الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ولا يجوز بيع تراب الصاغة و ) تراب ( المعدن بشيء من جنسه ) فتراب معدن الذهب وصياغته لا يجوز بيعه بذهب للجهل بالتساوي ويجوز بفضة وتراب معدن للفضة وصياغتها لا يجوز بيعه بفضة كذلك ويجوز بيعه بذهب لا يؤثر استتار المقصود بالتراب في المعدن لأنه بأصل الخلقة ، فهو كالرمان ونحوه وتراب الصاغة بالحمل عليه ( والحيل التي تحرم حلالا أو تحلل حراما ) أي التي يتوسل بها إلى ذلك ( كلها محرمة لا تجوز في شيء من الدين ) لقوله صلى الله عليه وسلم { من أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار ومن أدخل فرسا بين فرسين لا يأمن أن يسبق فليس بقمار } رواه أبو داود وغيره فجعله قمارا مع إدخال الفرس الثالث لكونه لا يمنع معنى القمار وهو كون كل واحد من [ ص: 273 ] المتسابقين لا ينفك عن كونه آخذا ومأخوذا منه وإنما دخل صورة ، تحيلا على إباحة المحرم وسائر الحيل مثل ذلك ولأن الله تعالى إنما حرم المحرمات لمفسدتها والضرر الحاصل منها ولا يزول ذلك مع بقاء معناها .

                                                                                                                      وأما حديث خيبر المشهور وهو { بع الجمع - أي التمر الرديء - بالدراهم ثم أشتر بها جيدا } فإنما أمرهم بذلك لأنهم كانوا يبيعون الصاعين من الرديء بالصاع من الجيد فعلمهم صلى الله عليه وسلم الحيلة المانعة من الربا لأن القصد هنا بالذات تحصيل أحد النوعين دون الزيادة فإن قصدت حرمت الحيلة جمعا بين الإخبار فعلم أن كل ما قصد التوصل إليه من حيث ذاته لا من حيث كونه حراما جاز وإلا حرم .

                                                                                                                      ( وهي ) أي الحيلة ( أن يظهر عقدا ) ظاهره الإباحة ( يريد به محرما مخادعة ، وتوصلا إلى فعل ما حرم الله ) تعالى من الربا ونحوه ( أو ) إلى ( إسقاط واجب ) لله تعالى أو لآدمي ، كهبة ماله قرب الحول لإسقاط الزكاة أو لإسقاط نفقة واجبة ( أو ) إلى ( دفع حق ) عليه من نحو دين ( فمنها ) أي الحيل :

                                                                                                                      ( لو أقرضه شيئا وباعه سلعة بأكثر من قيمتها أو اشترى ) المقرض ( منه ) أي من المقترض ( سلعة بأقل من قيمتها توسلا إلى أخذ عوض عن القرض ، ومنها ) أي الحيل ( أن يستأجر أرض البستان بأمثال أجرتها ثم يساقيه على ثمر شجره بجزء من ألف جزء للمالك ) أو لجهة الوقف ( والباقي ) من الثمر ( للعامل ولا يأخذ منه المالك شيئا ) ولا الناظر منه شيئا .

                                                                                                                      ( ولا يريدان ذلك وإنما قصده ) ما ( بيع الثمرة قبل وجودها ) أو بدو صلاحها ( بما سمياه أجرة والعامل لا يقصد سوى ذلك وربما لا ينتفع بالأرض التي سمى الأجرة في مقابلتها ) بل قد تكون الأرض لا تصلح للزرع بالكلية ( وقد ذكر ابن القيم ) في ( كتابه ) إعلام الموقعين من ذلك صورا كثيرة جدا يطول ذكرها ( فلتعاود ) لعموم الحاجة إليها .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية