الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما دار السكنى ففيها تفصيل أشار له بقوله ( و ) صحت ( هبة زوجة دار سكناها لزوجها ) ( لا العكس ) وهو هبة الزوج دار سكناه لزوجته فلا يصح لعدم الحوز ; لأن السكنى للرجل لا للمرأة فإنها تبع له وعطف على قوله " لا العكس " قوله [ ص: 107 ] ( ولا إن ) ( بقيت ) الهبة ( عنده ) أي عند واهبها حتى حصل مانع من موت ، أو إحاطة دين ، أو غير ذلك فتبطل لعدم الحوز وهذا معلوم مما قدمه ، أعاده ليرتب عليه قوله ( إلا ) أن يهب ولي من أب أو وصي ، أو مقدم قاض ( لمحجوره ) الصغير ، أو السفيه أو المجنون فلا تبطل إن بقيت عنده حتى حصل المانع ; لأنه الذي يحوز له حيث أشهد على الهبة ، وإن لم يحضرها لهم ولا عاينوا الحيازة ولا صرف الغلة له على المعتمد الذي جرى به العمل ( إلا ) أن يهب له ( ما لا يعرف بعينه ) من معدود ، أو موزون ، أو مكيل أو كعبد من عبيد ، أو دار من دور ونحو لؤلؤ وزبرجد فلا تصح هبته وحيازته لمحجوره ( ولو ختم عليه ) مع بقائه عنده ولا بد من إخراجه عنه قبل المانع .

التالي السابق


( قوله : وصحت هبة زوجة دار سكناها لزوجها ) أي أو لبنيه ولو استمرت ساكنة فيها حتى ماتت إذا أشهدت ولو شرطت عليه أن لا يخرجها منها وأن لا يبيعها فقال ابن رشد في نوازل أصبغ من العتبية لا يجوز ذلك ولا يكون سكناه معها فيها حيازة له ا هـ وبهذا يرد ما ذكره عج من صحة الهبة بالشرط المذكور ا هـ بن . ( قوله : لا العكس ) وهو هبة الزوج لزوجته دار سكناه فلا يصح إذا استمر ساكنا فيها معها حتى مات وهذا إذا كانت الهبة مجردة عن شائبة المعاوضة وأما لو التزم الزوج لزوجته النصرانية إن أسلمت فالدار الساكن فيها معها تكون لها فأسلمت فهي لها ولو مات قبل الحوز ; لأن ذلك معاوضة قاله ابن حبيب عن ابن الماجشون ، وعيسى عن ابن القاسم ، وابن أبي حازم في المدونة ورجحه ابن رشد وابن الحاج وقال مطرف لا بد من الحوز ; لأن ذلك عطية قاله ح في التزاماته [ ص: 107 ] قوله : ولا إن بقيت الهبة ) بمعنى الشيء الموهوب . ( قوله : فتبطل لعدم الحوز ) أي إذا لم يعلم الموهوب له بها ، أو علم بها ولم يجد في طلبها حتى حصل المانع أما إن جد فلا بطلان كما مر . ( قوله : إلا لمحجوره ) هذا استثناء من محذوف أي ولا إن بقيت عنده بالنسبة لكل شخص موهوب له إلا لمحجوره . ( قوله : حتى حصل المانع ) أي قبل رشد المحجور . ( قوله : لأنه الذي يحوز له ) علة لعدم البطلان وقوله : حيث أشهد على الهبة شرط في عدم البطلان . ( قوله : وإن لم يحضرها لهم ) أي وإن لم يحضر الولي الهبة للشهود فمتى قال الولي للشهود اشهدوا أني وهبت كذا لمحجوري كفى سواء أحضره لهم ليشهدوا على عينه أم لا فلا يشترط إحضاره لهم ولا معاينتهم لحوز الولي لهم . ( قوله : ولا صرف الغلة له ) عطف على المعنى أي لا يشترط إحضارها ولا معاينتهم للحيازة ولا صرف الغلة له . ( قوله : على المعتمد الذي جرى به العمل ) مقابله أن عدم البطلان مقيد بصرف الولي الغلة في مصالح المحجور عليه فإن كان يصرفها في مصالح نفسه بطلت فالهبة كالحبس لا فرق بينهما في هذا وهذا القول المقابل هو الذي رجحه ابن سلمون وابن رحال في حاشية التحفة كما في بن واعلم أن الولي إذا وهب لمحجوره فإنه يجوز له إلى أن يبلغ رشيدا فإذا بلغ رشيدا حاز لنفسه فإذا بلغ رشيدا ولم يحز لنفسه وحصل مانع للواهب بطلت لا إن بلغ سفيها ، أو حصل المانع وهو صغير فإن جهل الحال ولم يدر هل بلغ رشيدا ، أو سفيها والحال أن الواهب حصل له المانع بعد البلوغ فقولان والمعتمد أنه يحمل على السفه وحينئذ فتصح الهبة لما تقدم أن الرشد لا يثبت إلا ببينة فيحمل على السفه عند جهل الحال . ( قوله : إلا أن يهب له ) أي إلا أن يهب الولي لمحجوره وقول المصنف إلا ما لا يعرف إلخ استثناء من محذوف بعد المستثنى قبله وهو قوله : إلا لمحجوره أي فيحوز له كل شيء إلا ما لا يعرف بعينه . ( قوله : من معدود ، أو من موزون أو مكيل ) أي سواء كان طعاما أو غيره ككتاب . ( قوله : أو كعبد من عبيد إلخ ) فإذا قال وهبت لمحجوري عبدا من عبيدي ، أو دارا من دوري ، أو بقرة من بقري واستمر واضعا يده على ذلك حتى مات ولم يعينها بطلت . ( قوله : ولا بد من إخراجه عنه قبل المانع ) أي لا بد في صحة الهبة من إخراجه عند أجنبي قبل المانع فإذا جعله عند أجنبي قبل المانع صحت الهبة سواء أخرجه غير مختوم عليه أو مختوما عليه خلافا لظاهر عبق حيث قال بخلاف ختمه عليه وتحويزه لأجنبي قبل موته فإنها تصح فإنه يقتضي اشتراط الختم إذا أخرجه لأجنبي فتأمل .




الخدمات العلمية