الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( في أوقات النهي : هي خمسة ) هذا المذهب بلا ريب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وظاهر كلام الخرقي : أن عند قيامها ليس بوقت نهي لقصره قال في الفروع : وفيه وجه : أنه ليس بوقت نهي قال الزركشي : ظاهر كلام الخرقي أن أوقات النهي ثلاثة : بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، وبعد العصر حتى تغرب ، وهذا الوقت يشتمل على وقتين ، وعنه لا نهي بعد العصر مطلقا ، ويأتي ذلك مفصلا قريبا أتم من هذا . [ ص: 202 ] قوله ( بعد طلوع الفجر ) يعني الفجر الثاني وهذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وعنه من صلاة الفجر اختاره أبو محمد رزق الله التميمي . قوله ( وبعد العصر ) يعني صلاة العصر وهذا المذهب وعليه الأصحاب ، ويأتي قريبا إذا جمع ، وعنه لا نهي بعد العصر مطلقا ، كما تقدم ، وعنه لا نهي بعد العصر ما لم تصفر الشمس .

فائدة : الاعتبار بالفراغ من صلاة العصر ، لا بالشروع فلو أحرم بها ثم قلبها نفلا لعذر : صح أن يتطوع بعدها ، قاله ابن تميم ، وابن حمدان ، وصاحب الفائق ، وغيرهم ، والاعتبار أيضا : بصلاته فلو صلى منع من التطوع ، وإن لم يصل غيره ، ومتى لم يصل فله التطوع وإن صلى غيره ، قاله الأصحاب قوله ( وعند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح ) هكذا قال أكثر الأصحاب . وقال في المستوعب : حتى تبيض ، وحكاه في الرعاية قولا . قوله ( وعند قيامها حتى تزول ) هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وظاهر كلام الخرقي : أنه ليس بوقت نهي ، لقصره كما تقدم اختاره بعض الأصحاب واختاره الشيخ تقي الدين في يوم الجمعة خاصة قال الإمام أحمد في الجمعة : إذن لا يعجبني قال في الفروع : وظاهره الجواز ولو لم يحضر الجامع ، وقال القاضي : ليستظهر بترك الصلاة ساعة بقدر ما يعلم زوالها كسائر الأيام . فائدتان . إحداهما : لو جمع بين الظهر والعصر في وقت الأولى منع من التطوع المطلق [ ص: 203 ] بعد الفراغ منهما ، قاله ابن تميم ، وابن حمدان ، وصاحب الفروع ، والفائق ، والزركشي وغيرهم ، وأما سنة الظهر الثانية : فالصحيح من المذهب : أنها تفعل بعد العصر إذا جمع ، سواء جمع في وقت الأولى أو الثانية قدمه في الفروع .

وقيل : يفعلها إذا جمع في وقت الظهر ، وقيل : بالمنع مطلقا ، وقال ابن عقيل في الفصول : يصلي سنة الأولى إذا فرغ من الثانية ، إذا لم تكن الثانية عصرا ، وهذا في العشاءين خاصة ، وتقدم سنة الأولى منهما على الثانية ، كما قدم فرض الأولى على الثانية قال في الفروع : كذا قال .

الثانية : الصحيح من المذهب : أن المنع في وقت النهي متعلق بجميع البلدان وعليه الأصحاب ، وعنه لا نهي بمكة . وهي قول في الحاوي وغيره ، وتأوله القاضي على فعل ما له سبب ، كركعتي الطواف قال المجد في شرحه : هو خلاف الظاهر ووجه في الفروع توجيها إن قلنا الحرم كمكة في المرور بين يدي المصلي : أن هنا مثله وكلام القاضي في الخلاف أنه لا يصلي فيه اتفاقا . قوله ( وإذا تضيفت للغروب حتى تغرب ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وتقدم رواية : أنه لا نهي بعد العصر مطلقا .

تنبيه : ظاهر قوله ( وإذا تضيفت للغروب ) أن ابتداء وقت النهي يحصل قبل شروعها في الغروب فيكون : أوله إذا اصفرت ، وهو إحدى الروايتين اختاره المصنف قال المجد في شرحه : هذا أولى وأحوط وقدمه في الرعاية الكبرى ، والحاوي الكبير ، والشرح ، وحواشي ابن مفلح ، والرواية الثانية : أوله إذا شرعت في الغروب ، وعليه أكثر الأصحاب قال المجد في شرحه ، وتبعه في مجمع البحرين ، قاله أصحابنا . قال الزركشي : عليه عامة الأصحاب وجزم به في المحرر ، والفائق وغيرهما وقدمه في مجمع البحرين قال [ ص: 204 ] ابن تميم : واختلف قوله في الخامس فعنه أوله : إذا شرعت في الغروب ، وعنه أوله إذا اصفرت ، وقال في الفروع ، في تعداد أوقات النهي : وعند غروبها ، حتى تتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية