الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6621 ) مسألة : قال : ( ولا يقتل والد بولده ، وإن سفل ) [ ص: 227 ] وجملته أن الأب لا يقتل بولده ، والجد لا يقتل بولد ولده ، وإن نزلت درجته ، وسواء في ذلك ولد البنين أو ولد البنات . وممن نقل عنه أن الوالد لا يقتل بولده ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وبه قال ربيعة ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وقال ابن نافع ، وابن عبد الحكم ، وابن المنذر : يقتل به ; لظاهر آي الكتاب ، والأخبار الموجبة للقصاص ، ولأنهما حران مسلمان من أهل القصاص فوجب أن يقتل كل واحد منهما بصاحبه ، كالأجنبيين . وقال ابن المنذر : قد رووا في هذا الباب أخبارا . وقال مالك : إن قتله حذفا بالسيف ونحوه ، لم يقتل به ، وإن ذبحه ، أو قتله قتلا لا يشك في أنه عمد إلى قتله دون تأديبه ، أقيد به . ولنا ، ما روى عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يقتل والد بولده } . أخرج النسائي حديث عمر ، ورواهما ابن ماجه ، وذكرهما ابن عبد البر ، وقال : هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق ، مستفيض عندهم ، يستغني بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه ، حتى يكون الإسناد في مثله مع شهرته تكلفا . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أنت ومالك لأبيك } . وقضية هذه الإضافة تمليكه إياه ، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية ، بقيت الإضافة شبهة في درء القصاص ; لأنه يدرأ بالشبهات ، ولأنه سبب إيجاده ، فلا ينبغي أن يتسلط بسببه على إعدامه .

                                                                                                                                            وما ذكرناه يخص العمومات ، ويفارق الأب سائر الناس ، فإنهم لو قتلوا بالحذف بالسيف ، وجب عليهم القصاص ، والأب بخلافه . ( 6622 ) فصل : والجد وإن علا كالأب في هذا ، وسواء كان من قبل الأب أو من قبل الأم ، في قول أكثر مسقطي القصاص عن الأب . وقال الحسن بن حي : يقتل به . ولنا أنه والد ، فيدخل في عموم النص ; ولأن ذلك حكم يتعلق بالولادة ، فاستوى فيه القريب والبعيد ، كالمحرمية ، والعتق إذا ملكه ، والجد من قبل الأم كالجد من قبل الأب ; لأن ابن البنت يسمى ابنا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم { في الحسن : إن ابني هذا سيد } .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية