الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1721 392 - (حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عجرة رضي الله عنه، فسألته عن الفدية فقال: نزلت في خاصة وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال: ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى، تجد شاة؟ فقلت: لا، فقال: صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: (لكل مسكين نصف صاع)، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وعبد الرحمن بن الأصبهاني، بفتح الهمزة وكسرها، وبالباء الموحدة والفاء، أربعة أوجه، وهو عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي، وأصله من أصبهان، وعبد الله بن معقل، بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف وباللام، ابن مقرن، بفتح القاف وكسر الراء المشددة، التابعي الكوفي، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وحديث آخر عن عدي بن حاتم، مات سنة ثمان وثمانين من الهجرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (جلست إلى كعب بن عجرة)، وفي رواية مسلم من طريق غندر عن شعبة: (وهو في المسجد)، وفي رواية أحمد عن بهز: " قعدت إلى كعب بن عجرة في هذا المسجد"، وزاد في رواية سليمان بن قرم عن ابن الأصبهاني: " يعني مسجد الكوفة"، ومعنى جلست إلى كعب: انتهى جلوسي إلى كعب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (نزلت في) بكسر الفاء وتشديد الياء؛ أي: نزلت الآية المرخصة لحلق الرأس، مقصوده أنه من باب خصوص السبب وعموم اللفظ. قوله: (حملت) على صيغة المجهول. قوله: (والقمل يتناثر) جملة اسمية وقعت حالا. قوله: (أرى الوجع) بضم الهمزة؛ أي: أظن، وأرى الثاني بفتح الهمزة بمعنى أبصر. قوله: " يبلغ بك" بصيغة المضارع في رواية المستملي والحموي، وعند غيرهما: (بلغ بك) بصيغة الماضي. قوله: (الجهد) بفتح الجيم المشقة، وفيه شك من الراوي، هل قال: الوجع أو الجهد؟ وقال النووي: ضم الجيم لغة في المشقة أيضا، وكذا حكاه عياض عن ابن دريد؛ قال صاحب العين: بالضم الطاقة، وبالفتح المشقة، فتعين الفتح هنا. قوله: (تجد شاة) خطاب لكعب، والمعنى: هل تجد شاة؟ قوله: (فقلت: لا)؛ أي: لا أجد. قوله: (فقال: صم)؛ أي: فعند ذلك قال: صم، وهو أمر من صام يصوم.

                                                                                                                                                                                  قال الكرماني: فإن قلت: الفاء للترتيب، ولكن لفظ القرآن ورد على التخيير، قلت: التخيير إنما هو عند وجود الشاة، وأما عند عدمها فبين أحد الأمرين لا بين الثلاثة. وقال النووي: فليس المراد أن الصوم لا يجزئ إلا لعادم الهدي، بل هو محمول على أنه سأل عن النسك، فإن وجده أخبره بأنه مخير بين الثلاث، وإن عدمه فهو مخير بين اثنين. قوله: (لكل مسكين نصف صاع)؛ أي: من قمح، والدليل عليه أنه في رواية أحمد عن بهز عن شعبة: "نصف صاع طعام"، وأصرح منه ما رواه بشر بن عمر عن شعبة: " نصف صاع حنطة"، فهذا يدل على صحة الفرق بين القمح وغيره، فإن قلت: في رواية الطبراني عن أحمد بن محمد الخزاعي عن أبي الوليد شيخ البخاري فيه: " لكل مسكين نصف صاع تمر". قلت: المحفوظ عن شعبة أنه قال في الحديث: نصف صاع من طعام، والاختلاف عليه في كونه تمرا أو غيره من تصرف الرواة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية