هذا ( بكذا فقال ) البائع ( بعتك ونحوه ) مما تقدم صح البيع ، ( أو قال المشتري : بعني بكذا أو اشتريت منك بكذا ، فقال البائع : بارك الله لك فيه ، أو هو مبارك عليك أو ) قال ( إن الله قد باعك ) صح البيع لدلالة ذلك على المقصود ( أو قال ) المشتري ( أعطنيه بكذا فقال ) البائع : ( أعطيتك أو أعطيت صح ) لما تقدم .

                                                                                                                      ( وإن قال البائع للمشتري : اشتره بكذا ، أو ابتعه بكذا فقال : اشتريته أو ابتعته لم يصح ) البيع ( حتى يقول البائع بعده ) أي : بعد قول المشتري ذلك ( بعتك أو ملكتك قاله في الرعاية ) قال في النكت : وفيه نظر ظاهر والأولى أن يكون كتقدم الطلب من المشتري وأنه دال على الإيجاب والقبول والبذل .

                                                                                                                      ( ولو قال ) البائع ( بعتك ) إن شاء الله ( أو ) قال المشتري : ( قبلت إن شاء الله صح ) البيع ( ويأتي ) في الشروط في البيع ( وإن تراخى أحدهما عن الآخر ) أي : القبول على الإيجاب أو عكسه ( صح ) المتقدم منهما ولم يلغ ( ما داما ) أي : المتبايعان ( في المجلس ولم يتشاغلا [ ص: 148 ] بما يقطعه عرفا ) ; لأن حالة المجلس كحالة العقد بدليل أنه يكتفى بالقبض فيه لما يعتبر قبضه .

                                                                                                                      ( وإلا ) بأن تفرقا قبل الإتيان بما بقي منهما ، أو تشاغلا بما يقطعه عرفا ( فلا ) ينعقد البيع ; لأن ذلك إعراض عن العقد أشبه ما لو صرحا بالرد .

                                                                                                                      ( وإن كان ) المشتري ( غائبا عن المجلس فكاتبه ) البائع ( أو راسله : إني بعتك ) داري بكذا ( أو ) إني ( بعت فلانا ) ونسبه بما يميزه ( داري بكذا فلما بلغه ) أي : المشتري ( الخبر ) قبل البيع ( صح ) العقد ; لأن التراخي مع غيبة المشتري لا يدل على إعراضه عن الإيجاب ، بخلاف ما لو كان حاضرا ففرق المصنف في تراخي القبول عن الإيجاب بين ما إذا كان المشتري حاضرا ، وما إذا كان غائبا وهذا يوافق رواية أبي طالب في النكاح ، قال في رجل يمشي إليه قوم ، فقالوا : زوج فلانا فقال : قد زوجته على ألف فرجعوا إلى الزوج فأخبروه فقال : قد قبلت ، هل يكون هذا نكاحا ؟ قال : نعم .

                                                                                                                      قال الشيخ التقي : ويجوز أن يقال إن كان العاقد الآخر حاضرا اعتبر قبوله ، وإن كان غائبا جاز تراخي القبول عن المجلس كما قلنا في ولاية القضاء انتهى وظاهر كلام أكثر الأصحاب خلافه فإنهم اعتبروا في القبول أن يكون عقب الإيجاب ، ثم ذكروا حكم التراخي على ما ذكره من التفصيل في المجلس فقط وحكموا رواية أبي طالب في النكاح مقابلة لما قدموه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية