الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2175 [ ص: 126 ] 7 - ( حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا الليث عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه فضلا ؟ فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى ، وإلا قال للمسلمين : صلوا على صاحبكم ، فلما فتح الله عليه الفتوح ، قال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا ، فعلي قضاؤه ، ومن ترك مالا فلورثته ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة وهي أنه في بيان حكم الدين . ورجاله قد تكرر ذكرهم ولا سيما بهذا السند .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في النفقات عن يحيى بن بكير ، وأخرجه مسلم في الفرائض عن عبد الملك بن شعيب ، وأخرجه الترمذي في الجنائز عن أبي الفضل مكتوم بن العباس .

                                                                                                                                                                                  قوله : " عن أبي سلمة عن أبي هريرة " هكذا رواه عقيل ، وتابعه يونس ، وابن أخي ابن شهاب ، وابن أبي ذئب ، كما أخرجه مسلم وخالفهم معمر ، فرواه عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر ، أخرجه أبو داود والترمذي ، قوله : " المتوفى " أي الميت ، قوله : " عليه الدين " جملة حالية ، قوله : " فيسأل " أي رسول الله ، قوله : " هل ترك لدينه فضلا " أي قدرا زائدا على مئونة تجهيزه ، وفي رواية الكشميهني قضاء بدل فضلا ، وكذا هو عند مسلم وأصحاب السنن ، قوله : " وفاء " أي ما يوفي به دينه ، قوله : " وإلا " أي وإن لم يترك وفاء ، قال إلى آخره ، قوله : " الفتوح " يعني من الغنائم وغير ذلك ، قوله : " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم " لأنه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - تكفل بدين من مات من أمته معدما ، وهو قوله : " فعلي قضاؤه " ، قوله : " فترك دينا " ، وفي رواية مسلم عن أبي هريرة " فترك دينا أو ضيعة " أي عيالا ، وفي رواية أخرى " ضياعا " ، وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا بفتح الضاد فسمى العيال بالمصدر كما يقال من مات وترك فقرا أي فقراء ، قوله : " فعلي قضاؤه " أي مما أفاء الله تعالى عليه من الغنائم والصدقات ، قوله : " فلورثته " ، وفي رواية مسلم " فهو لورثته " ، وفي رواية عبد الرحمن بن عمرة " فليرثه عصبته " .

                                                                                                                                                                                  وفيه من الفوائد : تحريض الناس على قضاء الديون في حياتهم والتوصل إلى البراءة منها ، ولو لم يكن أمر الدين شديدا لما ترك النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - الصلاة على المديون ، واختلف في أن صلاته على المديون كانت حراما عليه أو جائزة ، حكى فيه وجهان : وقال النووي : الصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن ، وقال ابن بطال : قوله : " من ترك دينا فعلي " ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين .

                                                                                                                                                                                  وفيه أن الإمام يلزمه أن يفعل هكذا فيمن مات وعليه دين ، فإن لم يفعله وقع القصاص منه يوم القيامة والإثم عليه في الدنيا إن كان حق الميت في بيت الميت بقي بقدر ما عليه من الدين وإلا فبقسطه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية