الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 71 ] ( و ) المشتق مثل ( أبيض ونحوه ) كأسود وضارب ومضروب ( يدل على ذات متصفة ببياض ) أو سواد أو وجود ضرب ( لا ) على ( خصوصيتها به ) أي لا على أنها مختصة بذلك الوصف ، ثم إن علم منه شيء فهو على طريق الالتزام ، لا باعتبار كونه جزءا من مسماه . والذي يدل على ذلك : أن قولنا إن الأبيض جسم مستقيم ، ولو دل الأسود على خصوص الاسم ، لكان غير مستقيم ; لأنه حينئذ يكون معناه : الجسم ذو السواد جسم ، وهو غير مستقيم ، للزوم التكرار بلا فائدة ، وما أحسن ما قرره بعضهم بقوله : المشتق لا إشعار له بخصوصية الذات .

فالأسود - مثلا - ذات لها سواد ، ولا يدل على حيوان ، ولا غيره . والحيوان : ذات لها حياة ، لا خصوص إنسان ولا غيره ( والخلق غير المخلوق ، وهو ) أي الخلق ( فعل الرب تعالى قائم به ، مغاير لصفة القدرة ) وهذا الصحيح عند أكثر أصحابنا والقاضي أخيرا ، وأئمة الشافعية وأهل الأثر . قال الشيخ تقي الدين : الخلق فعل الله تعالى القائم به ، والمخلوقات المنفصلة عنه ، وحكاه البغوي عن أهل السنة ، ونقله البخاري عن العلماء مطلقا ، فقال : قال علماء السلف : إن خلق الرب تعالى للعالم ليس هو المخلوق ، بل فعله القائم به غير مخلوق . انتهى . ذكره في كتاب خلق أفعال العباد ، وهو قول الكرامية ، وكثير من المعتزلة وعند القاضي أولا وابن عقيل ، وابن الزاغوني ، والأشعرية ، وأكثر المعتزلة : أن الخلق المخلوق .

قال الشيخ تقي الدين : ذهب هؤلاء إلى أن الله تعالى ليس له صفة ذاتية من أفعاله وإنما الخلق هو المخلوق ، أو مجرد نسبة ، أو إضافة ، وعند هؤلاء : حال الذات التي تخلق وترزق ولا تخلق ولا ترزق سواء . انتهى . والرب لا يوصف بما هو مخلوق له ، وإنما يوصف بما هو قائم به .

التالي السابق


الخدمات العلمية