الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وليس لوصي ) توكيل إلا فيما يعجز عنه أو لا يليق به فعله بنفسه على ما مر في الوكالة ولا ( إيصاء ) استقلالا قطعا ( فإن أذن له ) بالبناء للمفعول بخطه ( فيه ) من الموصي وعين له شخصا ، أو فوض ذلك لمشيئته ( جاز في الأظهر ) ; لأنه استنابة له فيه كالوكيل يوكل بالإذن .

                                                                                                                            والثاني لا لبطلان إذنه بالموت ، ومحل ما تقرر عند عدم التعيين بأن قال : أوص لمن شئت ، أما إذا قال أوص إلى فلان فالمذهب أنه كذلك .

                                                                                                                            وقيل يصح قطعا .

                                                                                                                            وصورة الإذن أن يضيف إليه بأن يقول أوص بتركتي ، فإن قال أوص لمن شئت أو إلى فلان ولم يضف إلى نفسه لم يوص عنه على الأصح عند البغوي [ ص: 105 ] وأقراه .

                                                                                                                            وحينئذ فالحاصل أنه إن قال له أوص عني أو بتركتي أو نحوهما وصى عنه وإلا وصى على نفسه كما قاله جمع ، وقول الشيخ إنه في حالة الإطلاق إنما يوصي عن الموصي وأنه أوجه مما نقله الشيخان عن البغوي من تصحيح أنه لا يوصي أصلا إلا إذا أذن له الولي أن يوصي عنه ممنوع ; لأنه بناه تبعا لابن المقري بحسب ما فهمه من كلامهما ، ولو قال لوصيه أوصيت إلى من أوصيت إليه إن مت أنت أو إذا مت أنت فوصيك وصيي لم يصح ; لأن الموصي إليه مجهول ، وإذا عين له الوصي ومات من غير إيصاء له كان للحاكم أن ينصب غيره في أحد وجهين رجحه بعض المتأخرين .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله أما إذا قال أوص إلخ ) الغرض منه إذا فوض لمشيئته ولم يعين له شخصا ففيه قولان ، وإن عين له شخصا ففيه طريقان حاكية للقولين وقاطعة بالصحة وإلا فبالنظر للراجح لا فرق بينهما ( قوله : فالمذهب أنه كذلك ) أي يجوز ( قوله : لم يوص عنه ) أي [ ص: 105 ] عن الموصي ، وقضيته أن للوصي في هذه الحالة الإيصاء عن نفسه وهو كذلك كما يفيده كلامه بعد ( قوله بحسب ما فهمه من كلامهما ) أي من قولهما ولو قال أوص إلخ ( قوله : وإذا عين ) أي الموصي .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومحل ما تقرر عند عدم التعيين إلخ ) وحينئذ فكان ينبغي حذف قوله في حل المتن وعين شخصا أو فوض ذلك لمشيئته ( قوله : وصورة الإذن أن يضيف إليه ) أي يضيف إلى نفسه الموصى به كالتركة كما أشار إليه الشارح بقوله بأن يقول أوصي بتركتي أي فلانا أو من شئت ، فإن لم يضف ذلك إلى نفسه لم يصح الإيصاء أصلا ، ثم إذا صح الإيصاء بأن أضاف ما ذكر لنفسه تارة يقول الموصي أوصي بكذا عني وتارة يقول عنك وتارة يطلق ، وإذا أطلق فهل يوصي الوصي عن نفسه أو عن الموصى فيه خلاف هذا حاصل ما في الروض وشرحه وما في حواشي والد الشارح عليهما وإن كان ما سيأتي في الشارح بعد لا يوافق بعض ذلك . واعلم أن هذا المقام وقع فيه اختلاف فهم في كلام الشيخين ، فإن عبارتهما لو أطلق فقال أوصي إلى من شئت أو إلى فلان ولم يضف إلى نفسه فهل يحمل على الوصاية عنه حتى يجيء فيه الخلاف أو يقطع بأنه لا يوصي عنه ؟ وجهان حكاهما البغوي وقال : أصحهما الثاني انتهت . فمن الناس من فهم أن معنى الإضافة إلى نفسه ما قدمناه . ومنهم ابن المقري في روضه ، وتبعه عليه شيخ الإسلام في شرحه وهو الصواب كما يعلم مما نقله والد الشارح في حواشيهما ، وعليه فقول الشيخين عن البغوي أو يقطع بأنه لا يوصي عنه معناه أنه لا يوصي في تركة الموصي سواء أضاف الوصية إلى نفسه أو إلى الموصي أو أطلق لعدم صحة الإذن ، ومنهم من فهم أن معنى الإضافة إلى نفسه أن يقول أوص عني ، ومن أولئك ابن المقري في شرح إرشاده . وإذا تقرر ذلك علم ما في كلام الشارح الآتي وأنه ملفق من الفهمين ، وسيأتي التنبيه على بعض ذلك ، فقوله وصورة الإذن : أي التي هي محل الصحة أن يضيف إليه بأن يقول أوص بتركتي مبني على الفهم الأول الذي هو الصواب

                                                                                                                            وقوله فإن قال أوص لمن شئت أو إلى فلان ولم يضف إلى نفسه لم يوص عنه على الأصح عند البغوي وأقراه مبني على الفهم الثاني بدليل قوله الآتي : وقول الشيخ إنه في حالة الإطلاق إلخ فإنه جعله مقابلا لهذا مع أن هذا لا ينتظم مع ما قدمه من حصر صورة الإذن الصحيحة فيما إذا أضاف إلى نفسه بأن قال أوص بتركتي ، وقوله وحينئذ فالحاصل إلخ ملفق من الفهمين جميعا كما يعلم مما قدمته ، وقوله وقول الشيخ إنه في حالة الإطلاق إنما يوصي عن الموصى فيه أن الإطلاق في كلام الشيخ معناه أنه لم يقل عني ولا عنك لكن بعد التقيد بإضافة التركة إلى نفسه الذي هو شرط الصحة وعبارته فإن أذن له في الإيصاء عن نفسه أو عن الوصي أو مطلقا صح ، لكنه في الثالثة إنما يوصي عن الموصي كما اقتضاه كلام القاضي أبي الطيب وابن الصباغ وغيرهما انتهت . وكتب عليه والد الشارح ما لفظه : قوله فإن أذن له في الإيصاء عن نفسه أو عن الموصي [ ص: 105 ] أو مطلقا بأن قال أوص بتركتي عني أو عن نفسك أو أوص بتركتي انتهت .

                                                                                                                            وقوله وأنه أوجه مما نقله الشيخان إلخ صريح في أن هذا من قول الشيخ ، وهو عجيب فإن هذا ليس من كلامه ، وإنما كتبه عليه والد الشارح في حواشيه عقب ما قدمته عنه . وعبارته أعني والد الشارح في قوله كما اقتضاه كلام القاضي أبي الطيب إلخ : وهو أوجه مما نقله الشيخان عن البغوي من تصحيح أنه لا يوصي أصلا إلا إذا أذن له الولي أن يوصي عنه انتهى . وقوله ; لأنه بناه تبعا لابن المقري إلخ فيه أنه كابن المقري في الروض لم يفهما من كلام الشيخين إلا الصواب كما علم مما قدمناه وبالجملة فما ذكره الشارح في هذه السوادة يحتاج إلى التحرير والإصلاح ، وعبارة التحفة مع متن المنهاج نصها : فإن أذن له فيه من الموصي وعين له شخصا أو فوضه لمشيئته بأن قال أوص بتركتي فلانا أو من شئت ، فإن لم يقل بتركتي لم يصح في الأظهر ، ثم إن قال له أوص عني أو عنك فواضح وإلا أوصى عن الموصي لا عن نفسه على الأوجه انتهت . وهي مساوية لما في الروض وشرحه ولما قدمته أول القولة فتأمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية