الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2265 11 - حدثنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا يونس عن الزهري ، قال : حدثني ابن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبره أن أباه قتل يوم أحد شهيدا وعليه دين ، فاشتد الغرماء في حقوقهم ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي فأبوا ، فلم يعطهم النبي صلى الله عليه وسلم حائطي ، وقال : سنغدو عليك ، فغدا علينا حين أصبح ، فطاف في النخل ودعا في ثمرها بالبركة ، فجددتها فقضيتهم وبقي لنا من ثمرها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " فسألهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي " بيان ذلك أن تمر حائط جابر كان أقل من دين أبيه ، فسألهم أن يقضي دون حقهم ويحللوا أباه ، فلما أبوا أتى النبي صلى الله عليه وسلم في صبيحة غد ذلك اليوم وشاهد النخل ودعا في ثمرها بالبركة ، فجده جابر وقضى دينهم وبقي من ذلك الثمر شيء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : عبدان وهو عبد الله بن عثمان وعبدان لقبه ، الثاني : عبد الله بن المبارك ، الثالث : يونس بن يزيد الأيلي ، الرابع : محمد بن مسلم الزهري ، الخامس : ابن كعب بن مالك ، واختلف فيه فذكر أبو مسعود الدمشقي وخلف الواسطي في الأطراف والطرقي أنه عبد الرحمن وتبعهم [ ص: 233 ] الحميدي في ذلك ، وذكر الحافظ المزي أنه عبد الله ، وقال صاحب التلويح : ولم يستدل على ذلك ، وتبعه صاحب التوضيح في ذلك ، قلت : بل استدل بأن وهبا روى الحديث عن يونس بسند الباب فسماه عبد الله ، وكذلك في رواية الإسماعيلي ، السادس : جابر بن عبد الله .

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع وبصيغة الإفراد في موضع ، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضعين وفي موضع بصيغة الإفراد ، وفيه أن شيخه وشيخ شيخه مروزيان ، وأن يونس أيلي ، وابن كعب مدني ، وفيه رواية التابعي عن التابعي .

                                                                                                                                                                                  قوله " فاشتد الغرماء " يعني في الطلب ، قوله " ويحللوا أبي " يعني يجعلونه في حل ويبرئونه عن الدين ، قوله " فأبوا " أي امتنعوا عن أخذ ثمر الحائط لأنه كان أقل من الدين ، قوله " فجددتها " من الجداد بالمهملتين وهو صرام النخل وهو قطع تمرتها ، يقال : جد التمرة يجدها جدا ، قوله " من ثمرها " أي من ثمر النخل .

                                                                                                                                                                                  وفيه من الفوائد : تأخير الغريم إلى الغد ونحوه بالعذر كما أخر جابر غرماءه رجاء بركة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان وعده أن يمشي معه ، فحقق الله رجاءه وظهرت بركته صلى الله تعالى عليه وسلم ، وثبت ما هو من أعلام نبوته ، وفيه مشي الإمام في حوائج الناس لأجل استشفاعه في الديون .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية