الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وللوصي اقتضاء الدين ) ممن هو عليه ( وتأخيره بالنظر ) في المصلحة فقد يكون التأخير هو الصواب واللام في كلامه للاختصاص فلا ينافي أن اقتضاء الدين مثلا يجب عليه ( و ) له ( النفقة على الطفل ) أو السفيه ( بالمعروف ) بحسب قلة المال وكثرته وبحسب حال الطفل من أكل وكسوة وغير ذلك فينظر لما يقتضيه الحال بالمعروف فيما ذكر ( وفي ختنه وعرسه ) ولا حرج على من دخل فأكل ; لأنه مأذون فيه شرعا بخلاف لو أسرف من مال اليتيم فلا يجوز الأكل منه ( وعيده ) فيوسع عليه بما يقتضيه الحال وأما ما يصرف للعابين في عرسه وختنه فلا يلزم اليتيم ويضمنه الوصي ( و ) للوصي ( دفع نفقة له قلت ) كنفقة شهر ونحوه مما يعلم أنه لا يتلفه فإن خاف إتلافه فنفقة يوم بيوم ( و ) له ( إخراج ) زكاة ( فطرته ) من ماله عنه وعمن تلزمه نفقته ( وزكاته ) المالية من عين وحرث وماشية [ ص: 455 ] ( ورفع ) الموصي ( للحاكم ) الذي يرى زكاة المال في مال الصبي ليحكم بإخراجها فيرتفع الخلاف خوفا من رفع الصبي بعد رشده لحنفي لا يرى الزكاة في مال الصبي فيضمن الوصي له ما أخرجه عنه ولذا قال ( إن كان ) هناك ( حاكم حنفي ) يرى سقوطها عن الصبي والمراد وجد بالفعل أو يخشى توليته ( و ) له ( دفع ماله ) لمن يعمل فيه ( قراضا وبضاعة ) الواو بمعنى أو وله عدم دفعه إذ لا يجب عليه تنميته على المذهب ( ولا يعمل هو به ) لئلا يحابي لنفسه والنهي للكراهة كما فسره ابن رشد فإن عمل الوصي به مجانا فلا نهي بل هو من المعروف الذي يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى .

التالي السابق


( قوله فقد يكون التأخير هو الصواب ) أي كخوف تلفه إن اقتضاه أو ضياعه ولا يقال إن التأخير حينئذ ممنوع ; لأنه سلف جر نفعا وهو الضمان ; لأن المنع إنما هو مع المواطأة وإلا فلا منع كما في بن .

( قوله فلا ينافي أن اقتضاء الدين مثلا ) أي وكذا ما بعده إلا في الأخير وهو قوله ودفع مال قراضا فإنه لا يجب .

( قوله وله النفقة على الطفل ) وليس لوارث الطفل أن ينكشف على ما بيد الوصي ويأخذ وثيقة بعلم عدده عليه محتجا بأنه إذا مات صار المال إليه فلا مخاصمة له في ذلك مع الوصي وعلى الوصي أن يشهد ليتيمه بماله الكائن بيده فإن أبى من ذلك أخذه الحاكم لبيانه نقله ح عن ابن رشد .

( قوله بحسب قلة المال وكثرته ) فلا يضيق على صاحب المال الكثير دون نفقة مثله ولا يوسع على قليله .

( قوله وفي ختنه ) عطف على مقدر أي والنفقة على الطفل بالمعروف في مؤنته وكسوته وفي ختنه وعرسه فقيد العرف معتبر فيهما أيضا وقد أشار الشارح لذلك بقوله فينظر لما يقتضيه الحال بالمعروف فيما ذكر أي من الأكل والكسوة وفي ختنه .

( قوله ولا حرج على من دخل فأكل ) أي لا حرج على من دخل بدعوة من الوصي وإلا كان آثما .

( قوله فلا يجوز الأكل منه ) أي ومن أكل شيئا ضمن قيمة ما أكله كذا قيل وقيل بجواز الأكل ; لأن ما أسرف من مال اليتيم ضمانه من الوصي بمجرد إتلافه بالطبخ فالآكل إنما أكل ملك الوصي نظير ما مر في الغصب .

( قوله ودفع نفقته له ) تنازع قوله له دفع ونفقة وربما أشعر قوله له بأن الوصي لا يدفع للمحجور نفقة زوجته وولدها وأم ولده ورقيقه وهو كذلك على الراجح الذي أقامه ابن الهندي من المدونة بل يسلم نفقة كل واحد منهم له في يده ، وقال ابن القصار نفقة أم ولده ورقيقه يدفعان إليه دون نفقة زوجته وولدها .

( قوله وعمن تلزمه نفقته ) أي كزوجته وعبيده وأولاده الصغار . ( قوله وزكاته إلخ ) أي للموصي أن يخرج زكاة محجوره إن كان الوصي مالكيا كان الولد كذلك أم لا فإن كان [ ص: 455 ] الوصي حنفيا لم يجب عليه إخراجها ولو كان الولد مالكيا فالعبرة بمذهب الوصي لا بمذهب الطفل أو أبيه .

( قوله ورفع الوصي ) أي إذا كان مالكيا وقوله للحاكم الذي يرى الزكاة في مال الصبي أي مطلقا العين والماشية المعلوفة والعاملة وغيرهما والحرث الكائن بأرض خراجية أو بغيرها .

( قوله إن كان هناك حنفي ) أي وكان لا يخفى عليه أمر اليتيم أو يخشى من رفعه إليه وإلا أخرج من غير رفع .

( قوله والمراد وجد بالفعل أو يخشى توليته ) أي فإن لم يوجد ولم يخش توليته كبعض بلاد المغرب وبلاد السودان أخرج زكاته من غير رفع . ( قوله لمن يعمل فيه قراضا إلخ ) أي ولو كان عمل القراض أو شراء البضاعة لا يحتاج لسفر في البر أو البحر ولا يجوز للوصي تسليفه لأحد على وجه المعروف ولو أخذ رهنا إذ لا مصلحة لليتيم في ذلك وأما تسلف الوصي نفسه فقد قيل بالترخيص فيه إذا كان له مال فيه وفاء انظر ح ونص فيه على منع تسليف مال اليتيم بنفع كما يقع الآن من دفع مال اليتيم قرضا العشرة أحد عشر ولو بنذر من المقترض وللوصي الصلح بالنظر ولا يجوز إقراره على المحجور ولا إبراؤه عنه الإبراء العام وإنما يبرئ عنه في المعينات .

( قوله على المذهب ) أي وقول عائشة اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة حمله ابن رشد على الندب .

( قوله ولا يعمل هو به ) أي بجزء من الربح له أي ولو كان ذلك الجزء يشبه قراض مثله لغيره كما هو مقتضى تعليل الشارح ( قوله فإن عمل الوصي به ) أي قراضا أو بضاعة .

( قوله بل هو من المعروف ) أي وحينئذ فلا ضمان عليه إذا تلف




الخدمات العلمية