الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويثبت ) الرضاع [ ص: 300 ] ( بشهادة رجلين ) وإن تعمد النظر لثديها لغير الشهادة وتكرر منهما لأنه صغيرة وإدمانها لا يضر بقيده الآتي أول الشهادات ( أو رجل وامرأتين وبأربع نسوة ) لأنهن يطلعن عليه غالبا كالولادة ومن ثم لو كان النزاع في الشرب من ظرف لم يقبلن لأن الرجال يطلعون عليه غالبا نعم يقبلن في أن ما في الظرف لبن فلانة لأن الرجال لا يطلعون على الحلب غالبا ( والإقرار به شرطه ) أي شرط ثبوته ( رجلان ) لاطلاع الرجال عليه غالبا ولا يشترط فيه تفصيل المقر ولو عاميا لأن المقر يحتاط لنفسه فلا يقر إلا عن تحقيق وبه فارق ما يأتي في الشاهد ( وتقبل شهادة المرضعة ) مع غيرها ( إن لم تطلب أجرة ) عليه وإلا لم تقبل لأنها حينئذ متهمة ( ولا ذكرت فعلها ) بأن قالت بينهما رضاع محرم وذكرت شروطه .

                                                                                                                              ( وكذا ) تقبل ( إن ذكرت ) هـ ( فقالت أرضعته ) أو أرضعتها وذكرت شروطه ( في الأصح ) إذ لا تهمة مع أن فعلها غير مقصود بالإثبات إذ العبرة بوصول اللبن لجوفه ولا نظر إلى إثبات المحرمية لأنه غرض تافه لا يقصد كما تقبل الشهادة بعتق أو طلاق وإن استفاد بها الشاهد حل المنكوحة بخلاف شهادة المرأة بولادتها لظهور التهمة بجرها لنفسها حق النفقة والإرث وسقوط القود ( والأصح أنه لا يكفي ) قول الشاهد بالرضاع ( بينهما رضاع محرم بل يجب ذكر وقت وعدد ) كخمس رضعات متفرقات في الحياة بعد التسع وقبل الحولين لاختلاف [ ص: 301 ] العلماء في ذلك نعم إن كان الشاهد فقيها يوثق بمعرفته وفقهه موافقا للقاضي المقلد في شروط التحريم وحقيقة الرضعة اكتفى منه بإطلاق كونه محرما على ما يأتي بما فيه في الشهادات ومع ذكر الشروط لا يحتاج لقوله محرم خلافا لما قد يوهمه المتن ( ووصول اللبن جوفه ) في كل رضعة كما يجب ذكر الإيلاج في الزنا .

                                                                                                                              ( ويعرف ذلك ) أي وصوله للجوف وإن لم يشاهد ( بمشاهدة حلب ) بفتح لامه كما بخطه وهو اللبن المحلوب أو بسكونها كما قاله غيره قيل وهو المتجه انتهى وفيه نظر للعلم المراد من قوله عقبه ( وإيجار وازدراد أو قرائن كالتقام ثدي ومصه وحركة حلقه بتجرع وازدراد بعد علمه أنها لبون ) أي أن في ثديها حالة الإرضاع أو قبيله لبنا لأن مشاهدة هذه قد تفيد اليقين أو الظن القوي ولا يذكرها في الشهادة بل يجزم بها اعتمادا عليها أما إذا لم يعلم أنها ذات لبن حينئذ فلا تحل له الشهادة لأن الأصل عدم اللبن

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله قول الشاهد بالرضاع ) بقي الشاهد بالإقرار بالرضاع وفي شرح الروض قال أي في الأصل وفي قبول الشهادة المطلقة على الإقرار بالرضاع وجهان ا هـ وكلام القاضي والمتولي يقتضي ترجيح أنها لا تكفي [ ص: 301 ] ا هـ وتقدم في أول الفصل قول الشارح وإن لم يذكر أي المقر الشروط كالشاهد بالإقرار إلخ ( قوله نعم إن كان الشاهد إلخ ) كذا م ر وفيه نظر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن بشهادة رجلين ) أي ولو مع وجود النساء فلا يشترط لقبول شهادتهما فقد النساء كما لا يشترط لقبول الرجل والمرأتين فيما يقبلون فيه فقد الثاني من الرجلين ا هـ ع ش ( قوله لأنه إلخ ) أي تعمد النظر إلى الثدي لغير الشهادة ا هـ مغني ( قوله بقيده الآتي ) أي حيث غلبت طاعاته معاصيه نهاية ومغني ( قول المتن والإقرار به شرطه رجلان ) إنما ذكر المصنف هذه المسألة هنا مع أنه ذكرها في الشهادات التي هي محلها تتميما لما يثبت به الرضاع مغني ونهاية ( قوله فيه ) أي الإقرار بالرضاع ( قوله ولو عاميا ) أي أو قريب عهد بالإسلام ا هـ ع ش ( قوله ما يأتي ) أي آنفا ( قوله في الشاهد ) أي بالرضاع ( قول المتن وتقبل شهادة المرضعة إلخ ) وتقبل في ذلك أيضا شهادة أم الزوجة وبنتها مع غيرهما حسبة بلا تقدم دعوى لأن الرضاع يقبل فيه شهادة الحسبة كما لو شهد أبوها وابنها أو ابناها بطلاقها من زوجها حسبة أما لو ادعى أحد الزوجين الرضاع وشهد بذلك أم الزوجة وبنتها أو ابناها فإن كان الزوج صحت الشهادة لأنها شهادة على الزوجة أو هي لم تصح لأنها شهادة لها ويتصور شهادة بنتها بذلك مع أن المعتبر في الشهادة بذلك المشاهدة بأن شهدت بأن الزوج ارتضع من أمها أو نحوها ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قول المتن إن لم تطلب أجرة ) أي بأن لم يسبق منها طلب أصلا أو سبق طلبها وأخذتها ولو تبرعا من المعطي ا هـ ع ش أي وإن لم تأخذها لا تقبل شهادتها وفي البجيرمي عن القليوبي والبرماوي أنه لا يضر الطلب بعد الشهادة ا هـ .

                                                                                                                              ( أقول ) وما مر عن ع ش قد يفهمه أيضا ( قوله عليه ) أي الرضاع ( قوله إلى إثبات المحرمية ) وجواز الخلوة والمسافرة وقوله لأنه غرض تافه إلخ أي لا ترد الشهادة بمثله ا هـ مغني ( قوله بعتق ) أي لأمة ا هـ مغني ( قوله حل المنكوحة ) يعني المناكحة كما عبر به المغني ( قوله بخلاف شهادة المرأة إلخ ) أي حيث لا تقبل ( قوله بولادتها ) أي بولادة نفسها ع ش ( قوله بعد التسع ) أي التقريبية كما مر ا هـ ع ش ( قوله [ ص: 301 ] موافقا للقاضي المقلد ) أي بخلاف المجتهد وقوله على ما يأتي إلخ أي والراجح منه عدم الاكتفاء فيقال هنا بمثله وفي سم على حج ما يفيده حيث قال وفي شرح م ر مثله وفيه نظر ا هـ لكن ظاهر كلام شيخنا الزيادي اعتماد الاكتفاء بالإطلاق ا هـ ع ش وهو ظاهر المغني أيضا وقال السيد عمر والقلب إليه أميل ( قوله في كل رضعة ) إلى الكتاب في المغني إلا قوله موافقا للقاضي إلى اكتفى منه وقوله على ما يأتي بما فيه في الشهادات وقوله فيه نظر إلى المتن ( قوله في الزنا ) أي في الشهادة به .

                                                                                                                              ( قوله وهو اللبن المحلوب ) أي المراد به هنا ذلك وإلا فهو بالفتح للمصدر أيضا لكن منع من إرادته ما سيأتي من قوله للعلم بالمراد إلخ وقوله أو بسكونها يعني مصدرا كما هو ظاهر إذ هو بالسكون ليس إلا للمصدر كما صرح به أئمة اللغة ا هـ رشيدي ( قوله أو بسكونها ) ظاهره أن المراد به مع السكون اللبن أيضا لكن في المختار أن اللبن يطلق عليه الحلب بالفتح ولم يذكر فيه السكون وأنه مصدر بالفتح والسكون ا هـ ع ش ( قوله قيل إلخ ) عبارة المغني قال ابن شهبة وهو المتجه وقيد في الأم المشاهدة بغير حائل فإن رآه من تحت الثياب لم يكف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفيه نظر إلخ ) فيه نظر كذا قاله الفاضل المحشي سم ووجهه أنه لا يلزم من مشاهدته العلم بكونه منفصلا عنها ولا يغني عنه الإيجار لأنه فعل آخر مغاير للحلب الذي هو الانفصال ا هـ سيد عمر ( قول المتن وإيجار ) أي اللبن في فم الرضيع وازدراد أي مع معاينة ذلك أو قرائن أي دالة على وصول اللبن جوفه كالتقام أي كمشاهدة التقام ثدي بلا حائل كما صرح به القاضي حسين وغيره ا هـ مغني ( قول المتن بعد علمه ) أي الشاهد ( قوله أو قبيله لبنا ) أي لأن الأصل استمراره ا هـ ع ش ( قوله لأن مشاهدة هذه ) أي القرائن المذكورة ( قوله ولا يذكرها ) أي القرائن عبارة المغني ولا يكفي في أداء الشهادة ذكر القرائن بل يعتمدها ويجزم بالشهادة ا هـ وقال ع ش أي الحلب وما بعده ا هـ وفيه ما لا يخفى ( قوله فلا تحل له الشهادة إلخ ) ( خاتمة )

                                                                                                                              لو شهد الشاهد بالرضاع ومات قبل تفصيل شهادته توقف القاضي وجوبا في أوجه الوجهين وقال شيخنا إنه الأقرب ويسن أن يعطي المرضعة أي ولو أما شيئا عند الفصال أي فطمه والأولى عند أوانه فإن كانت مملوكة استحب للرضيع بعد كماله أن يعتقها لأنها صارت أما له ولن يجزي ولد والده إلا بإعتاقه كما ورد به الخبر مغني ونهاية




                                                                                                                              الخدمات العلمية