الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في مؤنة المماليك وتوابعها ( عليه ) أي : المالك ( كفاية رقيقه ) إلا مكاتبا ولو كتابة فاسدة ومزوجة تجب نفقتها فإن قلت : لم وجبت نفقة المرتد هنا لو فرض تأخر قتله بخلاف نظيره في القريب قلت ؛ لأن الموجب هنا الملك وهو موجود وثم مواساة القريب ، والمهدر ليس من أهل المواساة ( نفقة ) قوتا وأدما بلا تقدير ( وكسوة ) وسائر مؤنه كماء طهره قول المحشي قوله : ولو سفرا ليس في نسخ الشارح التي بأيدينا [ ص: 365 ] في الحضر لخبر مسلم { للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل ما لا يطيق } وقيس بما فيه غيره ( وإن كان ) مستحق المنفعة للغير بنحو وصية ، أو إجارة ، أو آبقا ، أو ( أعمى زمنا ) أكولا ، وإن زادت كفايته على كفاية مثله والواجب أول الشبع والري كما يأتي نظير ما مر ( ومدبرا ومستولدة ) لبقاء ملكه لهما وإنما تجب ( من غالب ) نحو ( قوت رقيق البلد وأدمهم ) إن اختلف نحو قوتهم باختلاف جمالهم وبيسار ساداتهم وإلا اعتبر غالب قوت البلد وعليه حملوا خبر { فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه } ، وخبر { وأطعموهم مما تأكلون } ، ولا نظر لما يأكله السيد ، أو يلبسه غير لائق به بخلا ، أو رياضة ( و ) من غالب ( كسوتهم ) أي : الأرقاء كذلك لخبر الشافعي رضي الله عنه { للمملوك نفقته وكسوته بالمعروف } قال : والمعروف عندنا المعروف لمثله ببلده ( ولا يكفي ستر العورة ) ، وإن لم يضره ؛ لأن فيه إذلالا له وتحقيرا نعم إن اعتيد ولو ببلادنا على الأوجه كفى إذ لا تحقير حينئذ .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل ) في مؤنة المماليك وتوابعها

                                                                                                                              ( قوله : إلا مكاتبا ) نعم إن عجز نفسه وجبت نفقته ، وإن لم يفسخ السيد وهي مسألة عزيزة النقل م ر ( قوله : قلت : لأن الموجب إلخ ) وأيضا فهنا يمكن التخلص منه بنحو البيع والإعتاق ، ولا كذلك ، ثم ( قوله : وثم مواساة القريب ) بل الموجب القرابة كما تقدم أول الباب وهي موجودة والمواساة حكمة ( قوله : ولو سفرا ) م ر ( قوله : كماء طهره ) ولو دفعه له فتعمد إتلافه بلا حاجة وجب دفعه ثانيا ، وهكذا غاية الأمر أنه يأثم بتعمد إتلافه وله تأديبه على ذلك ، وإنما لزمه تعدد الدفع لحق الله تعالى م ر وقياس ذلك وجوب تكرر الدفع إذا كان متعمد الحدث بعد الطهارة .

                                                                                                                              ( قوله : كماء طهره ) لو دفع إليه ماء الطهر فتطهر به ، ثم قبل أن يصلي به الفرض أحدث عمدا بلا حاجة فهل يلزمه أن يدفع له ماء آخر ؟ فيه نظر ولا يبعد أنه لا يلزمه ، وعلى هذا لو تعدى بالجنابة كأن زنى ، أو بتنجس بدنه أو ثوبه كأن ضمخه بالنجاسة عمدا بلا حاجة فهل يلزمه ماء [ ص: 365 ] الطهارة لذلك ويفرق أو لا ؟ فيه نظر وقد تقدم في نفقة الأقارب قول الشارح وأنه يبدل ما تلف بيده وكذا إن أتلفه لكن الرشيد يضمنه إذا أيسر ، ولا نظر لمشقة تكرار الإبدال بتكرار الإتلاف لتقصيره بالدفع له إذ يمكنه أن ينفقه من غير تسليم وما يضطر لتسليمه كالكسوة يمكنه أن يوكل به من يراقبه ، ويمنعه من إتلافها . ا هـ . ولا يخفى جريان ذلك بالأول إلا الضمان فلا يتأتى هنا ، وقد يؤخذ من قوله إذ يمكنه أن ينفقه من غير تسليم إلخ الفرق بين وجوب إبدال النفقة ، والكسوة هنا مطلقا أخذا مما تقرر في القريب ، وبين عدم وحوب إبدال ماء الطهارة فيما ذكرنا هنا وقد يقال : ينبغي أن يجب إبدال ماء الطهارة هنا مطلقا لإمكان التخلص منه بنحو البيع .

                                                                                                                              ( فرع ) اختلفا في كفاية النفقة فيتجه تصديق السيد إذا كان يكفي أمثاله ظاهرا ما لم يثبت خلافه ( قوله : في الحضر ) وكذا في السفر في الأوجه ( قوله في المتن : من غالب قوت إلخ ) ولو أعطى السيد رقيقه طعامه لم يجز له تبديله بما يقتضي تأخير الأكل إلا لمصلحة الرقيق ولو فضل نفيس رقيقه لذاته على خسيسه كره في العبيد ، وسن في الإماء م ر ش ( قوله : وإلا اعتبر إلخ ) في ترتيب هذا الجزاء على الشرط شيء ؛ لأن نفي الاختلاف المذكور صادق باتحاد قوت رقيق البلد لكنه دون قوت السادات عادة فليتأمل . ( قوله : وعليه حملوا إلخ ) قد يقال : فلا حاجة حينئذ لقوله : من طعامه ومن لباسه ، ويجاب بأنه لدفع توهم أنه إنما يجب له بما دون الغالب تمييزا له بينه وبين السيد .

                                                                                                                              ( قوله في المتن : وكسوتهم ) ولا يكفي ستر العورة ولو كانوا لا يسترون أصلا وجب ستر العورة لحق الله تعالى ، وقد مر ذلك ، ويؤخذ من التعليل أن الواجب ستر ما بين السرة ، والركبة م ر ش أي : ولو أنثى والكلام حيث لا عارض والأوجب ستر كل البدن كأن تعين لدفع نظر محرم فعليه منعها من خروج يلزمه نظر محرم ، أو سترها بما يمنع منه م ر ( قوله : إذ لا تحقير ) وإنما وجب ما زاد على ستر العورة في الميت مطلقا ؛ لأن [ ص: 366 ] ذلك خاتمة أمره والاقتصار المذكور ينافي الإكرام



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل ) في مؤنة المماليك وتوابعها ( قوله : وتوابعها ) أي : المؤنة ( قول المتن كفاية رقيقه ) ذكرا كان ، أو أنثى ، أو خنثى نهاية ( قوله : إلا مكاتبا إلخ ) نعم إن احتاج لزمته كفايته كما سيأتي في الكتابة وكذا لو عجز نفسه ، ولم يفسخ سيده فعليه نفقته وهي مسألة عزيزة النقل ، ويلزمه فطرة المكاتب كتابة فاسدة نهاية وقوله : نعم إن احتاج إلخ ظاهره ولو كانت الكتابة صحيحة ويفيده قوله : وكذا إلخ ع ش وقوله : لو عجز نفسه إلى قوله : ويلزمه إلخ في المغني مثله . ( قوله : تجب نفقتها ) أي : على زوجها بأن سلمت له ليلا ونهارا . ا هـ . ع ش ( قوله : قوتا ) إلى قوله والواجب في النهاية والمغني إلا قوله في الحضر ( قوله : وسائر مؤنه ) حتى يجب على السيد أجرة الطبيب ، وثمن الأدوية ، وإن لم يجب عليه ذلك لنفسه اكتفاء في حق نفسه بداعية الطبع . ا هـ .

                                                                                                                              نهاية قال ع ش قوله : وإن لم يجب عليه إلخ أي : وإن أخبره طبيب عدل بحصول الشفاء لو تناوله ، وينبغي وجوبه إذا أخبره معصوم بهلاكه لو ترك الدواء . ا هـ . ( قوله : كماء طهره ) ولو سفرا وتراب تيممه إن احتاجه نهاية ومغني ( قوله : [ ص: 365 ] في الحضر ) وكذا في السفر في الأوجه ولو دفعه له فتعمد إتلافه بلا حاجة وجب دفعه له ثانيا ، وهكذا غاية الأمر أنه يأثم بتعمد إتلافه ، وله تأديبه على ذلك وإنما لزمه تعدد الدفع لحق الله تعالى م ر وقياس ذلك وجوب تكرر الدفع إذا كان يتعمد الحدث بعد الطهارة بلا حاجة سم على حج . ا هـ . ع ش ( قوله : بما فيه ) أي : في الخبر ( قوله : مستحق المنفعة ) أي : أو معارا ، أو مرهونا أو كسوبا . ا هـ . نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : أو آبقا ) ومن صورة تمكن الآبق من النفقة حال إباقه أن يجد هناك وكيلا مطلقا للسيد تأمل سم على المنهج ويمكن أن يصور أيضا بما لو رفع أمره لقاضي بلد الإباق ، وطلب منه أن يقترض على سيده لكن يبقى الكلام هل يجيبه إلى ذلك حيث علم إباقه ، أو لا ليحمله على العود إلى سيده ؟ فيه نظر والأقرب أنه يأمره بالعود إلى سيده فإن أجابه إلى ذلك وكل به من يصرف عليه ما يوصله إلى سيده قرضا . ا هـ . ع ش ( قوله : أكولا إلخ ) عبارة المغني والنهاية : وتعتبر كفايته في نفسه زهادة ورغبة وإن زادت على كفاية مثله غالبا . ا هـ . ( قوله : نظير ما يأتي ) أي : في علف الدواب وسقيها . ا هـ . ع ش ( قول المتن من غالب قوت رقيق البلد ) من قمح ، وشعير ، ونحو ذلك وقوله : وأدمهم من سمن وزيت ، وجبن ونحو ذلك مغني ونهاية ( قوله : وإلا اعتبر إلخ ) في ترتيب هذا الجزء على هذا الشرط شيء ؛ لأن نفي الاختلاف المذكور صادق باتحاد قوت رقيق البلد لكنه دون قوت السادات عادة فليتأمل . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : ولا نظر لما يأكله السيد إلخ ) عبارة النهاية والمغني : ولا بد من مراعاة حال السيد في يساره ، وإعساره فيجب ما يليق بحاله ، ولو كان السيد يأكل ، ويلبس دون المعتاد غالبا بخلا أو رياضة لزمه لرقيقه رعاية الغالب له . ا هـ . قال ع ش أي : ولا بد أيضا من مراعاة حال العبد جمالا ، وعدمه كما يدل عليه قوله : قال والمعروف عندنا إلخ ، ولا يخالف هذا ما سيذكره من كراهة تفضيل النفيس من العبيد إلخ ؛ لأنه قيده ثم بالنفاسة لذاته ، وما هنا في النفاسة بسبب النوع ، أو الصنف كالرومي مع الزنجي . ا هـ . ( قوله : كذلك ) أي : إن اختلف كسوتهم باختلاف جمالهم إلخ ( قوله : لخبر الشافعي ) إلى قوله : ويظهر في المغني وإلى قول المتن وتسقط في النهاية ( قوله : وإن لم يضره ) أي : لم يتأذ بحر ، ولا برد نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : نعم إن اعتيد إلخ ) عبارة المغني هذا ببلادنا كما قاله الغزالي وغيره ، أما ببلاد السودان ونحوها فله ذلك كما في المطلب وهذا يفهمه قولهم : من الغالب فلو كانوا لا يستترون أصلا وجب ستر العورة لحق الله تعالى . ا هـ . زاد النهاية ويؤخذ من التعليل أن الواجب ستر ما بين السرة والركبة . ا هـ . أي : [ ص: 366 ] ولو أنثى والكلام حيث لا عارض والأوجب ستر كل البدن كأن تعين لدفع نظر محرم فعليه منعها من خروج يلزمه نظر محرم ، أو سترها بما يمنع منه م ر سم و ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية