الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكما يكره تملك الذات يكره تملك الغلة كما أشار له بقوله ( ولا يركبها ) إن كانت دابة ولو تصدق بها على ولده ( أو يأكل من غلتها ) كثمرتها ولبنها ويلحق بالركوب مطلق الاستعمال وبالأكل من الغلة الشرب والانتفاع بالصوف ( وهل ) الكراهة مطلقا ولو رضي الكبير أو ( إلا أن يرضى الابن الكبير ) الرشيد ( بشرب اللبن ) ، أو بغيره من الغلات لوالده المتصدق فيجوز ( تأويلان ) وأما الولد الصغير فلا عبرة برضاه بل تبقى الكراهة معه كالسفيه وظاهره أن غير الولد تبقى معه الكراهة ولو رضي اتفاقا والذي في المدونة أنه لا يجوز لمن تصدق بصدقة على أجنبي أن ينتفع بأكل ثمرتها ، أو شرب لبنها ، أو ركوبها ، أو نحو ذلك وظاهرها المنع وهو ظاهر إن كان بغير رضا الأجنبي وأما برضاه فيحمل عدم الجواز على الكراهة وفي الرسالة أنه يجوز ، وحمل على ما لا ثمن له عندهم ، أو له ثمن تافه وعلى الابن الكبير بناء على أحد التأويلين فيه .

التالي السابق


( قوله : ولو تصدق بها على ولده ) أي هذا إذا تصدق بها على أجنبي بل ولو إلخ . ( قوله : تأويلان ) اعلم أن المدونة عبرت بالمنع لكن فرضته في التصدق على الأجنبي فقالت ومن تصدق على أجنبي بصدقة لم يجز له أن يأكل من ثمرها ، ولا يركبها إن كانت دابة ولا ينتفع بشيء منها ، وعبر في الرسالة بالجواز حيث قال ولا بأس أن يشرب من لبن ما تصدق به فاختلف الأشياخ فقيل إن كلام الرسالة محمول على الخلاف وقيل محمول على ما لا ثمن له ، أو له ثمن تافه وما في المدونة على ما له ثمن له بال وقيل الرسالة محمولة على ما إذا كانت الهبة لولده الكبير ورضي بذلك وكلام المدونة فيما إذا كانت الهبة لأجنبي ويلحق به ما إذا كانت لولده الكبير ولم يرض بذلك أو لولده الصغير رضي ، أو لا ، فقول المصنف وهل الكراهة مطلقا أي بناء على الخلاف وقوله : أو إلا أن يرضى الابن الكبير بشرب اللبن أي بناء على الوفاق فقوله : تأويلان أي بالخلاف والوفاق وإذا علمت هذا ظهر لك أن التأويلين في كلام الرسالة لكن لما كانا من حيث موافقتها للمدونة ومخالفتها لها كان لهما ارتباط بالمدونة في الجملة فعبر المصنف بتأويلين تساهلا ا هـ انظر بن والظاهر من التأويلين الأول وهو أن بينهما خلافا وأن المعتمد كلام المدونة وهو الكراهة مطلقا ولو كان المعطى بالفتح رشيدا وأذن للمعطي بالكسر في الانتفاع باللبن ونحوه . ( قوله : وظاهرها ) أي وهو ما اختاره الباجي وابن عرفة وجماعة وحملها اللخمي وابن عبد السلام على الكراهة . ( قوله : وحمل على ما لا ثمن له عندهم ، أو له ثمن تافه ) أي وأما كلام المدونة فمحمول على ما له ثمن غير تافه . ( قوله : وعلى الابن الكبير ) أي إذا رضي وكلام المدونة محمول على ما إذا كانت الهبة لأجنبي ، أو لولده الصغير مطلقا فيهما ، أو الكبير ولم يرض ، .




الخدمات العلمية