الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قال شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، قال : سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم ، شك شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " حسنه الترمذي ، ولم يصححه لأن شعبة رواه عن [ ص: 234 ] ميمون أبي عبد الله ، عن زيد بن أرقم نحوه ، والظاهر أنه عند شعبة من طريقتين ، والأول رواه بندار ، عن غندر ، عنه .

                                                                                      وقال كامل أبو العلاء ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن يحيى بن جعدة ، عن زيد بن أرقم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي يوم غدير خم : " من كنت مولاه فعلي مولاه " .

                                                                                      وروى نحوه يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أنه سمع عليا ينشد الناس في الرحبة . وروى نحوه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه ، من حديث سماك بن عبيد ، عن ابن أبي ليلى . وله طرق أخرى ساقها الحافظ ابن عساكر في ترجمة علي يصدق بعضها بعضا .

                                                                                      وقال حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، وأبي هارون ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلما أتينا على غدير خم كسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين ، ونودي في الناس : الصلاة جامعة ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فأخذه بيده ، وأقامه عن يمينه ، فقال : " ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى ، فقال : " فإن هذا مولى من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " . فلقيه عمر بن الخطاب ، فقال : هنيئا لك يا علي ، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة .

                                                                                      ورواه عبد الرازق ، عن معمر ، عن علي بن زيد .

                                                                                      وقال عبيد الله بن موسى ، وغيره ، عن عيسى بن عمر القارئ ، عن [ ص: 235 ] السدي ، قال : حدثنا أنس بن مالك ، قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيار ، فقسمها ، وترك طيرا ، فقال : " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك " فجاء علي ، وذكر حديث الطير . وله طرق كثيرة عن أنس متكلم فيها ، وبعضها على شرط السنن ، من أجودها حديث قطن بن نسير شيخ مسلم ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنا عبد الله بن المثنى ، عن عبد الله بن أنس بن مالك ، عن أنس ، قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي . وذكر الحديث .

                                                                                      وقال جعفر الأحمر ، عن عبد الله بن عطاء ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ، ومن الرجال علي ، أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب .

                                                                                      وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال : دخلت على أم سلمة ، فقالت لي : أيسب فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : معاذ الله ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سب عليا فقد سبني " رواه أحمد في " مسنده " .

                                                                                      وقال الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر ، عن علي ، قال : إنه [ ص: 236 ] لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلي أنه : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " . أخرجه مسلم ، والترمذي وصححه .

                                                                                      وقال أبو صالح السمان ، غيره ، عن أبي سعيد ، قال : إن كنا لنعرف المنافقين ببغضهم عليا .

                                                                                      وقال أبو الزبير ، عن جابر ، قال : ما كنا نعرف منافقي هذه الأمة إلا ببغضهم عليا .

                                                                                      قال المختار بن نافع أحد الضعفاء : حدثنا أبو حيان التيمي ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أبا بكر ، زوجني ابنته ، وحملني إلى دار الهجرة ، وأعتق بلالا . رحم الله عمر ، يقول الحق ، وإن كان مرا ، تركه الحق وما له من صديق ، رحم الله عثمان ، تستحييه الملائكة ، رحم الله عليا ، اللهم أدر الحق معه حيث دار " أخرجه الترمذي ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

                                                                                      وقال الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن الحارث ، عن علي ، قال : يهلك في رجلان ، مبغض مفتر ، ومحب مطر .

                                                                                      وقال يحيى الحماني : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن عائشة ، قالت : كنت قاعدة مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل علي فقال : [ ص: 237 ] " يا عائشة هذا سيد العرب " قلت : يا رسول الله ، ألست سيد العرب ؟ قال : " أنا سيد ولد آدم ، وهذا سيد العرب " وروي من وجهين مثله ، عن عائشة . وهو غريب .

                                                                                      وقال أبو الجحاف ، عن جميع بن عمير التيمي ، قال : دخلت مع عمتي على عائشة ، فسئلت : أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : فاطمة ، فقيل : من الرجال ، فقالت : زوجها ، وإن كان ما علمت صواما قواما . أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب .

                                                                                      قلت : جميع كذبه غير واحد .

                                                                                      وقال عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نخيل امرأة من الأنصار ، فقال : " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة " فطلع أبو بكر ، فبشرناه ، ثم قال : " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة " فطلع عمر ، فبشرناه ، ثم قال : " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة " وجعل ينظر من النخل ويقول : " اللهم إن شئت جعلته عليا " فطلع علي رضي الله عنه حديث حسن .

                                                                                      وعن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اثبت حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " ، وعليه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي . وذكر بقية العشرة .

                                                                                      وقال محمد بن كعب القرظي : قال علي : لقد رأيتني مع رسول الله [ ص: 238 ] صلى الله عليه وسلم وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع ، وإن صدقة مالي لتبلغ اليوم أربعين ألفا . رواه شريك ، عن عاصم بن كليب ، عنه . أخرجه أحمد في " مسنده " .

                                                                                      وعن الشعبي ، قال : قال علي : ما كان لنا إلا إهاب كبش ننام على ناحية ، وتعجن فاطمة على ناحية . يعني : ننام على وجه ، وتعجن على وجه .

                                                                                      وقال عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي ، قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، وأنا حديث السن ، ليس لي علم بالقضاء ، فضرب صدري ، وقال : " اذهب فإن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك " قال : فما شككت في قضاء بين اثنين بعد .

                                                                                      وقال الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : خطبنا علي ، فقال : من زعم أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ، وفيها أسنان الإبل وشيء من الجراحات ، فقد كذب .

                                                                                      وعن سليمان الأحمسي ، عن أبيه ، قال : قال علي : والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت ، وعلى من نزلت ، وإن ربي وهب لي قلبا عقولا ، ولسانا ناطقا .

                                                                                      وقال محمد بن سيرين : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبطأ علي عن بيعة [ ص: 239 ] أبي بكر ، فلقيه أبو بكر ، فقال : أكرهت إمارتي ؟ فقال : لا ؛ ولكن آليت لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة ، حتى أجمع القرآن ، فزعموا أنه كتبه على تنزيله ، قال محمد : لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم .

                                                                                      وقال سعيد بن المسيب : لم يكن أحد من الصحابة يقول : " سلوني " إلا علي .

                                                                                      وقال ابن عباس : قال عمر : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا .

                                                                                      وقال ابن مسعود : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي .

                                                                                      وقال ابن المسيب ، عن عمر ، قال : أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن .

                                                                                      وقال ابن عباس : إذا حدثنا ثقة بفتيا عن علي لم نتجاوزها .

                                                                                      وقال سفيان ، عن كليب ، عن جسرة ، قالت : ذكر عند عائشة صوم عاشوراء ، فقالت : من يأمركم بصومه ؟ قالوا : علي ، قالت : أما إنه أعلم من بقي بالسنة .

                                                                                      وقال مسروق : انتهى علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر ، وعلي ، وعبد الله .

                                                                                      وقال محمد بن منصور الطوسي : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما ورد لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل ما ورد لعلي ، رضي الله عنه .

                                                                                      [ ص: 240 ] وقال أبو إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : شهدت عمر يوم طعن ، فذكر قصة الشورى ، فلما خرجوا من عنده قال عمر : إن يولوها الأجيلح يسلك بهم الطريق المستقيم ، فقال له ابنه عبد الله : فما يمنعك - يعني أن توليه - قال : أكره أن أتحملها حيا وميتا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية