الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع شجرة هناك ، وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان في السنة الثانية ، فلما أصبحوا ، أقبلت قريش في كتائبها ، واصطف الفريقان ، فمشى حكيم بن حزام ، وعتبة بن ربيعة في قريش ، أن يرجعوا ولا يقاتلوا ، فأبى ذلك أبو جهل ، وجرى بينه وبين عتبة كلام أحفظه ، وأمر أبو جهل أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دم أخيه عمرو ، فكشف عن استه ، وصرخ : واعمراه ، فحمي القوم ، ونشبت الحرب ، وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ، ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر خاصة ، وقام سعد بن معاذ في قوم من الأنصار على باب العريش ، يحمون رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وخرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، يطلبون المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار : عبد الله بن رواحة ، وعوف ومعوذ ابنا عفراء ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ فقالوا : من الأنصار . قالوا : أكفاء كرام ، وإنما نريد بني عمنا ، فبرز إليهم علي وعبيدة بن الحارث وحمزة ، فقتل علي قرنه الوليد ، وقتل حمزة قرنه عتبة ، وقيل : شيبة ، واختلف عبيدة وقرنه ضربتين ، فكر علي وحمزة على قرن عبيدة ، فقتلاه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله فلم يزل ضمنا حتى مات بالصفراء .

[ ص: 161 ] وكان علي يقسم بالله : لنزلت هذه الآية فيهم : ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) الآية [ الحج : 19 ] .

ثم حمي الوطيس ، واستدارت رحى الحرب ، واشتد القتال ، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء والابتهال ، ومناشدة ربه عز وجل ، حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فرده عليه الصديق ، وقال : ( بعض مناشدتك ربك ، فإنه منجز لك ما وعدك ) .

فأغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة واحدة ، وأخذ القوم النعاس في حال الحرب ، ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : ( أبشر يا أبا بكر ! هذا جبريل على ثناياه النقع ) .

وجاء النصر ، وأنزل الله جنده ، وأيد رسوله والمؤمنين ، ومنحهم أكتاف [ ص: 162 ] المشركين أسرا وقتلا ، فقتلوا منهم سبعين ، وأسروا سبعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية