الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1591 258 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16704عمرو بن خالد قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16350عبد الرحمن بن يزيد يقول: حج nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله - رضي الله عنه- nindex.php?page=hadith&LINKID=651563فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى رجلا فأذن وأقام، قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: nindex.php?page=treesubj&link=22717_32794_22681_17826_25840_3628_23855_3630_32788إن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يفعله.
(ذكر رجاله): وهم خمسة؛ الأول: nindex.php?page=showalam&ids=16704عمرو بن خالد بن فروخ، مر في باب إطعام الطعام في كتاب الإيمان. الثاني: nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير بن معاوية بن خديج أبو خيثمة الجعفي، مر في باب: لا يستنجى بروث. الثالث: nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي بفتح السين. الرابع: عبد الرحمن بن يزيد بن قيس أخو الأسود النخعي. الخامس: nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود.
(ذكر لطائف إسناده): فيه nindex.php?page=treesubj&link=29606التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه السماع، وفيه القول في موضعين، وفيه أن شيخه من أفراده، وأنه حراني سكن مصر، وأن البقية كوفيون، وفيه nindex.php?page=treesubj&link=29140رواية التابعي عن التابعي وهما أبو إسحاق [ ص: 14 ] وعبد الرحمن.
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا، عن nindex.php?page=showalam&ids=16432عبد الله بن رجاء، عن nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل، عن أبي إسحاق به، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=17252هلال بن العلاء.
(ذكر معناه): قوله: " حج nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله" ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، عن nindex.php?page=showalam&ids=17252هلال بن العلاء بن هلال قال: حدثنا حسين هو ابن عياش قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير قال: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16350عبد الرحمن بن يزيد قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=685012حج عبد الله فأمرني nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة أن ألزمه فلزمته، فأتينا المزدلفة فلما كان حين طلع الفجر قال: قم. قال: يا أبا عبد الرحمن إن هذه الساعة ما رأيتك صليت فيها قط، قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير: ولم يكن في كتاب الله - كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان تؤخران عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما تأتي الناس المزدلفة، وصلاة الغداة حين يبزغ الفجر، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك.
قوله: " بالعتمة" ؛ أي: nindex.php?page=treesubj&link=32779_32780وقت العشاء الآخرة، قوله: " أو قريبا من ذلك" ؛ أي: من مغيب الشفق، قوله: " فأمر رجلا" لم يدر اسمه، قيل: يحتمل أن يكون هو nindex.php?page=showalam&ids=16350عبد الرحمن بن يزيد، قوله: " ثم دعا بعشائه" بفتح العين هو ما يتعشى به من المأكول، قوله: " أرى" بضم الهمزة؛ أي: أظن أنه أمر بالتأذين والإقامة، وهذا هو المراد من الشك، قوله: " قال عمرو" هو عمرو بن خالد شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وهذا يبين أن الشك من nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير المذكور في السند، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13715الحسن بن موسى، عن nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير مثل ما رواه عمرو عنه، ولم يقل ما قال عمرو، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق عبد الرحمن بن عمرو، عن nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير، وقال فيه: ثم أمر - قال nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير: أرى فأذن وأقام. قوله: " فلما طلع الفجر" ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15229المستملي nindex.php?page=showalam&ids=15086والكشميهني:" فلما حين طلع الفجر"، وفي رواية الحسين بن عياش، عن nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير: " فلما كان حين طلع الفجر" والتقدير في هذه الرواية: فلما كان حين طلوع الفجر، وقال الكرماني: وجزاؤه محذوف، وهي صلاة الفجر أو المذكور جزاء على سبيل الكناية؛ لأن هذا القول رديف فعل الصلاة، قوله: " قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله" هو ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قوله: " تحولان" أما تحويل المغرب هو تأخيره إلى وقت العشاء الآخرة، وأما تحويل الصبح فهو أنه قدم على الوقت الظاهر طلوعه لكل أحد كما هو العادة في أداء الصلاة إلى غير المعتاد، وهو حال عدم ظهوره للكل، فمن قائل: طلع الصبح، ومن قائل: لم يطلع، وقد تحقق الطلوع لرسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم- إما بالوحي أو بغيره، والمراد أنه كان في سائر الأيام يصلي بعد الطلوع، وفي ذلك اليوم صلى حال الطلوع.
قال الكرماني: والغرض أنه بالغ في ذلك اليوم في التبكير، يعني: الاستحباب في التبكير في ذلك اليوم آكد من غيره لإرادة الاشتغال بالمناسك. (قلت): حاصل الكلام أنه ليس معناه أنه nindex.php?page=treesubj&link=851أوقع صلاة الفجر قبل طلوعه، وإنما المراد أنهصلاها قبل الوقت المعتاد فعلها فيه في الحضر. قوله: " عن وقتهما" كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية السرخسي رحمه الله تعالى عنه عن وقتها بالإفراد. قوله: " حين بزغ" بزاي وغين معجمة، وروي " حين يبزغ " بضم الزاي من باب نصر ينصر.
(ذكر ما يستفاد منه): فيه nindex.php?page=treesubj&link=22717_22681مشروعية الأذان والإقامة لكل من الصلاتين إذا جمع بينهما، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: لم نجده مرويا عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولو ثبت عنه لقلت به، وقد وجد عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من فعله. (قلت): أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بإسناد صحيح عنه، وقال: حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل، عن nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور، عن إبراهيم، عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود أنه صلى مع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه- صلاتين مرتين، يجمع كل صلاة بأذان وإقامة والعشاء بينهما ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: ما كان من فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وتأذينه للثانية؛ لكون أن الناس تفرقوا لعشائهم فأذن ليجمعهم، وكذلك نقول نحن: إذا تفرق الناس عن الإمام لأجل عشاء أو لغيره، قال: وكذلك معنى ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود، وقال بعضهم: ولا يخفى تكلفه، ولو تأتى له ذلك في حق nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله تعالى عنه- لكونه كان الإمام لم يتأت له في حق nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه. (قلت): دعوى التكلف في ذلك هو عين التكليف؛ لأن قوله: لم يتأت له في حق nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود غير مرضي من وجهين؛ أحدهما: أن الظاهر أنه كان إماما؛ لأنه أمر رجلا فأذن وأقام، فظاهره يدل على أنه كان إماما، والثاني: أنا وإن سلمنا أنه لم يكن إماما، فما المانع أن يكون فعل ما فعله اقتداء nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر - رضي الله تعالى عنه- وقد أخذ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بظاهر الحديث المذكور، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر [ ص: 15 ] عن أحمد بن خالد أنه كان يتعجب من nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك حيث أخذ بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- وهو من رواية الكوفيين مع كونه موقوفا ومع كونه لم يروه، ويترك ما روي عن أهل المدينة، وهو مرفوع، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: وأنا أعجب من الكوفيين حيث أخذوا بما رواه أهل المدينة، وهو أن يجمع بينهما بأذان وإقامة واحدة، وتركوا ما رووه في ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود مع أنهم لا يعدلون به أحدا. (قلت): لا تعجب هاهنا أصلا، أما وجه ما فعله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك؛ فلأنه اعتمد على صنيع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله تعالى عنه- في ذلك، وإن كان لم يروه في الموطأ، وأما الكوفيون فإنهم اعتمدوا على حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الطويل الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " nindex.php?page=hadith&LINKID=65664أنه جمع بينهما بأذان واحد وإقامتين"، وهو أيضا قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم، ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، وقول nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون، وقووا ذلك أيضا بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة.
وفيه حجة للحنفية على nindex.php?page=treesubj&link=1810_1410ترك الجمع بين الصلاتين في غير عرفة وجمع، وقال بعضهم: وأجاب المجوزون بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد ثبت الجمع بين الصلاتين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وغيرهم، وأيضا فالاستدلال به إنما هو من طريق المفهوم وهم لا يقولون به، وأما من قال به فشرطه أن لا يعارضه منطوق، وأيضا فالحصر فيه ليس على ظاهره؛ لإجماعهم على مشروعية الجمع بين الظهر والعصر بعرفة. (قلت): قد استقصينا الكلام فيه في كتاب الصلاة في باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء. وقوله: وهم لا يقولون به، أي: بالمفهوم ليس على إطلاقه؛ لأن المفهوم على قسمين؛ مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة، وهم قائلون بمفهوم الموافقة؛ لأنه فحوى الخطاب كما تقرر في موضعه، وفيه أنه صلى بعد المغرب ركعتين.
(فإن قلت): قد تقدم أنه لم يسبح بينهما. (قلت): قال الكرماني: لم يشترط في جمع التأخير الموالاة، فالأمران جائزان والأحسن في هذا ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي رحمه الله، وهو أنه اختلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في الصلاتين بمزدلفة، هل صلاهما معا أو عمل بينهما عملا؟ ففي حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما السابق: ولم يسبح بينهما، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه- هذا: وصلى بعدها ركعتين، ثم قال في آخر الحديث: رأيت النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم- يفعله، فلما اختلفوا في ذلك، وكانت الصلاتان بعرفة تصلى إحداهما في إثر صاحبتها ولا يعمل بينهما عمل، فالنظر على ذلك أن تكون الصلاتان بمزدلفة كذلك ولا يعمل بينهما عمل قياسا عليهما، والجامع كون كل واحدة منهما فرضا في حق محرم بحج في مكان مخصوص ليتدارك الوقوف بعرفة والنهوض إلى الوقوف بمزدلفة، فافهم.