الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإذا ) ( قصد نكاحها ) ورجا الإجابة رجاء ظاهرا كما قاله ابن عبد السلام ; لأن النظر لا يجوز إلا عند غلبة الظن المجوز ، ويشترط أيضا أن يكون عالما بخلوها عن نكاح وعدة تحرم التعريض وإلا فغاية النظر مع علمها به كونه كالتعريض ، فإطلاق الحرمة حيث كان بإذنها أو مع علمها بأنه [ ص: 186 ] لرغبته في نكاحها محمول على ما ذكر ( سن نظره إليها ) للأمر به في الخبر الصحيح مع تعليله بأنه أحرى أن يؤدم بينهما : أي تدوم المودة والألفة ، وقيل من الأدم ; لأنه يطيب الطعام ونظرها إليه كذلك ووقته ( قبل الخطبة ) لا بعدها ; لأنه قد يرد أو يعرض فحصل التأذي والكسر ، ومعنى خطب في رواية أراد للخبر الآخر { إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها } .

                                                                                                                            وظاهر كلامهم بقاء ندب النظر وإن خطب ، وهو الأوجه ، ودعوى الإباحة بعدها فقط ; لأنها الأصل ، إلا ما أذن فيه الشارع ، وهو لم يأذن إلا قبل الخطبة ممنوع ذلك الحصر ، بل يؤخذ من مجموع الخبرين المذكورين إذنه قبلها وبعدها ، وإن كان الأول أولى ( وإن لم تأذن ) هي ولا وليها اكتفاء بإذنه صلى الله عليه وسلم ، ففي رواية وإن كانت لا تعلم ، بل قال الأذرعي : الأولى عدم علمها ; لأنها قد تتزين له بما يغره ولم ينظر لاشتراط مالك إذنها كأنه لمخالفته للرواية المذكورة ( وله تكرير نظره ) ولو أكثر من ثلاث فيما يظهر حتى يتبين له هيئتها ، ومن ثم لو اكتفى بنظرة حرم ما زاد عليها ; لأنه نظر أبيح لضرورة فليتقيد بها ، وسواء في ذلك أخاف الفتنة أم لا كما قاله الإمام والروياني وإن نظر فيه في حالة الشهوة الأذرعي ( ولا ينظر ) من الحرة ( غير الوجه والكفين ) ظهرا وبطنا من رءوس الأصابع إلى الكوع بلا مس شيء منهما لدلالة الوجه على الجمال والكفين على خصب البدن ، واشتراط النص وكثيرين ستر ما عداهما محمول على أن المراد منع نظر غيرهما أو نظرهما إن أدى إلى نظر غيرهما ورؤيتهما مع عدم علمها لا تستلزم تعمد رؤية ما عداهما ، فاندفع ما مال إليه الأذرعي من أن ظاهر كلام الجمهور الجواز مطلقا سترت أو لا ، وتوجيهه بأن الغالب أنها مع عدم علمها لا تستر ما عداهما وبأن اشتراط ذلك يسد باب النظر .

                                                                                                                            أما من فيها رق فينظر ما عدا ما بين سرتها وركبتها كما صرح به ابن الرفعة وقال إنه مفهوم كلامهم : أي تعليلهم عدم حل ما عدا الوجه والكفين بأنه عورة وسبقه لذلك الروياني ، ولا يعارضه ما يأتي أنها كالحرة في نظر الأجنبي إليها ; لأن النظر هنا مأمور به ، ولو مع خوف الفتنة فأنيط بما عدا عورة الصلاة ، وفيما يأتي منوط بخوف الفتنة ، وهو جار فيما عداهما مطلقا وإذا لم تعجبه يسكت ولا يقول لا أريدها ولا يترتب عليه منع خطبتها ; لأن السكوت إذا طال وأشعر بالإعراض جازت كما يأتي ، وضرر الطول دون ضرر قوله لا أريدها فاحتمل ، ومن لا يتيسر له النظر أو لا يريده بنفسه كما أطلقه جمع يسن له أن يرسل من يحل له نظرها ليتأملها ويصفها له ولو بما لا يحل له نظره كما يؤخذ من الخبر فيستفيد بالبعث ما لا يستفيد بالنظر ، وهذا [ ص: 187 ] لمزيد الحاجة إليه مستثنى من حرمة وصف امرأة امرأة لرجل .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : تحرم التعريض ) [ ص: 186 ] أي بأن كانت رجعية ( قوله : والألفة ) عطف تفسير ( قوله : سن نظره إليها إلخ ) وخرج بإليها نحو ولدها الأمرد فلا يجوز له نظره وإن بلغه استواؤهما في الحسن خلافا لمن وهم فيه ا هـ حج .

                                                                                                                            وسيأتي في كلام المصنف الجواز ( قوله : وهو الأوجه ) خلافا لحج ( قوله : الخبرين المذكورين ) هما قوله : خطب ، وقوله : إذا ألقى الله إلخ ( قوله : وسواء في ذلك أخاف الفتنة ) أي ولو مع الشهوة ( قوله : لا تستلزم تعمد إلخ ) أي فإن اتفق ذلك من غير قصد للنظر وجب الغض سريعا ، وإن علم أنه متى نظر إليها أدى ذلك إلى نظر غيرهما حرم النظر وبعث إليها من يصفها له إن أراد ( قوله : من يحل له ) أي رجلا كان أو امرأة كأخيها أو ممسوح يباح له النظر ( قوله : ولو بما لا يحل له نظره ) كالصدر وبقي ما لو ارتكبت الحرمة ورأت العورة هل يجوز لها وصفها للخاطب أم لا ؟ فيه نظر ، [ ص: 187 ] والأقرب الأول



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وعدة تحرم التعريض وإلا فغاية النظر إلخ ) عبارة التحفة : وعدة تحرم التعريض كالرجعية ، فإن لم تحرمه جاز النظر وإن علمت ; لأن غايته إلخ ، وقوله كالتعريض قال الشهاب سم : فيه [ ص: 186 ]

                                                                                                                            تأمل ( قوله : ونظرها إليه كذلك ) أي فتنظر منه ما عدا ما بين سرته وركبته كما ذكره الشارح فيما كتبه على شرح الروض ونقله عن العباب ( قوله : لا بعدها ) يناقضه قوله الآتي وظاهر كلامهم بقاء ندب النظر وإن خطب إلخ ( قوله : لأنها الأصل ) لعل هذا المدعي ممن يرى إباحة النظر للوجه والكفين الآتي في المتن ( قوله : ولا يترتب عليه منع خطبتها ) أي فيما إذا كان نظره بعد الخطبة ، أما إذا كان قبلها فلا يتوهم فيه ترتب ما ذكر كما لا يخفى




                                                                                                                            الخدمات العلمية