الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6587 ) فصل : وإذا قتل رجلا ، وادعى أنه وجده مع امرأته ، أو أنه قتله دفعا عن نفسه ، أو أنه دخل منزله يكابره على ماله ، فلم يقدر على دفعه إلا بقتله ، لم يقبل قوله إلا ببينة ، ولزمه القصاص . روي نحو ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال الشافعي ، وأبو ثور ، وابن المنذر . ولا أعلم فيه مخالفا ، وسواء وجد في دار القاتل ، أو في غيرها ، أو وجد معه سلاح ، أو لم يوجد ; لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلا فقتله ، فقال : إن لم [ ص: 216 ] يأت بأربعة شهداء ، فليعط برمته . ولأن الأصل عدم ما يدعيه ، فلا يثبت بمجرد الدعوى .

                                                                                                                                            وإن اعترف الولي بذلك ، فلا قصاص عليه ولا دية ; لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يوما يتغدى ، إذ جاءه رجل يعدو ، وفي يده سيف ملطخ بالدم ، ووراءه قوم يعدون خلفه ، فجاء حتى جلس مع عمر ، فجاء الآخرون ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن هذا قتل صاحبنا . فقال له عمر : ما يقولون ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إني ضربت فخذي امرأتي ، فإن كان بينهما أحد فقد قتلته . فقال عمر : ما يقول ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنه ضرب بالسيف ، فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة . فأخذ عمر سيفه فهزه ، ثم دفعه إليه ، وقال : إن عادوا فعد . رواه سعيد في " سننه " ، وروي عن الزبير ، أنه كان يوما قد تخلف عن الجيش ، ومعه جارية له ، فأتاه رجلان فقالا : أعطنا شيئا . فألقى إليهما طعاما كان معه ، فقالا : خل عن الجارية . فضربهما بسيفه ، فقطعهما بضربة واحدة . ولأن الخصم اعترف بما يبيح قتله ، فسقط حقه ، كما لو أقر بقتله قصاصا ، أو في حد يوجب قتله . وإن ثبت ذلك ببينة ، فكذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية