الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ذكر مدة ما بين النفختين .

            أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بين النفختين أربعون عاما " ، وأخرج ابن أبي داود في البعث ، وابن مردويه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بين النفختين أربعون عاما " ، وأخرج ابن المبارك في الزهد عن الحسن قال : بين النفختين أربعون سنة ، الأولى يميت الله بها كل حي ، والأخرى يحيي الله بها كل ميت .

            ثم بعد انتهائي بالتأليف إلى هنا رأيت في كتاب العلل للإمام أحمد بن حنبل قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه ، حدثني عبد الصمد أنه سمع وهبا يقول : قد خلا من الدنيا خمسة آلاف سنة وستمائة سنة ، إني لأعرف كل زمان منها ما كان فيه من الملوك والأنبياء ، وهذا يدل على أن مدة هذه الأمة تزيد على الألف بنحو أربعمائة سنة تقريبا .

            ( فصل ) ومما يدل على تأخر المدة أيضا : ما أخرجه الحاكم في تاريخه قال : حدثنا أبو سعيد بن أبي حامد ، حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إلياس ، حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث ، حدثنا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى لا يعبد الله في الأرض مائة سنة قبل ذلك " .

            ومما يدل على ذلك أيضا : ما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس قال : سمعت والدي يقول : سمعت سليمان الحافظ ، سمعت أبا عصمة نوح بن مطر الفرغاني يقول : سمعت محمد بن أحمد بن سليمان الحافظ ، سمعت أبا صالح خلف بن محمد يقول : سمعت موسى بن أفلح [يقول] : سمعت أحمد بن الجنيد يقول : سمعت عيسى بن موسى سمعت أبا حمزة يقول : سمعت الأعمش يقول : سمعت مجاهدا يقول : سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الأشرار بعد الأخيار خمسين ومائة سنة [ ص: 110 ] يملكون جميع أهل الأرض وهم الترك " قال الديلمي : وأخبرناه عاليا أبي أخبرنا علي الميداني ، أخبرنا سعيد بن أبي عبد الله ، أخبرنا أبو عمرو بن المهدي ، حدثنا ابن مخلد ، حدثنا أحمد بن الحجاج النيسابوري ، أخبرنا مقرب بن عمار ، أخبرنا معمر بن زائدة عن الأعمش به .

            وأخبرنا الروياني في مسنده ، حدثنا محمد بن إسحاق ، أخبرنا محمد بن أسد الخشني ، أخبرنا الوليد بن مسلم ، أخبرنا ابن لهيعة عن كعب بن علقمة ، حدثني حسان بن كريب قال : سمعت أبا ذر يقول : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيكون بمصر رجل من قريش أخنس ، يلي سلطانا ثم يغلب عليه أو ينزع منه ، فيفر إلى الروم ، فيأتي بهم إلى الإسكندرية ، فيقاتل أهل الإسلام بها ، وذلك أول الملاحم " . أخرجه ابن عساكر في تاريخه ، وقال : رواه غيره عن الوليد فأدخل بين حسان وأبي ذر أبا النجم .

            أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، وعلي بن مسلم الفقيهاني قالا : أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو بكر ، أخبرنا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي ، حدثنا أبو عامر موسى بن عامر ، أخبرنا الوليد ، حدثنا ابن لهيعة عن كعب بن علقمة قال : حدثني حسان بن كريب ، قال : سمعت أبا النجم يقول : سمعت أبا ذر يقول : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " سيكون بمصر رجل من بني أمية أخنس يلي سلطانا ، ثم يغلب عليه أو ينزع منه ، فيفر إلى الروم فيأتي بهم إلى الإسكندرية فيقاتل أهل الإسلام بها ، فذلك أول الملاحم " .

            ثم أخرج عن أبي عبد الله بن منده قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : أبو النجم يروي عن أبي ذر الغفاري ، والحديث معلول ، ثم رأيت في كتاب الفتن لنعيم بن حماد قال : حدثنا أبو يوسف المقدسي - وكان كوفيا - عن محمد بن الحنفية قال : يملك بنو العباس حتى ييأس الناس من الخير ، ثم يتشعب أمرهم في سنة خمس وتسعين ، ويكون في الناس شر طويل ، ثم يزول ملكهم في سنة سبع وتسعين ، أو تسع وتسعين ، ويقوم المهدي في سنة مائتين . وأخرج نعيم أيضا عن جعفر قال : يقوم المهدي سنة مائتين . وأخرج أيضا عن أبي قبيل قال : اجتماع الناس على المهدي سنة أربع ومائتين .

            وهذه الآثار تشعر بتأخره إلى بعد الألف بمائتين ، وأخرج أبو نعيم أيضا عن عمرو [ ص: 111 ] بن العاص قال : تهلك مصر إذا رميت بالقسي الأربع : قوس الترك ، وقوس الروم ، وقوس الحبش ، وقوس أهل الأندلس ، قلت : وجد الأول ، وسيوجد الباقون .

            وأخرج نعيم بن حماد ، وابن عبد الحكم في فتوح مصر ، عن عمر بن الخطاب أنه قال لرجل من أهل مصر : ليأتينكم أهل الأندلس فيقاتلونكم بوسيم ، حتى تركض الخيل في الدم ، ثم يهزمهم الله تعالى ، ثم تأتيكم الحبشة في العام الثاني . وأخرج نعيم عن أبي قبيل قال : خرج يوما وردان من عند مسلمة بن مخلد ، وهو أمير على مصر ، فمر على عبد الله بن عمر مستعجلا ، فناداه فقال : أين تريد ؟ فقال : أرسلني الأمير إلى منف ; فأحفر له كنز فرعون ، قال : فارجع إليه وأقرئه مني السلام وقل له : إن كنز فرعون ليس لك ولا لأصحابك ; إنما هو للحبشة يأتون في سفنهم يريدون الفسطاط ، فيسيرون حتى ينزلوا منفا ، فيظهر لهم الله كنز فرعون ، فيأخذون منه ما يشاءون ، فيقولون : ما نبغي غنيمة أفضل من هذه فيرجعون ، ويخرج المسلمون في آثارهم حتى يدركوهم فيهزم الله تعالى الحبشة ، فيقتلهم المسلمون ويأسرونهم .

            وأخرج نعيم عن عبد الله بن عمرو قال : يقاتلكم أهل الأندلس بوسيم ، فيأتيكم مددكم من الشام ، فيهزمهم الله تعالى ، ثم يأتيكم الحبشة في ثلاثمائة ألف فتقاتلونهم أنتم وأهل الشام ، فيهزمهم الله تعالى ، والحمد لله رب العالمين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية