[ ص: 4 ] فرع
nindex.php?page=treesubj&link=3310_3311الاستطاعة نوعان : استطاعة مباشرة بنفسه ، واستطاعة تحصيله بغيره . فالأولى تتعلق بخمسة أمور : الراحلة ، والزاد ، والطريق ، والبدن ، وإمكان السير .
فالأول :
nindex.php?page=treesubj&link=3318الراحلة . والناس فيها قسمان . أحدهما : من بينه وبين
مكة مسافة القصر ، فلا يلزمه الحج إلا إذا وجد راحلة ، سواء قدر على المشي أم لا ، لكن يستحب للقادر الحج .
nindex.php?page=treesubj&link=3350_3351_3349وهل الحج راكبا أفضل أم ماشيا ؟ فيه قولان سنوضحهما في كتاب النذر إن شاء الله تعالى .
قلت : المذهب : أن الركوب أفضل ؛ اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأنه أعون له على المحافظة على مهمات العبادة . - والله أعلم - .
ثم إن كان يستمسك على الراحلة من غير محمل ، ولا يلحقه مشقة شديدة ، لم يعتبر في حقه إلا وجدان الراحلة ، وإلا فيعتبر معها وجدان المحمل . قال في الشامل : ولو لحقه مشقة عظيمة في ركوب المحمل ، اعتبر في حقه الكنيسة . وذكر
المحاملي وغيره من العراقيين : أن المرأة يعتبر في حقها المحمل وأطلقوا ؛ لأنه أستر لها . ثم العادة جارية بركوب اثنين في المحمل ، فإذا وجد مؤنة محمل ، أو شق محمل ، ووجد شريكا يركب في الشق الآخر ، لزمه الحج . وإن لم يجد الشريك فلا يلزمه ، سواء وجد مؤنة المحمل أو الشق ، كذا قاله في الوسيط وكان لا يبعد تخريجه على الخلاف في لزوم أجرة البذرقة . وفي كلام الإمام إشارة إليه .
[ ص: 5 ] القسم الثاني : من
nindex.php?page=treesubj&link=3348_3351ليس بينه وبين مكة مسافة القصر . فإن كان قويا على المشي لزمه الحج ، ولا تعتبر الراحلة ، وإن كان ضعيفا لا يقوى للمشي ، أو يناله به ضرر ظاهر ، اشترطت الراحلة والمحمل أيضا إن لم يمكنه الركوب بدونه . ولنا وجه : أن القريب كالبعيد منه مطلقا ، وهو شاذ منكر ، ولا يؤمر بالزحف بحال ، وإن أمكنه .
قلت : وحكى
الدارمي وجها ضعيفا عن حكاية
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان : أنه يلزمه الحبو . - والله أعلم - . وحيث اعتبرنا وجود الراحلة والمحمل فالمراد أن يملكهما أو يتمكن من تملكهما أو استئجارهما بثمن المثل ، أو أجرة المثل ، ويشترط أن يكون ما يصرفه فيهما من المال فاضلا عما يشترط كون الزاد فاضلا عنه ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
الأمر الثاني : الزاد .
nindex.php?page=treesubj&link=3318فيشترط لوجوب الحج أن يجد الزاد وأوعيته ، وما يحتاج إليه في السفر . فإن كان له أهل ، أو عشيرة ، اشترط ذلك لذهابه ورجوعه ، وإن لم يكونوا ، فكذلك على الأصح .
وعلى الثاني : لا يشترط للرجوع .
ويجري الوجهان في اشتراط الراحلة للرجوع ، وهل يخص الوجهان بما إذا لم يملك ببلده مسكنا ، أم لا ؟
فيه احتمالان للإمام أصحهما عنده : التخصيص . وحكى
الحناطي وجها : أنه لا يشترط للرجوع في حق من له عشيرة وأهل . وهذا شاذ منكر ، وليس المعارف والأصدقاء كالعشيرة ، لأن الاستبدال بهم متيسر .
[ ص: 6 ] فرع
nindex.php?page=treesubj&link=3331يشترط كون الزاد والراحلة فاضلا عن نفقة من لزمه نفقتهم ، وكسوتهم مدة ذهابه ورجوعه . وفي اشتراط كونهما فاضلين عن مسكن وخادم يحتاج إلى خدمته ، لزمانته أو منصبه وجهان . أصحهما عند الأكثرين : يشترط كما يشترط في الكفارة ، وكدست ثوب يليق بمنصبه ، وعلى هذا لو كان معه نقد جاز صرفه إليهما . وهذا فيما إذا كانت الدار مستغرقة بحاجته ، وكانت سكنى مثله ، والعبد عبد مثله . فأما إذا أمكن بيع بعض الدار ووفى ثمنه بمؤنة الحج ، أو كانا نفيسين لا يليقان بمثله ، ولو أبدلهما لوفى التفاوت بمؤنة الحج ، فإنه يلزمه ذلك . هكذا أطلقوه هنا . لكن في بيع الدار والعبد النفيسين المألوفين في الكفارة وجهان . ولا بد من جريانهما هنا .
قلت : ليس جريانهما بلازم ، والفرق ظاهر ، فإن للكفارة بدلا ؛ ولهذا اتفقوا على ترك الخادم والمسكن في الكفارة ، واختلفوا فيهما هنا . - والله أعلم - .
فرع
لو كان
nindex.php?page=treesubj&link=3331_3318له رأس مال يتجر فيه وينفق من ربحه ولو نقص بطلت تجارته ، أو كانت له مستغلات يحصل منها نفقته ، فهل يكلف بيعها ؟ وجهان : أصحهما : يكلف ، كما يكلف بيعها في الدين ، ويخالف المسكن والخادم ، فإنه محتاج إليهما في الحال ، وما نحن فيه يتخذه ذخيرة .
[ ص: 7 ] فرع
لو
nindex.php?page=treesubj&link=3334ملك فاضلا عن الوجوه المذكورة ، واحتاج إلى النكاح لخوفه العنت ، فصرف المال إلى النكاح أهم من صرفه إلى الحج .
هذه عبارة الجمهور . وعللوه بأن حاجة النكاح ناجزة ، والحج على التراخي . والسابق إلى الفهم منه : أنه لا يجب الحج والحالة هذه ، ويصرف ما معه في النكاح . وقد صرح الإمام بهذا ، ولكن كثيرا من العراقيين وغيرهم قالوا : يجب الحج على من أراد التزوج ، لكن له أن يؤخره لوجوبه على التراخي . ثم إن لم يخف العنت ، فتقديم الحج أفضل ، وإلا فالنكاح أفضل .
قلت : هذا الذي نقله عن كثير من العراقيين وغيرهم هو الصحيح في المذهب ، وبه قطع الأكثرون . وقد بينت ذلك واضحا في شرح " المهذب " . - والله أعلم - .
فرع
لو
nindex.php?page=treesubj&link=3331لم يجد ما يصرفه إلى الزاد ، لكنه كسوب يكسب ما يكفيه ، ووجد نفقة أهله ، فهل يلزمه الحج تعويلا على الكسب ؟ حكى الإمام عن أصحابنا العراقيين : أنه إن كان السفر طويلا أو قصيرا ، ولا يكسب في كل يوم إلا كفاية يومه ، لم يلزمه ؛ لأنه ينقطع عن الكسب في أيام الحج . وإن كان السفر قصيرا ، ويكسب في يوم كفاية أيام ، لزمه الخروج . قال الإمام : وفيه احتمال ، فإن القدرة على الكسب في يوم الفطر لا تجعل كملك الصاع .
[ ص: 8 ] فرع
ويعتبر أن
nindex.php?page=treesubj&link=3328يكون ماله مع ما ذكرنا فاضلا عن قضاء دين عليه ، مؤجلا كان أم حالا .
وفيه وجه :
أنه إذا كان الأجل بحيث ينقضي بعد رجوعه من الحج لزمه ، وهو شاذ ضعيف . ولو كان ماله دينا يتيسر تحصيله في الحال ، بأن كان حالا على ملئ مقر ، أو عليه بينة فهو كالحاصل في يده . وإن لم يتيسر بأن كان مؤجلا أو على معسر ، أو جاحد لا بينة عليه ، فكالمعدوم .
الأمر الثالث : الطريق .
nindex.php?page=treesubj&link=3352فيشترط فيه الأمن في ثلاثة أشياء : النفس ، والبضع ، والمال . قال الإمام : وليس الأمن المطلوب قطعيا ، ولا يشترط الأمن الغالب في الحضر بل الأمن في كل مكان بحسب ما يليق به . فأحد الأشياء الثلاثة ، النفس . فمن
nindex.php?page=treesubj&link=3352خاف على نفسه من سبع ، أو عدو ، لم يلزمه الحج ، إن لم يجد طريقا آخر آمنا . فإن وجده لزمه سواء كان مثل مسافة طريقه أو أبعد ، إذا وجد ما يقطعه به . وفيه وجه شاذ : أنه لا يلزمه سلوك الأبعد .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3338كان في الطريق بحر ، فإن كان في البر طريق أيضا ، لزمه الحج قطعا ، وإلا فالمذهب : أنه إن كان الغالب منه الهلاك إما لخصوص ذلك البحر ، وإما لهيجان الأمواج لم يجب . وإن غلبت السلامة وجب . وإن استويا فوجهان .
قلت : أصحهما : لا يجب . - والله أعلم - . وقيل : يجب مطلقا . وقيل : لا يجب . وقيل : قولان . وقيل : إن كانت عادته ركوبه وجب ، وإلا فلا . وإذا قلنا : لا يجب استحب على الأصح
[ ص: 9 ] إن غلبت السلامة . وإن غلب الهلاك حرم . وإن استويا ، ففي التحريم وجهان .
قلت : أصحهما : التحريم ، وبه قطع
الشيخ أبو محمد . - والله أعلم - . ولو توسط البحر وقلنا : لا يجب ركوبه فهل يلزمه التمادي أم يجوز له الرجوع ؟ نظر إن كان ما بين يديه أكثر ، فله الرجوع قطعا ، وإن كان أقل لزمه التمادي قطعا . وإن استويا ، فوجهان . وقيل : قولان . أصحهما : يلزمه التمادي . والوجهان فيما إذا كان له في الرجوع طريق غير البحر . فإن لم يكن فله الرجوع قطعا ؛ لئلا يتحمل زيادة الأخطار . هذا كله في الرجل . فأما المرأة ، ففيها خلاف مرتب وأولى بعدم الوجوب لضعفها عن احتمال الأهوال ، ولكونها عورة معرضة للانكشاف وغيره لضيق المكان . فإن لم نوجب عليها ، لم يستحب لها . وقيل بطرد الخلاف . وليست الأنهار العظيمة كجيحون في حكم البحر ؛ لأن المقام فيها لا يطول ، والخطر فيها لا يعظم . وفي وجه شاذ : أنها كالبحر . وأما البضع
nindex.php?page=treesubj&link=3359فلا يجب على المرأة الحج حتى تأمن على نفسها بزوج ، أو محرم بنسب أو بغير نسب ، أو نسوة ثقات . وهل يشترط أن يكون مع إحداهن محرم ؟
وجهان . أصحهما : لا ؛ لأن الأطماع تنقطع بجماعتهن . فإن لم يكن أحد هذه الثلاثة لم يلزمها الحج على المذهب . وفي قول : يلزمها إذا وجدت امرأة واحدة . وفي قول اختاره جماعة ، ونقله
الكرابيسي : أنه يلزمها أن تخرج وحدها إذا كان الطريق مسلوكا ، كما يلزمها الخروج إذا أسلمت في دار الحرب إلى دار الإسلام وحدها . وجواب المذهب عن هذا أن الخوف في دار الحرب أكثر من الطريق .
هذا في حج الفرض ، وهل لها الخروج إلى سائر الأسفار مع النساء الخلص ؟ فيه وجهان . الأصح : لا يجوز .
أما المال ، فلو
nindex.php?page=treesubj&link=3352خاف على ماله في الطريق من عدو أو رصدي ، لم يجب الحج وإن كان الرصدي يرضى بشيء يسير ، إذا تعين ذلك الطريق ، وسواء
[ ص: 10 ] كان الذي يخافه مسلمين أو كفارا . لكن إذا كانوا كفارا وأطاقوا مقاومتهم ، يستحب لهم الخروج للحج ، ويقاتلونهم لينالوا الحج والجهاد جميعا ، وإن كانوا مسلمين لم يستحب الخروج والقتال . ويكره بذل المال للرصديين ؛ لأنهم يحرصون على التعرض للناس بسبب ذلك .
ولو بعثوا بأمان الحجيج ، وكان أمانهم موثوقا ، أو ضمن لهم ما يطلبونه ، وأمن الحجيج لزمهم الحج . ولو وجدوا من يخفرهم بأجرة ويغلب على الظن أمنهم به ففي لزوم استئجاره وجهان .
قال الإمام : أصحهما : لزومه ؛ لأنه من أهب الطريق كالراحلة . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3373امتنع محرم المرأة من الخروج معها إلا بأجرة ، قال الإمام : فهو مرتب على أجرة الخفير ، واللزوم في المحرم أظهر ؛ لأن الداعي إلى الأجرة معني في المرأة ، فأشبه مؤنة المحمل في حق المحتاج إليه .
فرع
يشترط لوجوب الحج
nindex.php?page=treesubj&link=3318وجود الزاد والماء في المواضع التي جرت العادة بحمل الزاد والماء منها . فإن كانت سنة جدب ، وخلا بعض تلك المنازل من أهلها ، أو انقطعت المياه ، لم يجب الحج . وكذا لو
nindex.php?page=treesubj&link=3318كان يجد فيها الزاد والماء ، لكن بأكثر من ثمن المثل ، وهو القدر اللائق في ذلك الزمان والمكان . وإن وجدهما بثمن المثل لزم التحصيل ، سواء كانت الأسعار رخيصة أو غالية إذا وفى ماله به . ويجب حملها بقدر ما جرت العادة به في طريق
مكة زادها الله تعالى شرفا ، كحمل الزاد من
الكوفة إلى
مكة ، وحمل الماء من مرحلتين أو ثلاث إذا قدر عليه ، ووجد آلات الحمل .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=3318علف الدابة ، فيشترط وجوده في كل مرحلة ؛ لأن المؤنة تعظم بحمله لكثرته . ذكره صاحبا " التهذيب " و " التتمة " وغيرهما .
قلت : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=3318_3352ظن كون الطريق فيه مانع من عدو ، أو عدم ماء ، أو علف ، أو غير ذلك ، فترك الحج ، ثم بان أن لا مانع ، فقد لزمه الحج . صرح به
الدارمي .
[ ص: 11 ] ولو لم يعلم وجود المانع ولا عدمه ، قال
الدارمي : إن كان هناك أصل عمل عليه ، وإلا وجب الحج . - والله أعلم - .
فرع
قال صاحب " التهذيب " وغيره :
nindex.php?page=treesubj&link=3352يشترط أن يجد رفقة يخرج معهم في الوقت الذي جرت عادة أهل بلده بالخروج فيه . فإن خرجوا قبله ، لم يلزمه الخروج معهم . وإن أخروا الخروج بحيث لا يبلغون إلا بأن يقطعوا في كل يوم أكثر من مرحلة لم يلزمه أيضا . فإن كانت الطريق بحيث لا يخاف الواحد فيها ، لزمه ولا حاجة إلى الرفقة .
الأمر الرابع : البدن .
ويشترط فيه لاستطاعة المباشرة قوة يستمسك بها على الراحلة . والمراد :
nindex.php?page=treesubj&link=3354أن يثبت على الراحلة بلا مشقة شديدة ، فإن وجد مشقة شديدة لمرض أو غيره ، فليس مستطيعا .
nindex.php?page=treesubj&link=3355والأعمى إذا وجد مع الزاد والراحلة قائدا لزمه الحج بنفسه . والقائد له كالمحرم للمرأة .
nindex.php?page=treesubj&link=27740_14650والمحجور عليه لسفه كغيره في وجوب الحج عليه ، لكن لا يدفع المال إليه ، بل يصحبه الولي لينفق عليه في الطريق بالمعروف ، أو ينصب قيما ينفق عليه من مال السفيه .
قال في " التهذيب " : وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=27740_14650شرع السفيه في حج الفرض ، أو حج نذره قبل الحجر بغير إذن الولي ، لم يكن للولي تحليله ، بل يلزمه الإنفاق عليه من مال السفيه إلى فراغه . ولو شرع في حج تطوع ، ثم حجر عليه ، فكذلك . ولو شرع فيه بعد الحجر ، فللولي تحليله إن كان ما يحتاج إليه للحج يزيد على نفقته المعهودة ، ولم يكن له كسب . فإن لم يزد ، أو كان له كسب يفي مع قدر النفقة المعهودة وجب إتمامه ، ولم يكن للولي تحليله .
[ ص: 12 ] الأمر الخامس :
nindex.php?page=treesubj&link=3353إمكان السير
وهو أن يبقى من الزمان عند وجود الزاد والراحلة ، ما يمكن السير فيه إلى الحج السير المعهود . فإن احتاج إلى أن يقطع في كل يوم أو في بعض الأيام أكثر من مرحلة ، لم يلزمه الحج . وهذا الأمر شرطه الأئمة في وجوب الحج ، وقد أهمله
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي .
قلت : أنكر الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو بن الصلاح على الإمام
الرافعي - رحمهما الله - اعتراضه على
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، وجعله إمكان السير ركنا لوجوب الحج ، وقال : إنما هو شرط استقرار الحج في ذمته ، ليجب قضاؤه من تركته لو مات قبل الحج ، وليس شرطا لأصل وجوب الحج . بل متى وجدت الاستطاعة من مسلم مكلف حر ، لزمه الحج في الحال ، كالصلاة تجب بأول الوقت قبل مضي زمن يسعها . ثم استقرارها في الذمة يتوقف على مضي الزمان والتمكن من فعلهما . والصواب : ما قاله
الرافعي ، وقد نص عليه الأصحاب كما نقل ؛ لأن الله تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) [ آل عمران : 97 ] وهذا غير مستطيع ، فلا حج عليه . وكيف يكون مستطيعا وهو عاجز حسا ؟ ! وأما الصلاة ، فإنما تجب في أول الوقت لإمكان تتميمها . - والله أعلم - .
[ ص: 4 ] فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=3310_3311الِاسْتِطَاعَةُ نَوْعَانِ : اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ بِنَفْسِهِ ، وَاسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِهِ . فَالْأُولَى تَتَعَلَّقُ بِخَمْسَةِ أُمُورٍ : الرَّاحِلَةُ ، وَالزَّادُ ، وَالطَّرِيقُ ، وَالْبَدَنُ ، وَإِمْكَانُ السَّيْرِ .
فَالْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3318الرَّاحِلَةُ . وَالنَّاسُ فِيهَا قِسْمَانِ . أَحَدُهُمَا : مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ إِلَّا إِذَا وَجَدَ رَاحِلَةً ، سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ أَمْ لَا ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَادِرِ الْحَجُّ .
nindex.php?page=treesubj&link=3350_3351_3349وَهَلِ الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ أَمْ مَاشِيًا ؟ فِيهِ قَوْلَانِ سَنُوَضِّحُهُمَا فِي كِتَابِ النَّذْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قُلْتُ : الْمَذْهَبُ : أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ ؛ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى مُهِمَّاتِ الْعِبَادَةِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
ثُمَّ إِنْ كَانَ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ غَيْرِ مَحْمِلٍ ، وَلَا يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ ، لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقِّهِ إِلَّا وِجْدَانُ الرَّاحِلَةِ ، وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ مَعَهَا وِجْدَانُ الْمَحْمِلِ . قَالَ فِي الشَّامِلِ : وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي رُكُوبِ الْمَحْمِلِ ، اعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ الْكَنِيسَةُ . وَذَكَرَ
الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ : أَنَّ الْمَرْأَةَ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهَا الْمَحْمِلُ وَأَطْلَقُوا ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا . ثُمَّ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِرُكُوبِ اثْنَيْنِ فِي الْمَحْمِلِ ، فَإِذَا وَجَدَ مُؤْنَةَ مَحْمِلٍ ، أَوْ شِقِّ مَحْمِلٍ ، وَوَجَدَ شَرِيكًا يَرْكَبُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ ، لَزِمَهُ الْحَجُّ . وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الشَّرِيكَ فَلَا يَلْزَمُهُ ، سَوَاءٌ وَجَدَ مُؤْنَةَ الْمَحْمِلِ أَوِ الشِّقِّ ، كَذَا قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَكَانَ لَا يَبْعُدُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي لُزُومِ أُجْرَةِ الْبَذْرَقَةِ . وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إِشَارَةٌ إِلَيْهِ .
[ ص: 5 ] الْقِسْمُ الثَّانِي : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3348_3351لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ . فَإِنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى الْمَشْيِ لَزِمَهُ الْحَجُّ ، وَلَا تُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يَقْوَى لِلْمَشْيِ ، أَوْ يَنَالُهُ بِهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ ، اشْتُرِطَتِ الرَّاحِلَةُ وَالْمَحْمِلُ أَيْضًا إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّكُوبُ بِدُونِهِ . وَلَنَا وَجْهٌ : أَنَّ الْقَرِيبَ كَالْبَعِيدِ مِنْهُ مُطْلَقًا ، وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالزَّحْفِ بِحَالٍ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ .
قُلْتُ : وَحَكَى
الدَّارِمِيُّ وَجْهًا ضَعِيفًا عَنْ حِكَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابْنِ الْقَطَّانِ : أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحَبْوُ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - . وَحَيْثُ اعْتَبَرْنَا وُجُودَ الرَّاحِلَةِ وَالْمَحْمِلِ فَالْمُرَادُ أَنْ يَمْلِكَهُمَا أَوْ يَتَمَكَّنَ مِنْ تَمَلُّكِهِمَا أَوِ اسْتِئْجَارِهِمَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ ، أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يَصْرِفُهُ فِيهِمَا مِنَ الْمَالِ فَاضِلًا عَمَّا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّادِ فَاضِلًا عَنْهُ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
الْأَمْرُ الثَّانِي : الزَّادُ .
nindex.php?page=treesubj&link=3318فَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ أَنْ يَجِدَ الزَّادَ وَأَوْعِيَتَهُ ، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي السَّفَرِ . فَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ ، أَوْ عَشِيرَةٌ ، اشْتُرِطَ ذَلِكَ لِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَعَلَى الثَّانِي : لَا يُشْتَرَطُ لِلرُّجُوعِ .
وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي اشْتِرَاطِ الرَّاحِلَةِ لِلرُّجُوعِ ، وَهَلْ يُخَصُّ الْوَجْهَانِ بِمَا إِذَا لَمْ يَمْلِكْ بِبَلَدِهِ مَسْكَنًا ، أَمْ لَا ؟
فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَهُ : التَّخْصِيصُ . وَحَكَى
الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا : أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلرُّجُوعِ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ وَأَهْلٌ . وَهَذَا شَاذٌّ مُنْكَرٌ ، وَلَيْسَ الْمَعَارِفُ وَالْأَصْدِقَاءُ كَالْعَشِيرَةِ ، لِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ بِهِمْ مُتَيَسِّرٌ .
[ ص: 6 ] فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=3331يُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ مَنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمْ ، وَكُسْوَتُهُمْ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ . وَفِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِمَا فَاضِلَيْنِ عَنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إِلَى خِدْمَتِهِ ، لِزَمَانَتِهِ أَوْ مَنْصِبِهِ وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ : يُشْتَرَطُ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَّارَةِ ، وَكَدِسْتِ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ نَقْدٌ جَازَ صَرْفُهُ إِلَيْهِمَا . وَهَذَا فِيمَا إِذَا كَانَتِ الدَّارُ مُسْتَغْرِقَةً بِحَاجَتِهِ ، وَكَانَتْ سُكْنَى مِثْلِهِ ، وَالْعَبْدُ عَبْدٌ مِثْلُهُ . فَأَمَّا إِذَا أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ وَوَفَّى ثَمَنُهُ بِمُؤْنَةِ الْحَجِّ ، أَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ لَا يَلِيقَانِ بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ أَبْدَلَهُمَا لَوَفَّى التَّفَاوُتُ بِمُؤْنَةِ الْحَجِّ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ . هَكَذَا أَطْلَقُوهُ هُنَا . لَكِنْ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ النَّفِيسَيْنِ الْمَأْلُوفَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ . وَلَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِهِمَا هُنَا .
قُلْتُ : لَيْسَ جَرَيَانُهُمَا بِلَازِمٍ ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ، فَإِنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا ؛ وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ فِي الْكَفَّارَةِ ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِمَا هُنَا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=3331_3318لَهُ رَأْسُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ وَيُنْفِقُ مِنْ رِبْحِهِ وَلَوْ نَقَصَ بَطَلَتْ تِجَارَتُهُ ، أَوْ كَانَتْ لَهُ مُسْتَغَلَّاتٌ يُحَصِّلُ مِنْهَا نَفَقَتَهُ ، فَهَلْ يُكَلَّفُ بَيْعَهَا ؟ وَجْهَانِ : أَصَحُّهُمَا : يُكَلَّفُ ، كَمَا يُكَلَّفُ بَيْعَهَا فِي الدَّيْنِ ، وَيُخَالِفُ الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ ، فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا فِي الْحَالِ ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ يَتَّخِذُهُ ذَخِيرَةً .
[ ص: 7 ] فَرْعٌ
لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3334مَلَكَ فَاضِلًا عَنِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ ، وَاحْتَاجَ إِلَى النِّكَاحِ لِخَوْفِهِ الْعَنَتَ ، فَصَرْفُ الْمَالِ إِلَى النِّكَاحِ أَهَمُّ مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْحَجِّ .
هَذِهِ عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ . وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ نَاجِزَةٌ ، وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي . وَالسَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْهُ : أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَجُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ، وَيَصْرِفُ مَا مَعَهُ فِي النِّكَاحِ . وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِهَذَا ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا : يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ أَرَادَ التَّزَوُّجَ ، لَكِنْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لِوُجُوبِهِ عَلَى التَّرَاخِي . ثُمَّ إِنْ لَمْ يَخَفِ الْعَنَتَ ، فَتَقْدِيمُ الْحَجِّ أَفْضَلُ ، وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ .
قُلْتُ : هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ . وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي شَرْحِ " الْمُهَذَّبِ " . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَرْعٌ
لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3331لَمْ يَجِدْ مَا يَصْرِفُهُ إِلَى الزَّادِ ، لَكِنَّهُ كَسُوبٌ يَكْسِبُ مَا يَكْفِيهِ ، وَوَجَدَ نَفَقَةَ أَهْلِهِ ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ تَعْوِيلًا عَلَى الْكَسْبِ ؟ حَكَى الْإِمَامُ عَنْ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ : أَنَّهُ إِنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا ، وَلَا يَكْسِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَّا كِفَايَةَ يَوْمِهِ ، لَمْ يَلْزَمْهُ ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنِ الْكَسْبِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ . وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا ، وَيَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ ، لَزِمَهُ الْخُرُوجُ . قَالَ الْإِمَامُ : وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ لَا تُجْعَلُ كَمِلْكِ الصَّاعِ .
[ ص: 8 ] فَرْعٌ
وَيُعْتَبَرُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3328يَكُونَ مَالُهُ مَعَ مَا ذَكَرْنَا فَاضِلًا عَنْ قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ ، مُؤَجَّلًا كَانَ أَمْ حَالًّا .
وَفِيهِ وَجْهٌ :
أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَجَلُ بِحَيْثُ يَنْقَضِي بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْحَجِّ لَزِمَهُ ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ . وَلَوْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا يَتَيَسَّرُ تَحْصِيلُهُ فِي الْحَالِ ، بِأَنْ كَانَ حَالًّا عَلَى مَلِئِ مُقِرٍّ ، أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَهُوَ كَالْحَاصِلِ فِي يَدِهِ . وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ ، أَوْ جَاحِدٍ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ ، فَكَالْمَعْدُومِ .
الْأَمْرُ الثَّالِثُ : الطَّرِيقُ .
nindex.php?page=treesubj&link=3352فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمْنُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : النَّفْسُ ، وَالْبِضْعُ ، وَالْمَالُ . قَالَ الْإِمَامُ : وَلَيْسَ الْأَمْنُ الْمَطْلُوبُ قَطْعِيًّا ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ الْغَالِبُ فِي الْحَضَرِ بَلِ الْأَمْنُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ . فَأَحَدُ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ ، النَّفْسُ . فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3352خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سَبُعٍ ، أَوْ عَدُوٍّ ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ ، إِنْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ آمِنًا . فَإِنْ وَجَدَهُ لَزِمَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ مَسَافَةِ طَرِيقِهِ أَوْ أَبْعَدَ ، إِذَا وَجَدَ مَا يَقْطَعُهُ بِهِ . وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُ الْأَبْعَدِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3338كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ ، فَإِنْ كَانَ فِي الْبَرِّ طَرِيقٌ أَيْضًا ، لَزِمَهُ الْحَجُّ قَطْعًا ، وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ : أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكَ إِمَّا لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْبَحْرِ ، وَإِمَّا لِهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ لَمْ يَجِبْ . وَإِنْ غَلَبَتِ السَّلَامَةُ وَجَبَ . وَإِنِ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ .
قُلْتُ : أَصَحُّهُمَا : لَا يَجِبُ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - . وَقِيلَ : يَجِبُ مُطْلَقًا . وَقِيلَ : لَا يَجِبُ . وَقِيلَ : قَوْلَانِ . وَقِيلَ : إِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ رُكُوبَهُ وَجَبَ ، وَإِلَّا فَلَا . وَإِذَا قُلْنَا : لَا يَجِبُ اسْتُحِبَّ عَلَى الْأَصَحِّ
[ ص: 9 ] إِنْ غَلَبَتِ السَّلَامَةُ . وَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ حَرُمَ . وَإِنِ اسْتَوَيَا ، فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ .
قُلْتُ : أَصَحُّهُمَا : التَّحْرِيمُ ، وَبِهِ قَطَعَ
الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - . وَلَوْ تَوَسَّطَ الْبَحْرَ وَقُلْنَا : لَا يَجِبُ رُكُوبُهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّمَادِي أَمْ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ ؟ نُظِرَ إِنْ كَانَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرَ ، فَلَهُ الرُّجُوعُ قَطْعًا ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَزِمَهُ التَّمَادِي قَطْعًا . وَإِنِ اسْتَوَيَا ، فَوَجْهَانِ . وَقِيلَ : قَوْلَانِ . أَصَحُّهُمَا : يَلْزَمُهُ التَّمَادِي . وَالْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ طَرِيقٌ غَيْرُ الْبَحْرِ . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَطْعًا ؛ لِئَلَّا يَتَحَمَّلَ زِيَادَةَ الْأَخْطَارِ . هَذَا كُلُّهُ فِي الرَّجُلِ . فَأَمَّا الْمَرْأَةُ ، فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِضَعْفِهَا عَنِ احْتِمَالِ الْأَهْوَالِ ، وَلِكَوْنِهَا عَوْرَةً مُعَرَّضَةً لِلِانْكِشَافِ وَغَيْرِهِ لِضِيقِ الْمَكَانِ . فَإِنْ لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهَا ، لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهَا . وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ . وَلَيْسَتِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَجَيْحُونَ فِي حُكْمِ الْبَحْرِ ؛ لِأَنَّ الْمُقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ ، وَالْخَطَرَ فِيهَا لَا يَعْظُمُ . وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ : أَنَّهَا كَالْبَحْرِ . وَأَمَّا الْبِضْعُ
nindex.php?page=treesubj&link=3359فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَجُّ حَتَّى تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا بِزَوْجٍ ، أَوْ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ بِغَيْرِ نَسَبٍ ، أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ . وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعَ إِحْدَاهُنَّ مَحْرَمٌ ؟
وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : لَا ؛ لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ تَنْقَطِعُ بِجَمَاعَتِهِنَّ . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْحَجُّ عَلَى الْمَذْهَبِ . وَفِي قَوْلٍ : يَلْزَمُهَا إِذَا وَجَدَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً . وَفِي قَوْلٍ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَنَقَلَهُ
الْكَرَابِيسِيُّ : أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَخْرُجَ وَحْدَهَا إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَسْلُوكًا ، كَمَا يَلْزَمُهَا الْخُرُوجُ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَحْدَهَا . وَجَوَابُ الْمَذْهَبِ عَنْ هَذَا أَنَّ الْخَوْفَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَكْثَرُ مِنَ الطَّرِيقِ .
هَذَا فِي حَجِّ الْفَرْضِ ، وَهَلْ لَهَا الْخُرُوجُ إِلَى سَائِرِ الْأَسْفَارِ مَعَ النِّسَاءِ الْخُلَّصِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ . الْأَصَحُّ : لَا يَجُوزُ .
أَمَّا الْمَالُ ، فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3352خَافَ عَلَى مَالِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ رَصَدِيٍّ ، لَمْ يَجِبِ الْحَجُّ وَإِنْ كَانَ الرَّصَدِيُّ يَرْضَى بِشَيْءٍ يَسِيرٍ ، إِذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ ، وَسَوَاءٌ
[ ص: 10 ] كَانَ الَّذِي يَخَافُهُ مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا . لَكِنْ إِذَا كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقُوا مُقَاوَمَتَهُمْ ، يُسْتَحَبُّ لَهُمُ الْخُرُوجُ لِلْحَجِّ ، وَيُقَاتِلُونَهُمْ لِيَنَالُوا الْحَجَّ وَالْجِهَادَ جَمِيعًا ، وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يُسْتَحَبَّ الْخُرُوجُ وَالْقِتَالُ . وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصْدِيِّينَ ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ .
وَلَوْ بَعَثُوا بِأَمَانِ الْحَجِيجِ ، وَكَانَ أَمَانُهُمْ مَوْثُوقًا ، أَوْ ضُمِنَ لَهُمْ مَا يَطْلُبُونَهُ ، وَأَمِنَ الْحَجِيجُ لَزِمَهُمُ الْحَجُّ . وَلَوْ وَجَدُوا مَنْ يَخْفُرُهُمْ بِأُجْرَةٍ وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَمْنُهُمْ بِهِ فَفِي لُزُومِ اسْتِئْجَارِهِ وَجْهَانِ .
قَالَ الْإِمَامُ : أَصَحُّهُمَا : لُزُومُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُهَبِ الطَّرِيقِ كَالرَّاحِلَةِ . وَلَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=3373امْتَنَعَ مَحْرَمُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهَا إِلَّا بِأُجْرَةٍ ، قَالَ الْإِمَامُ : فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى أُجْرَةِ الْخَفِيرِ ، وَاللُّزُومُ فِي الْمَحْرِمِ أَظْهَرُ ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى الْأُجْرَةِ مَعْنِيٌّ فِي الْمَرْأَةِ ، فَأَشْبَهَ مُؤْنَةَ الْمَحْمِلِ فِي حَقِّ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ .
فَرْعٌ
يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ
nindex.php?page=treesubj&link=3318وُجُودُ الزَّادِ وَالْمَاءِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِحَمْلِ الزَّادِ وَالْمَاءِ مِنْهَا . فَإِنْ كَانَتْ سَنَةَ جَدْبٍ ، وَخَلَا بَعْضُ تِلْكَ الْمَنَازِلِ مِنْ أَهْلِهَا ، أَوِ انْقَطَعَتِ الْمِيَاهُ ، لَمْ يَجِبِ الْحَجُّ . وَكَذَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3318كَانَ يَجِدُ فِيهَا الزَّادَ وَالْمَاءَ ، لَكِنْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ . وَإِنْ وَجَدَهُمَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَزِمَ التَّحْصِيلُ ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْأَسْعَارُ رَخِيصَةً أَوْ غَالِيَةً إِذَا وَفَّى مَالُهُ بِهِ . وَيَجِبُ حَمْلُهَا بِقَدْرِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ فِي طَرِيقِ
مَكَّةَ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا ، كَحَمْلِ الزَّادِ مِنَ
الْكُوفَةِ إِلَى
مَكَّةَ ، وَحَمْلِ الْمَاءِ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ إِذَا قُدِرَ عَلَيْهِ ، وَوُجِدَ آلَاتُ الْحَمْلِ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3318عَلَفُ الدَّابَّةِ ، فَيُشْتَرَطُ وَجُودُهُ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَعْظُمُ بِحَمْلِهِ لِكَثْرَتِهِ . ذَكَرَهُ صَاحِبَا " التَّهْذِيبِ " وَ " التَّتِمَّةِ " وَغَيْرُهُمَا .
قُلْتُ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3318_3352ظَنَّ كَوْنَ الطَّرِيقَ فِيهِ مَانِعٌ مِنْ عَدُوٍّ ، أَوْ عَدَمِ مَاءٍ ، أَوْ عَلَفٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَتَرَكَ الْحَجَّ ، ثُمَّ بَانَ أَنْ لَا مَانِعَ ، فَقَدْ لَزِمَهُ الْحَجُّ . صَرَّحَ بِهِ
الدَّارِمِيُّ .
[ ص: 11 ] وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ الْمَانِعِ وَلَا عَدَمَهُ ، قَالَ
الدَّارِمِيُّ : إِنْ كَانَ هُنَاكَ أَصْلٌ عَمِلَ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا وَجَبَ الْحَجُّ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَرْعٌ
قَالَ صَاحِبُ " التَّهْذِيبِ " وَغَيْرُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3352يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ رُفْقَةً يَخْرُجُ مَعَهُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ بِالْخُرُوجِ فِيهِ . فَإِنْ خَرَجُوا قَبْلَهُ ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْخُرُوجُ مَعَهُمْ . وَإِنْ أَخَّرُوا الْخُرُوجَ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُونَ إِلَّا بِأَنْ يَقْطَعُوا فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا . فَإِنْ كَانَتِ الطَّرِيقُ بِحَيْثُ لَا يَخَافُ الْوَاحِدُ فِيهَا ، لَزِمَهُ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الرُّفْقَةِ .
الْأَمْرُ الرَّابِعُ : الْبَدَنُ .
وَيُشْتَرَطُ فِيهِ لِاسْتِطَاعَةِ الْمُبَاشَرَةِ قُوَّةٌ يَسْتَمْسِكُ بِهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ . وَالْمُرَادُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3354أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ ، فَإِنْ وَجَدَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا .
nindex.php?page=treesubj&link=3355وَالْأَعْمَى إِذَا وَجَدَ مَعَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ قَائِدًا لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ . وَالْقَائِدُ لَهُ كَالْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=27740_14650وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ ، لَكِنْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إِلَيْهِ ، بَلْ يَصْحَبُهُ الْوَلِيُّ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ ، أَوْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ .
قَالَ فِي " التَّهْذِيبِ " : وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=27740_14650شَرَعَ السَّفِيهُ فِي حَجِّ الْفَرْضِ ، أَوْ حَجٍّ نَذَرَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ بِغَيْرِ إِذَنِ الْوَلِيِّ ، لَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ إِلَى فَرَاغِهِ . وَلَوْ شَرَعَ فِي حَجِّ تَطَوُّعٍ ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ ، فَكَذَلِكَ . وَلَوْ شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ الْحَجْرِ ، فَلِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ إِنْ كَانَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْحَجِّ يَزِيدُ عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ . فَإِنْ لَمْ يَزِدْ ، أَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَفِي مَعَ قَدْرِ النَّفَقَةِ الْمَعْهُودَةِ وَجَبَ إِتْمَامُهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ .
[ ص: 12 ] الْأَمْرُ الْخَامِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3353إِمْكَانُ السَّيْرِ
وَهُوَ أَنْ يَبْقَى مِنَ الزَّمَانِ عِنْدَ وُجُودِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ ، مَا يُمْكِنُ السَّيْرُ فِيهِ إِلَى الْحَجِّ السَّيْرَ الْمَعْهُودَ . فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى أَنْ يَقْطَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ . وَهَذَا الْأَمْرُ شَرَطَهُ الْأَئِمَّةُ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ ، وَقَدْ أَهْمَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ .
قُلْتُ : أَنْكَرَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْإِمَامِ
الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - اعْتِرَاضَهُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ ، وَجَعْلَهُ إِمْكَانَ السَّيْرِ رُكْنًا لِوُجُوبِ الْحَجِّ ، وَقَالَ : إِنَّمَا هُوَ شَرْطُ اسْتِقْرَارِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ ، لِيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ ، وَلَيْسَ شَرْطًا لَأَصْلِ وُجُوبِ الْحَجِّ . بَلْ مَتَى وُجِدَتِ الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ، لَزِمَهُ الْحَجُّ فِي الْحَالِ ، كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا . ثُمَّ اسْتِقْرَارُهَا فِي الذِّمَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ الزَّمَانِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهِمَا . وَالصَّوَابُ : مَا قَالَهُ
الرَّافِعِيُّ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَمَا نُقِلَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) [ آلِ عِمْرَانَ : 97 ] وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ ، فَلَا حَجَّ عَلَيْهِ . وَكَيْفَ يَكُونُ مُسْتَطِيعًا وَهُوَ عَاجِزٌ حِسًّا ؟ ! وَأَمَّا الصَّلَاةُ ، فَإِنَّمَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .