الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو طلب أحدهما بدل الحب ) مثلا من نحو دقيق أو قيمة بأن طلبته هي أو بذله هو فذكر الطلب فيه للتغليب أو لكونه بذله متضمنا لطلبه منها قبول ما بذله ( لم يجبر الممتنع ) لأنه اعتياض وشرطه التراضي ( فإن اعتاضت ) عن واجبها نقدا أو عرضا من الزوج أو غيره بناء على الأصح أنه يجوز بيع الدين لغير من عليه ( جاز في الأصح ) كالقرض بجامع استقرار كل في الذمة لمعين فخرج بالاستقرار المسلم فيه والنفقة المستقبلة كما جزما به ونقله غيرهما عن الأصحاب لأنها معرضة للسقوط وقضيته جريان ذلك في نفقة اليوم قبل مضيه لما يأتي أنها لو نشزت فيه أو في ليلته الآتية سقطت نفقته وبحث جواز أخذه استيفاء لأن لها أن ترضى بغيره ما لها عند المشاحة لا اعتياضا فيه نظر ظاهر بل لا يصح لأن الفرض أنها إلى الآن لم تستقر فأي شيء تستوفيه حينئذ فما علل به الاستيفاء لا ينتجه كما هو ظاهر وإنما جاز لها التصرف فيما قبضته وإن احتمل سقوطه [ ص: 306 ] لأن ذلك لا يمنعه نظير ما مر في الأجرة وغيرها وبالمعين الكفارات وما في الكفاية من تصحيح الاعتياض عن المستقبلة ضعيف وإن سبقه إلى نحوه ابن كج وغيره حيث قالا للقاضي أن يفرض لها دراهم عن الخبز والأدم وتوابعهما وصرح الشيخان بجواز الاعتياض عن الصداق إذا كان دينا فما وقع للزركشي هنا من بحثه امتناعه أخذا من فتاوى ابن الصلاح وقوله لم يتعرضوا له وهم ويجب قبض ما تعوضته عن نفقة وغيرها لئلا يصير بيع دين بدين كذا نقل عن الزبيلي ويتعين حمله على الربوي أما غيره فيكفي تعيينه في المجلس كما مر في باب المبيع قبل قبضه ( إلا خبزا ودقيقا ) ونحوهما فلا يجوز أن تتعوضه عن الحب الموافق له جنسا ( على المذهب ) لأنه ربا ونقل الأذرعي مقابله عن كثيرين ثم حمل الأول على ما إذا وقع اعتياض بعقد والثاني على ما إذا كان مجرد استيفاء قال وهو المختار وعليه العمل قديما وحديثا ويؤيده قولهم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فإن اعتاضت عن واجبها نقدا أو عرضا من الزوج أو غيره إلخ ) في الروض ولها بيع نفقة اليوم لا الغد منه أي من زوجها قبل القبض لا من غيره ا هـ أي وأما النفقة الماضية فيجوز بيعها ولو من غيره بناء على جواز بيع الدين لمن عليه لاستقرار الماضية وأما المستقبلة فيمتنع بيعها من الزوج وغيره لعدم وجوبها فضلا عن استقرارها وما ذكره الروض من منع بيع نفقة اليوم من غير الزوج هو المعتمد خلافا لما في شرحه ( قوله فيه نظر ظاهر ) انظر هذا مع إقراره ما سيأتي عن الأذرعي بقوله ثم حمل الأول إلخ مع تصويره بالاستيفاء ( قوله لأن الفرض أنها إلى الآن لم تستقر فأي شيء تستوفيه إلخ ) قد يقال الاستيفاء لا يتوقف على الاستقرار بل يكفي فيه الوجوب وهو متحقق هنا بالفجر ( قوله [ ص: 306 ] لأن ذلك ) أي احتمال سقوطه ( قوله ويتعين حمله على الربوي ) قياس وجوب القبض لأجل الربا أنها لو اعتاضت ربويا من أجنبي وجب قبضه أيضا ما في ذمة الزوج لها قبل التفرق ( قوله ثم حمل الأول إلخ ) والمعتمد الإطلاق م ر ش



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله من نحو دقيق إلخ ) ينبغي حمله على ما إذا كان من غير جنس الحب الواجب لما يأتي من عدم جواز اعتياض الدقيق عن الحب حيث كان من جنسه سواء كان بعقد أو لا ا هـ ع ش ( قوله أو لكونه بذله إلخ ) لا يخفى ما فيه من التكلف ( قوله عن واجبها ) إلى قوله وقضيته في النهاية والمغني ( قوله عن واجبها ) أي في اليوم ا هـ نهاية ( قوله بناء على الأصح إلخ ) راجع لقوله أو غيره فقط ( قوله كما جزما به ) أي بمنع الاعتياض عن النفقة المستقبلة ا هـ مغني ( قوله لأنها ) أي النفقة المستقبلة ( قوله وقضيته ) أي التعليل جريان ذلك أي منع الاعتياض في نفقة اليوم إلخ خالفه النهاية والمغني وسم فجوزوا الاعتياض عنها من الزوج دون غيره عبارة المغني قضية إطلاقه إن الأصح أنه يجوز الاعتياض عن النفقة ولو كانت مستقبلة وبه صرح في الكفاية والأصح كما في الشرح والروضة منع الاعتياض عن النفقة المستقبلة بخلاف الحالية والماضية ومحل الخلاف في الاعتياض من الزوج أما من غيره فلا يجوز قطعا كما في الروضة أي في النفقة الحالية فإنها معرضة للسقوط بنحو نشوز أما الماضية فيصح فيها بناء على صحة بيع الدين لغير من هو عليه ا هـ وعبارة سم في الروض ولها بيع نفقة اليوم لا الغد منه أي من زوجها قبل القبض لا من غيره انتهى .

                                                                                                                              أي وأما النفقة الماضية فيجوز بيعها ولو من غيره بناء على جواز بيع الدين لغير من هو عليه لاستقرار الماضية وأما المستقبلة فيمتنع بيعها من الزوج وغيره لعدم وجوبها فضلا عن استقرارها وما ذكره الروض من منع بيع نفقة اليوم من غير الزوج هو المعتمد خلافا لما في شرحه ا هـ عبارة البجيرمي قال العلامة البابلي والحاصل أن الاعتياض بالنظر للنفقة الماضية يجوز من الزوج ومن غيره وبالنظر للمستقبلة لا يجوز من الزوج ولا من غيره وأما بالنظر للحالية فيجوز بالنظر للزوج لا لغيره ا هـ ( قوله وبحث جواز أخذه ) أي أخذ العوض عن نفقة اليوم ( قوله استيفاء ) أي بلا عقد وقوله لا اعتياضا أي بعقد أخذا مما يأتي ( قوله فيه نظر إلخ ) انظر هذا مع إقراره ما سيأتي عن الأذرعي بقوله ثم حمل الأول إلخ مع تصويره بالاستيفاء ا هـ سم ( قوله لأن الغرض أنها إلى الآن لم تستقر إلخ ) قد يقال الاستيفاء لا يتوقف على الاستقرار بل يكفي فيه الوجوب وهو متحقق هنا بالفجر ا هـ سم ( قوله فيما قبضته ) [ ص: 306 ] أي من نفقة اليوم ( قوله لأن ذلك ) أي احتمال سقوطه . ا هـ سم ( قوله وبالمعين إلخ ) عطف على قوله بالاستقرار إلخ ( قوله حيث قالا ) أي ابن كج وغيره .

                                                                                                                              ( قوله وصرح الشيخان إلخ ) مستأنف عبارة المغني ويجري الخلاف في الاعتياض عن الكسوة إن قلنا تمليك وهو الأصح وفي الاعتياض عن الصداق كما في الشرح والروضة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقوله إلخ ) عطف على بحثه ( قوله وهم ) خبر فما وقع إلخ ( قوله وغيرها ) كالكسوة والصداق ( قوله ويتعين ) إلى قوله ونقل الأذرعي في المغني ( قوله حمله على الربوي ) قياس وجوب القبض لأجل الربا أنها لو اعتاضت ربويا من أجنبي وجب قبضه أيضا ما في ذمة الزوج لها قبل التفرق ا هـ سم ( قوله ونحوهما ) إلى قوله ونقل الأذرعي في النهاية ( قوله عن الحب الموافق له جنسا ) أما لو أخذت غير الجنس كخبز الشعير عن القمح فإنه يجوز كما لو أخذت النقد ا هـ مغني ( قوله ونقل الأذرعي ) إلى قوله ويؤيده عقبه النهاية بقوله والمعتمد الإطلاق وإن زعم أنه يؤيده قولهم ولو أكلت إلخ وأقره محشي وسم والسيد عمر ( قوله ونقل الأذرعي مقابله إلخ ) عبارة المغني والثاني الجواز وقطع به البغوي لأنها تستحق الحب والإصلاح فإذا أخذت ما ذكر فقد أخذت حقها لا عوضه ورجحه الأذرعي وقال الأكثرون على خلاف الأول رفقا ومسامحة ثم قال ولا شك أنا متي جعلناه اعتياضا فالقياس البطلان والمختار جعله استيفاء وعليه العمل قديما وحديثا ا هـ وبه يعلم ما في قول الشارح ثم حمل الأول على ما إذا وقع اعتياض بعقد .

                                                                                                                              ( قوله وهو المختار ) أي الفرق بين كونه بعقد أو لا ا هـ ع ش هذا ظاهر على صنيع الشارح وأما على ما قد قدمناه عن المغني فمرجع الضمير جعله استيفاء ( قوله ويؤيده ) أي كلام الأذرعي ا هـ رشيدي




                                                                                                                              الخدمات العلمية