الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2124 - مسألة : من أفزعه السلطان فتلف ؟ قال علي : روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن مطر الوراق وغيره عن الحسن قال : أرسل عمر إلى امرأة مغنية كان يدخل عليها ، فأنكر ذلك ، فقيل لها : أجيبي عمر ؟ فقالت : يا ويلها مالها ولعمر ؟ قال : فبينما هي في الطريق فزعت ، فضمها الطلق ، فدخلت دارا فألقت ولدها فصاح الصبي صيحتين فمات ؟ فاستشار عمر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأشار عليه بعضهم : أن ليس عليك شيء ، إنما أنت وال ، [ ص: 228 ] ومؤدب ، قال : وصمت علي فأقبل عليه عمر فقال : ما تقول ؟ فقال : إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم ، وإن كانوا قالوا في هواك ؟ فلم ينصحوا لك ، أرى أن ديته عليك لأنك أنت أفزعتها ، وألقت ولدها في سبيلك ، فأمر عليا أن يقسم عقله على قريش - يعني : يأخذ عقله من قريش ; لأنه أخطأ . قال أبو محمد : فالصحابة رضي الله عنهم قد اختلفوا ، فالواجب الرجوع إلى ما أمر الله تعالى به بالرجوع إليه عند التنازع إذ يقول تعالى { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } .

                                                                                                                                                                                          فوجدنا الله تعالى يقول { كونوا قوامين بالقسط } ، { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف } .

                                                                                                                                                                                          وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع فإن لم يستطع فبلسانه } .

                                                                                                                                                                                          فصح أن فرضا على كل مسلم قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .

                                                                                                                                                                                          ومن المحال أن يفترض الله تعالى على الأئمة أو غيرهم أمرا إن لم يعملوه عصوا الله تعالى ثم يؤاخذهم في ذلك ؟ ووجدنا هذه المبعوث فيها : بعث فيها بحق ، ولم يباشر الباعث فيها شيئا أصلا فلا شيء عليه ، وإنما كان يكون عليه دية ولدها لو باشر ضربها أو نطحها - وأما إذا لم يباشر فلم يجن شيئا أصلا .

                                                                                                                                                                                          ولا فرق بين هذا ، وبين من رمى حجرا إلى العدو ففزع من هويه إنسان فمات ، فهذا لا شيء عليه - وكذلك من بنى حائطا فانهدم ، ففزع إنسان فمات وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية