الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6460 ) فصل : ويجب للمرأة ما تحتاج إليه ، من المشط ، والدهن لرأسها ، والسدر ، أو نحوه مما تغسل به رأسها ، وما يعود بنظافتها ; لأن ذلك يراد للتنظيف ، فكان عليه ، كما أن على المستأجر كنس الدار وتنظيفها . فأما الخضاب ، فإنه إن لم يطلبه الزوج منها ، لم يلزمه ; لأنه يراد للزينة ، وإن طلبه منها ، فهو عليه . وأما الطيب ، فما يراد منه لقطع السهولة ، كدواء العرق ، لزمه ; لأنه يراد للتطيب ، وما يراد منه للتلذذ والاستمتاع ، لم يلزمه ; لأن الاستمتاع حق له ، فلا يجب عليه ما يدعوه إليه . ولا يجب عليه شراء الأدوية ، ولا أجرة الطبيب ; لأنه يراد لإصلاح الجسم ، فلا يلزمه ، كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار ، وحفظ أصولها ، وكذلك أجرة الحجام والفاصد . ( 6461 )

                                                                                                                                            فصل : وتجب عليه كسوتها ، بإجماع أهل العلم ; لما ذكرنا من النصوص ، ولأنها لا بد منها على الدوام ، فلزمته ، كالنفقة ، وهي معتبرة بكفايتها ، وليست مقدرة بالشرع ، كما قلنا في النفقة ، ووافق أصحاب الشافعي على هذا ، ويرجع في ذلك إلى اجتهاد الحاكم ، فيفرض لها على قدر كفايتها ، على قدر يسرهما وعسرهما ، وما جرت عادة أمثالهما به ، من الكسوة ، فيجتهد الحاكم في ذلك عند نزول الأمر ، كنحو اجتهاده في المتعة للمطلقة ، وكما قلنا في النفقة ، فيفرض للموسرة تحت الموسر من أرفع ثياب البلد ، من الكتان والخز والإبريسم ، وللمعسرة تحت المعسر ، غليظ القطن والكتان ، وللمتوسطة تحت المتوسط ، من ذلك ، فأقل ما يجب من ذلك قميص ، وسراويل ، ومقنعة ، ومداس ، وجبة للشتاء ، ويزيد من عدد الثياب ما جرت العادة بلبسه ، مما لا غنى عنه ، دون ما للتجمل والزينة ، والأصل في هذا قول الله عز وجل : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } .

                                                                                                                                            وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف } . والكسوة بالمعروف هي الكسوة التي جرت عادة أمثالها بلبسه ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } ( 6462 ) فصل : وعليه لها ما تحتاج إليه للنوم ، من الفراش واللحاف والوسادة ، كل على حسب عادته ; فإن كانت ممن عادته النوم في الأكسية والبساط ، فعليه لها لنومها ما جرت عادتهم به ، ولجلوسها بالنهار البساط ، والزلي ، والحصير الرفيع أو الخشن ، الموسر على حسب يساره ، والمعسر على قدر إعساره ، على حسب العوائد . [ ص: 160 ]

                                                                                                                                            فصل : ويجب لها مسكن ، بدليل قوله سبحانه وتعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } . فإذا وجبت السكنى للمطلقة ، فللتي في صلب النكاح أولى ، قال الله تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } . ومن المعروف أن يسكنها في مسكن ، ولأنها لا تستغني عن المسكن للاستتار عن العيون ، وفي التصرف ، والاستمتاع ، وحفظ المتاع ، ويكون المسكن على قدر يسارهما وإعسارهما ; لقول الله تعالى : { من وجدكم } . ولأنه واجب لها لمصلحتها في الدوام ، فجرى مجرى النفقة والكسوة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية