الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويحرم ) التقليد ( في معرفة الله سبحانه وتعالى ، و ) في ( التوحيد والرسالة ) عند أحمد والأكثر ، [ ص: 618 ] وذكره أبو الخطاب عن عامة العلماء ، وذكر غيره أنه قول الجمهور ، وأجازه جمع قال بعضهم : ولو بطريق فاسد . قال ابن مفلح : وأجازه بعض الشافعية لإجماع السلف على قبول الشهادتين ، من غير أن يقال لقائلهما : هل نظرت ؟ وسمعه ابن عقيل من أبي القاسم بن التبان المعتزلي ، وأنه يكفي بطريق فاسد . قال هذا المعتزلي : إذا عرف الله وصدق رسله ، وسكن قلبه إلى ذلك واطمأن به : فلا علينا من الطريق : تقليدا كان ، أو نظرا ، أو استدلالا وأطلق الحلواني وغيره - يعني من أصحابنا - منع التقليد في أصول الدين ، وقاله البصري والقرافي : في أصول الفقه أيضا . انتهى .

قال ابن قاضي الجبل في أصوله ، قال ابن عقيل : القياس النقلي حجة يجب العمل به ، ويجب النظر والاستدلال به بعد ورود الشرع . ولا يجوز التقليد . وقد نقل عن أحمد الاحتجاج بدلائل العقول ، وبهذا قال جماعة من الفقهاء المتكلمين من أهل الإثبات ، وذهبت المعتزلة إلى وجوب النظر ، والاستدلال قبل الشرع ولما ورد به الشرع كان توكيدا ، وذهب قوم من أهل الحديث ، وأهل الظاهر إلى أن حجج العقول باطلة ، والنظر حرام ، والتقليد واجب ، وقال أبو الخطاب : القياس العقلي والاستدلال : طريق لإثبات الأحكام العقلية . نص عليه الإمام أحمد وبه قال عامة الفقهاء . قلت : كلام أحمد في الاحتجاج بأدلة عقلية كثير ، وقد ذكر كثيرا في كتابه " الرد على الزنادقة والجهمية " فمذهب أحمد : القول بالقياس العقلي والشرعي . انتهى كلام ابن قاضي الجبل .

واستدل لتحريم التقليد - الذي هو الصحيح بأمره - سبحانه وتعالى - بالتدبر والتفكر والنظر وفي صحيح ابن حبان { لما نزل في آل عمران { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار } - الآيات قال : ويل لمن قرأهن ولم يتدبرهن ، ويل له ويل له }

وبالإجماع على وجوب معرفة الله - سبحانه وتعالى - ولا تحصل بتقليد ، لجواز كذب المخبر ، واستحالة حصوله . كمن قلد في حدوث العالم ، وكمن قلد في قدمه ; ولأن التقليد لو أفاد علما : فإما بالضرورة وهو باطل . وإما بالنظر فيستلزم الدليل والأصل عدمه ، والعلم يحصل بالنظر ، واحتمال الخطإ لعدم تمام مراعاة القانون الصحيح ، [ ص: 619 ] ولأن الله سبحانه وتعالى ذم التقليد بقوله تعالى { إنا وجدنا آباءنا على أمة } وهي فيما يطلب العلم به فلا يلزم الفروع ، ولأنه يلزم الشارع ; لقوله سبحانه وتعالى { فاعلم أنه لا إله إلا الله } فيلزمنا لقوله تعالى { واتبعوه } .

التالي السابق


الخدمات العلمية