الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر تبييض أهل الجزيرة وخلعهم

وفي هذه السنة بيض أهل الجزيرة وخلعوا أبا العباس السفاح ، وساروا إلى حران وبها موسى بن كعب في ثلاثة آلاف من جند السفاح ، فحاصروه بها ، وليس على أهل الجزيرة رأس يجمعهم ، فقدم عليهم إسحاق بن مسلم العقيلي من إرمينية ، وكان سار عنها حين بلغه هزيمة مروان ، فاجتمع عليه أهل الجزيرة ، وحاصر موسى بن كعب نحوا من الشهرين .

ووجه أبو العباس السفاح أخاه أبا جعفر فيمن كان معه من الجنود بواسط محاصرين ابن هبيرة ، فسار فاجتاز بقرقيسيا والرقة ، وأهلهما قد تبيضوا ، وسار نحو حران ، فرحل إسحاق بن مسلم إلى الرهاء ، وذلك سنة ثلاث وثلاثين ومائة ، وخرج موسى بن كعب من حران فلقي أبا جعفر .

ووجه إسحاق بن مسلم أخاه بكار بن مسلم إلى ربيعة بدارا وماردين ، ورئيس ربيعة يومئذ رجل من الحرورية يقال له بريكة ، فعمد إليهم أبو جعفر فلقيهم ، فقاتلوه قتالا شديدا ، وقتل بريكة في المعركة ، وانصرف بكار إلى أخيه إسحاق بالرهاء ، فخلفه إسحاق بها وسار إلى سميساط في عظم عسكره ، وأقبل أبو جعفر إلى الرهاء ، وكان بينهم وبين بكار وقعات .

وكتب السفاح إلى عبد الله بن علي يأمره أن يسير في جنوده إلى سميساط ، فسار حتى نزل بإزاء إسحاق بسميساط ، وإسحاق في ستين ألفا وبينهم الفرات ، وأقبل أبو جعفر من الرهاء ، وحاصر إسحاق بسميساط سبعة أشهر ، وكان إسحاق يقول : في عنقي بيعة ، فأنا لا أدعها حتى أعلم أن صاحبها مات أو قتل .

فأرسل إليه أبو جعفر : إن مروان قد قتل . فقال : حتى أتيقن . فلما تيقن قتله طلب الصلح والأمان ، فكتبوا إلى السفاح بذلك وأمرهم أن يؤمنوه ومن معه ، فكتبوا بينهم كتابا [ ص: 28 ] بذلك ، وخرج إسحاق إلى أبي جعفر ، وكان عنده من آثر صحابته ، واستقام أهل الجزيرة والشام .

وولى أبو العباس أخاه أبا جعفر الجزيرة وإرمينية وأذربيجان ، فلم يزل عليها حتى استخلف .

وقد قيل : إن عبيد الله بن علي هو الذي آمن إسحاق بن مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية