الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويمنع الحيض خمسة عشر شيئا ) بالاستقراء أحدها :

                                                                                                                      ( الطهارة ) أي : للحيض ; لأن انقطاعه شرط لصحة الطهارة ( له ) وتقدم ، بخلاف الغسل لجنابة ، أو إحرام ونحوه كما تقدم في الغسل .

                                                                                                                      ( و ) الثاني ( الوضوء ) لأن من شرطه انقطاع ما يوجبه كما تقدم .

                                                                                                                      ( و ) الثالث ( قراءة القرآن ) لما تقدم في الغسل من قوله صلى الله عليه وسلم : لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن .

                                                                                                                      ( و ) الرابع ( مس المصحف ) لما تقدم .

                                                                                                                      ( و ) الخامس ( الطواف ) { لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة إذا حضت افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري } متفق عليه .

                                                                                                                      ( و ) السادس ( فعل الصلاة و ) السابع ( وجوبها ) أي : الصلاة ( فلا تقضيها ) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على إسقاط فرض الصلاة عنها في أيام حيضها ، وعلى أن قضاء ما فات عنها في أيام حيضها ليس بواجب ، { لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة } ولما روت معاذة قالت :

                                                                                                                      { سألت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ، ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ فقلت : لست بحرورية ولكني أسأل فقالت : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة } متفق عليهما ، .

                                                                                                                      ومعنى قولها أحرورية الإنكار عليها أن تكون من أهل حروراء وهي مكان تنسب إليه الخوارج لأنهم يرون على الحائض قضاء الصلاة كالصوم لفرط تعمقهم في الدين حتى مرقوا منه ، ولأنه يشق لتكرره وطول مدته ، فإن أحبت القضاء فظاهر نقل الأثرم التحريم .

                                                                                                                      قال في الفروع : ويتوجه احتمال يكره لكنه بدعة كما رواه الأثرم عن عكرمة ولعل المراد ، إلا ركعتي الطواف لأنها نسك لا آخر لوقته فيعايى بها ا هـ يعني إذا طافت ثم حاضت قبل أن تصلي ركعتي الطواف فإنها تصليهما إذا طهرت ; لأنه لا آخر لوقتهما فتسميتها قضاء تجوز .

                                                                                                                      ( و ) الثامن : ( فعل الصيام ) لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد { أليس إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تصل ؟ قلت بلى قال فذلك من نقصان دينها } رواه البخاري و ( لا ) يمنع الحيض ( وجوبه ) أي : الصوم ( فتقضيه ) إجماعا قاله في المبدع ; لأنه واجب في ذمتها كالدين المؤجل ، لكنه مشروط بالتمكن ، فإن [ ص: 198 ] لم تتمكن لم تكن عاصية وتقضيه هي وكل معذور بالأمر السابق ، لا بأمر جديد .

                                                                                                                      والتاسع ( الاعتكاف و ) العاشر ( اللبث في المسجد ) ولو بوضوء لقوله صلى الله عليه وسلم { لا أحل المسجد لحائض ولا جنب } رواه أبو داود .

                                                                                                                      ( و ) الحادي عشر : ( الوطء في الفرج ) لقوله تعالى { فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } " ولقوله صلى الله عليه وسلم { اصنعوا كل شيء إلا النكاح } " رواه مسلم ( إلا لمن به شبق بشرطه ) وهو أن لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج ويخاف تشقق أنثييه إن لم يطأ ، ولا يجد غير الحائض بأن لا يقدر على مهر حرة ولا ثمن أمة .

                                                                                                                      ( و ) الثاني عشر : ( سنة الطلاق ) لما روي { عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا } متفق عليه ، ولم يقل البخاري أو حاملا ولأنه إذا طلقها فيه كان محرما ، وهو طلاق بدعة لما فيه من تطويل العدة ، وسيأتي ( ما لم تسأله طلاقا بعوض أو خلع لأنها ) إذن قد أدخلت الضرر على نفسها ( فإن سألته ) طلاقا ( بغير عوض لم يبح ) قلت : ولعل اعتبار العوض لأنها تظهر خلاف ما تبطن فبذل العوض يدل على إرادتها الحقيقية .

                                                                                                                      ( و ) الثالث عشر : ( الاعتداد بالأشهر ) يعني أن من تحيض لا تعتد بالأشهر ، بل بالحيض لقوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } فأوجب العدة بالقروء ، وشرط في الآيسة عدم الحيض لقوله تعالى { واللائي يئسن من المحيض } الآية ( إلا المتوفى عنها زوجها ) فتعتد بالأشهر ، لقوله تعالى { والذين يتوفون منكم } الآية .

                                                                                                                      والرابع عشر : ( ابتداء العدة إذا طلقها في أثنائه ) أي : الحيض ، لقوله تعالى ثلاثة قروء وبعض القرء ليس بقرء .

                                                                                                                      ( و ) الخامس عشر : ( مرورها في المسجد إن خافت تلويثه ) لأن تلويثه بالنجاسة محرم والوسائل لها حكم المقاصد ( ولا يمنع ) الحيض ( الغسل للجنابة والإحرام ) ودخول مكة ونحوه وتقدم ( بل يستحب ) الغسل لذلك ( ولا ) يمنع ( مرورها في المسجد إن أمنت تلويثه ) قال في رواية [ ص: 199 ] ابن إبراهيم : تمر ولا تقعد .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية