الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب حد القذف هو لغة الرمي . وشرعا الرمي بالزنا ، وهو من الكبائر بالإجماع فتح ، [ ص: 44 ] لكن في النهر : قذف غير المحصن كصغيرة ومملوكة وحرة متهتكة من الصغائر .

التالي السابق


باب حد القذف ( قوله وشرعا الرمي بالزنا ) الأولى ما في العناية من أنه نسبة المحصن إلى الزنا صريحا أو دلالة إذ الحد إنما هو في المحصن نهر . [ ص: 44 ] قلت : لكن الإحصان شرط الحد ، وله شروط أخر ستذكر ، والكلام في الحقيقة الشرعية المشروطة بما يأتي . وينبغي أن يقيد أيضا بكونه على سبيل التعبير والشتم ليخرج شهادة الزنا ( قوله لكن في النهر إلخ ) عزاه في النهر إلى الحليمي من الشافعية معللا بأن الإيذاء في قذف هؤلاء دونه في الحرة الكبيرة المتسترة ، وذكره في البحر بحثا غير معزى . ونقل أيضا عن شرح جمع الجوامع أن القذف في الخلوة صغيرة عند الشافعية ، قال وقواعدنا لا تأباه ; لأن العلة فيه لحوق العار ، وهو مفقود في الخلوة . واعترضه في النهر بأنه في الفتح استدل للإجماع بآية - { والذين يرمون المحصنات } - وبحديث " { اجتنبوا السبع الموبقات } وعد منها قذف المحصنات ، أي وهذا صادق على قذف المحصنة في الخلوة بحيث لم يسمعه أحد واعترضه أيضا الباقاني في شرح الملتقى بأن المذكور في شرح جمع الجوامع عن ابن عبد السلام أنه ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة ، وقال محشيه اللقاني : إن المحقق من هذه العبارة نفي إيجاب الحد لا نفي كونه كبيرة أيضا لتوجه النفي على القيد ، وقال الزركشي أيضا : إن هذا ظاهر فيما إذا كان صادقا دون الكاذب لجراءته على الله تعالى أي فهو كبيرة وإن كان في الخلوة .

وقال الشارح في شرح الملتقى : قلت والذي حررته في شرح منظومة والد شيخنا النجم الغزي الشافعي أنه من الكبائر وإن كان صادقا ولا شهود له عليه ولو من الوالد لولده أو لولد ولده وإن لم يحد به بل يعزر ولو لغير محصن ، وشرط الفقهاء الإحصان إنما هو لوجوب الحد لا لكونه كبيرة . وقد روى الطبراني عن واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار } " . ثم من المعلوم ضرورة أن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها كفر سواء كان سرا أو جهرا ، وكذا القول في مريم ، وكذا الرمي باللواطة ا هـ أي إنه من الكبائر أيضا وسيأتي بيان حكمه في باب التعزير




الخدمات العلمية