الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6508 ) مسألة : قال : ( وإذا زوجت الأمة ، لزم زوجها أو سيده ، إن كان مملوكا ، نفقتها ) وجملته أن زوج الأمة لا يخلو من أن يكون حرا أو عبدا ، أو بعضه حرا وبعضه عبدا ، فإن كان حرا ، فنفقتها عليه ، للنص ، واتفاق أهل العلم على وجوب نفقة الزوجات على أزواجهن البالغين ، والأمة داخلة في عمومهن ، ولأنها زوجة ممكنة من نفسها ، فوجب على زوجها نفقتها ، كالحرة ، وإن كان زوجها مملوكا ، فالنفقة واجبة لزوجته لذلك . قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم ، على أن على العبد نفقة زوجته . هذا قول الشعبي ، والحكم ، والشافعي . وبه قال أصحاب الرأي إذا بوأها بيتا .

                                                                                                                                            وحكي عن مالك ، أنه قال : ليس عليه نفقتها ; لأن النفقة مواساة ، وليس هو من أهلها ، ولذلك لا تجب عليه نفقة أقاربه ، ولا زكاة ماله . [ ص: 178 ] ولنا ، أنها عوض واجب في النكاح فوجبت على العبد كالمهر ، والدليل على أنها عوض ، أنها تجب في مقابلة التمكين ; ولهذا تسقط عن الحر بفوات التمكين ، وفارق نفقة الأقارب . إذا ثبت وجوبها على العبد ، فإنها تلزم سيده ; لأن السيد أذن له في النكاح المفضي إلى إيجابها . وقال ابن أبي موسى : فيه رواية أخرى ، أنها تجب في كسب العبد . وهو قول أصحاب الشافعي ; لأنه لم يمكن إيجابها في ذمته ، ولا رقبته ، ولا ذمة سيده ، ولا إسقاطها ، فلم يبق إلا أن تتعلق بكسبه . وقال القاضي : تتعلق برقبته ; لأن الوطء في النكاح بمنزلة الجناية ، وأرش جناية العبد يتعلق برقبته ، يباع فيها ، أو يفديه سيده . وهذا قول أصحاب الرأي .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه دين أذن السيد فيه ، فلزم ذمته ، كالذي استدانه وكيله . وقولهم : إنه في مقابلة الوطء غير صحيح ; فإنه يجب من غير وطء ، ويجب للرتقاء ، والحائض والنفساء ، وزوجة المجبوب والصغير ، وإنما يجب بالتمكين ، وليس ذلك بجناية ولا قائم مقامها . وقول من قال : إنه تعذر إيجابه في ذمة السيد . غير صحيح ، فإنه لا مانع من إيجابه ، وقد ذكرنا وجود مقتضيه ، فلا معنى لدعوى التعذر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية