الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويصح ) الصلح ( عن المجهول بمعلوم ، إذا كان ) المجهول ( مما لا يمكن معرفته ) وقوله ( للحاجة نصا ) متعلق بيصح ، علة له ( سواء كان ) المجهول ( عينا أو دينا ، أو كان الجهل من الجانبين ، كصلح الزوجة عن صداقها الذي لا بينة لها به ، ولا علم لها ولا للورثة بمبلغه وكذا الرجلان بينهما معاملة وحساب قد مضى عليه زمن طويل ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه ، أو ) كان الجهل ( ممن هو ) أي : الدين ( عليه ) إن كان عليه حق ( لا علم له بقدره ، ولو علمه صاحب الحق ، ولا بينة له ) بما يدعيه وقوله ( بنقد ) أي : حال .

                                                                                                                      ( ونسيئة ) متعلق بيصح لقوله : صلى الله عليه وسلم " لرجلين اختصما في مواريث اندرست بينهما { استهما وتوخيا الحق ، وليحلل أحدكما صاحبه } رواه أحمد وأبو داود ; ولأنه إسقاط حق فصح في المجهول كالعتاق والطلاق ولو قيل : بعدم جوازه لأفضى إلى ضياع الحق .

                                                                                                                      والبيع قد يصح في المجهول في الجملة كأساسات الحيطان فإن كان الصلح بمجهول لم يصح ; لأن تسليمه واجب ، والجهالة تمنعه ( فإن أمكن معرفته ) أي : المجهول .

                                                                                                                      ( ولم تتعذر ) معرفته ( كتركة موجودة صولح بعض الورثة عن ميراثه منها ) ولم يعرف كميته ( لم يصح الصلح ) في ظاهر نصوصه وهذا ظاهر ما جزم به في الإرشاد وقطع به الشيخان والشرح لعدم الحاجة قال أحمد إن صولحت المرأة من ثمنها لم يصح الصلح واحتج بقول شريح وقدم في الفروع والمبدع واقتصر عليه في التنقيح والمنتهى : أنه كبراءة من مجهول أي : إن قلنا بصحة البراءة من المجهول صح الصلح وإلا فلا قال في التلخيص : وقد نزل أصحابنا الصلح عن المجهول المقر به بمعلوم منزلة الإبراء من المجهول فيصح على المشهور لقطع النزاع انتهى .

                                                                                                                      وظاهر هذا : لا فرق بين الدين والعين قال في المبدع : وقيل : لا يصح عن أعيان مجهولة لكونه إبراء ( ولا تصح البراءة من عين بحال ) أي : سواء كانت معلومة أو مجهولة بيد المبرئ أو المبرأ ويأتي في الصداق : إذا كانت العين بيد [ ص: 397 ] أحدهما وعفا الذي ليست بيده ، يصح بلفظ العفو والإبراء والهبة ونحوها وهو ظاهر كلام المغني والشرح ، لكن مقتضى ما قدمه في الفروع والرعاية : عدم صحة الهبة بلفظ الإبراء والعفو .

                                                                                                                      ولو كانت العين بيد الموهوب كما نبه عليه ابن قندس في حاشية المحرر في باب الهبة قلت : لا يلزم من عدم صحة الإبراء من العين ولا من عدم صحة البيع في المجهول عدم صحة الصلح عنه ; لأنه أوسع ، بدليل ما لو صالح الورثة من وصي له بخدمة أو سكنى أو حمل أمة بدراهم مسماة فإنه يصح الصلح كما في المنتهى وغيره مع أنه لا يجوز بيع ذلك والحمل عين فلا تصح البراءة منه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية