الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) بطل ( إيصاء ) قيد ( بمرض أو سفر انتفيا ) أي المرض أو السفر يعني انتفى الموت فيهما أن ( قال إن مت فيهما ) يعني أنه إذا قال إن مت من مرضي هذا أو في سفري هذا فلفلان كذا فلم يمت بأن صح من مرضه أو قدم من سفره فإن الوصية تبطل ; لأنه علق الإيصاء أي الوصية بالموت فيهما وهو لم يمت هذا إن لم يكتب إيصاءه بكتاب بل ( وإن ) كتبه ( بكتاب ولم يخرجه ) للناظر من يده حتى صح أو قدم من سفره ومات بعدهما [ ص: 429 ] ( أو أخرجه ) من يده ثم استرده من أعطاه له ( بعدهما ) أي بعد الصحة والقدوم من السفر ; لأن في رده رجوعا عن الوصية إن مات من غير ذلك المرض والسفر وأولى إن رده قبلهما ثم صح أو قدم لانتفاء فلو مات لم تبطل ; لأنه علق الوصية بالموت فيهما وقد حصل وقيل تبطل لأن الرد علامة الرجوع وقوله ( ولو ) ( أطلقها ) أي عن التقييد بالمرض أو السفر كقوله إن مت فلفلان كذا مبالغة في قوله ثم استرده بقطع النظر عن الموضوع من التقييد بهما أي أنه إذا استرد كتابه بطلت وصيته حتى في المطلقة عن التقييد بهما فإن لم يسترده لم تبطل في الصورتين أي المقيدة والمطلقة كما أشار له بقوله ( لا إن لم يسترده ) أي فلا تبطل فيهما وقيل بل هو شرط حذف جوابه تقديره فكذلك أي تبطل ولا يصح أن يكون مبالغة فيما قبله إذ ما قبله في الوصية المقيدة وهذا في المطلقة فاسم الإشارة في الجواب المقدر عائد على قوله أو أخرجه ثم استرده لا له ولما قبله إذ المطلقة إذا كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يرده فإنها صحيحة في الصور الثلاثة ولا تبطل إلا إذا استرده بخلاف المقيدة فإنها تبطل في الأولين كالرابعة ومفهوم انتفيا أنهما إذا لم ينتفيا بأن مات من مرضه أو في سفره كانت صحيحة قطعا في الثلاثة الأول وهي ما إذا لم تكن بكتاب أو كانت بكتاب لم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده وأما في الرابعة وهي ما إذا استرده فهل تبطل نظرا إلى أن الرد رجوع في وصيته أو لا نظرا إلى أنه قد مات في مرضه أو سفره الخلاف المتقدم فعلم أن صور المقيدة منطوقا ومفهوما ثمانية وأن صور المطلقة أربعة تبطل في واحدة منها وهي استرداده ومن المطلقة ما أشار له بقوله ( أو ) ( قال متى حدث ) لي ( الموت ) أو إذا أو متى مت فلفلان في مالي كذا فتصح إن لم تكن بكتاب أو به ولم يخرجه أو أخرجه ولم يرده لا أن استرده ( أو بنى ) عطف على قوله لم يسترده أي لا أن يسترده ولا إن بني الموصي ( العرصة ) الموصى بها دارا أو حماما أو غير ذلك فلا تبطل ( واشتركا ) أي الموصي الباني والموصي له هذا بقيمة بنائه قائما لأن له شبهة وهذا بقيمة عرصته ( كإيصائه بشيء ) معين ( لزيد ثم ) أوصى به ( لعمرو ) فلا تبطل واشتركا إلا أن تقوم قرينة على رجوعه عن الأولى وأولى [ ص: 430 ] إن صرح كأن يقول ما أوصيت به لفلان هو لفلان فإنه يختص به الثاني .

التالي السابق


( قوله قيد بمرض ) أي قيد بموت بمرض أو سفر والحال أنه انتفى حصوله فيهما .

( قوله يعني انتفى الموت فيهما ) أشار بذلك إلى أن تثنية المصنف للضمير وإن كان مرجعه واحدا وهو الموت نظرا لتعدد محله .

( قوله إن قال إن مت فيهما ) ظاهره أنه لا بد من التصريح بالقيد وليس كذلك بل متى أشهد على وصيته في مرضه أو سفره وكانت بغير كتاب فلا تنفذ إلا إذا مات فيه سواء صرح بذلك كما لو قال إن مت من مرضي أو سفري هذا فلفلان كذا أو لم يصرح به كما لو قال إن مت فلفلان كذا أو قال يخرج من مالي لفلان كذا لم يقل إن مت أو لم يقل شيئا من ذلك بل أشهد أن لفلان كذا وصية ; لأن المعنى عليه حيث لم يصرح بالتعميم كمتى مت انظر بن .

( قوله بالموت ) أي على الموت .

( قوله ومات بعدهما ) أي فتبطل إلا أن يشهد على [ ص: 429 ] ذلك الكتاب فقولان في بطلانها وعدمه كما في بهرام .

( قوله إن رده قبلهما ) أي قبل صحته وقدومه من السفر بأن رده حالة المرض أو حالة السفر .

( قوله فيهما ) أي في المرض أو السفر والحال أنه رد الكتاب . ( قوله لم تبطل ; لأنه علق إلخ ) هذا ظاهر كلام التوضيح .

( قوله وقيل إلخ ) هذا ما نقله عج عن بعض أشياخه تبعا لابن مرزوق .

( قوله ; لأن الرد علامة الرجوع ) أي عن الوصية فقد خلف وجود المعلق عليه هنا مانع وهو ما دل على إرادة رجوعه عنها من رد الكتاب .

( قوله ولو أطلقها عن التقييد ) أي أنه لم يقيدها بمرض أو سفر معين ولا غير معين .

( قوله كقوله إن مت ) أي كقوله في غير مرضه أو سفره إن مت فلفلان كذا ولم يقيد بمرض أو سفر معين أو غير معين ، ( قوله بقطع النظر عن الموضوع ) أي ; لأنه إذا قطع النظر عنه احتمل الإطلاق التقييد فتصح المبالغة . ( قوله بل هو ) أي وقوله ولو أطلقها . ( قوله أي تبطل ) يعني إن كانت بكتاب أخرجه ثم استرده .

( قوله ولا تبطل إلا إذا استرده ) فصور المطلقة أربعة الصحة في ثلاث والبطلان في واحدة .

( قوله بخلاف المقيدة ) أي فصورها أربعة البطلان في ثلاث وهي ما إذا كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو بكتاب وأخرجه ثم استرده والصحة في واحدة وهي ما إذا كانت بكتاب وأخرجه ولم يسترده .

( قوله ومفهوم إلخ ) لما تكلم على صور المنطوق في المقيدة وأفاد أنها أربعة شرع في بيان صور المفهوم فيها فذكر أنها أربعة أيضا .

( قوله فعلم أن صور المقيدة ) أي بالموت في المرض أو السفر وقوله ثمانية أي وذلك ; لأنه أما أن ينتفي القيد أو يتحقق وفي كل إما أن يكون بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده أو يسترده فإن انتهى القيد بأن صح من مرضه أو قدم من سفره بطلت إن كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه واسترده وأما لو أخرجه ولم يسترده فهي صحيحة وإن تحقق القيد بأن مات في مرضه أو سفره كانت صحيحة إن كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده فإن أخرجه واسترده فقولان بالصحة والبطلان . ( قوله وهي استرداده ) أي وهي ما إذا كانت بكتاب وأخرجه ثم استرده ( قوله ومن المطلقة ما أشار له إلخ ) أي ; لأن من المعلوم أنه لا وصية إلا بعد موت فالتقييد به لا يصيرها مقيدة .

( قوله فتصح إن لم يكن بكتاب أو به ولم يخرجه أو أخرجه ولم يرده ) على هذه الصور الثلاث يحمل المصنف هنا لكن الصورة الثالثة مكررة مع قوله سابقا لا إن لم يسترده إن جعل راجعا للمطلقة والمقيدة كما فعل الشارح لا إن جعل راجعا للمقيدة فقط وقوله لا إن لم يسترده هي معنى قول المصنف ولو أطلقها فقد استوفى المصنف صور المطلقة الأربعة كما استوفى في صور المقيدة .

( قوله أو بنى العرصة ) مثل البناء الغرس والظاهر أن مثل ذلك وصيته بورق ثم كتبه كما قرره شيخنا .

( قوله فلا تبطل ) وقال أشهب تبطل قال في التوضيح وهو أظهر لانتقال الاسم .

( قوله بقيمة بنائه قائما ) [ ص: 430 ] أي يوم التنفيذ .

( قوله إن صرح ) أي بالرجوع عن الوصية الأولى




الخدمات العلمية