الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ولا يصح بيع رباع مكة ) بكسر الراء جمع ربع ( وهي المنازل ودار الإقامة ، ولا الحرم كله وكذا بقاع المناسك ) كالمسعى والمرمى ، والموقف ونحوها .

                                                                                                                      ( و ) القول بعدم صحة بيع المناسك ( أولى ) من القول بعدم صحة بيع رباع مكة ( إذ هي ) أي : بقاع المناسك ( كالمساجد ) لعموم نفعها وإنما لم يصح بيع رباع مكة ( لأنها فتحت عنوة ) بدليل أنه صلى الله عليه وسلم " أمر بقتل أربعة فقتل منهم ابن خطل ومقيس بن صبابة " ولو فتحت صلحا لم يجز قتل أهلها ولم تقسم بين الغانمين فصارت وقفا على المسلمين .

                                                                                                                      ( ولا ) تصح ( إجارة ذلك ) أي رباع مكة والحرم وبقاع المناسك ، لما روى سعيد بن منصور عن مجاهد مرفوعا { مكة حرام بيعها ، حرام إجارتها } وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا { مكة لا تباع رباعها ولا تكرى بيوتها } رواه الأثرم ( فإن سكن بأجرة ) في رباع مكة ( لم يأثم بدفعها ) صححه في الإنصاف .

                                                                                                                      وقال الشيخ التقي : هي ساقطة يحرم بذلها ( ولا يملك ماء عد ) بكسر العين وتشديد الدال قبل حيازته ( وهو الذي له مادة لا تنقطع كمياه العيون و ) ك ( نقع البئر ) لقوله { عليه السلام المسلمون شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنار } رواه أبو داود وابن ماجه .

                                                                                                                      ( ولا ) يملك ( ما في معدن جار ) إذا أخذ منه شيء خلفه غيره ( كملح وقار ونفط ونحوها ) قبل حيازته لعموم نفعه فهو كالماء ( ولا ) يملك ( كلأ ) قبل حيازته للحديث السابق ( ولا ) يملك ( شوك نبت في أرضه قبل حيازته ) ; لأن الشوك كالكلأ وقوله ( يملك أرض ) متعلق بلا يملك ، أي : لا تملك هذه الأشياء بملك الأرض بالحيازة ( فلا يصح بيعه ) أي : بيع شيء من ذلك قبل حيازته .

                                                                                                                      ( ولا يدخل ) ما في الأرض من ذلك ( في بيعها ) ; لأن البائع لم يملكه فلم يتناوله البيع ( ك ) ما لو كان في ( أرض مباحة ) غير مملوكة ( ولكن صاحب الأرض أحق به ، لكونه في أرضه قاله الموفق وغيره ، ومن حاز من ذلك ) أي : من الماء العد والكلأ والشوك والمعدن الجاري ( شيئا ملكه ) وجاز بيعه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع الماء إلا ما حمل منه } رواه أبو عبيد في [ ص: 161 ] الأموال وعلى ذلك مضت العادة من غير نكير .

                                                                                                                      ( إلا أنه يحرم دخول ملك غيره بغير إذنه لأجل أخذ ذلك إن كان ) رب الأرض ( محوطا عليها ) ; لأنه تصرف في ملك غيره بغير إذنه ( وإلا ) بأن لم يحوط عليها ( جاز ) الدخول بلا إذنه ( بلا ضرر ) لدلالة القرينة على رضاه حيث لم يحوط ( ولو استأذنه ) أحد في الدخول ( حرم ) على رب الأرض ( منعه إن لم يحصل ) ضرر بدخوله لما تقدم ( وسواء ) فيما تقدم ( كان ذلك ) أي : الماء العد والمعدن الجاري ، والكلأ والشوك ( موجودا في الأرض خفيا أو حدث بها بعد ملكها ) وسواء ملكها بشراء أو إحياء أو إرث أو غيرها .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية