الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فإن ارتد ثانيا وثالثا فكذلك يفعل به في كل مرة فإذا أسلم خلي سبيله لقوله تعالى { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ، وكان علي وابن عمر رضي الله عنهما يقولان إذا ارتد رابعا لم تقبل توبته بعد ذلك ، ولكن يقتل على كل حال ; لأنه ظهر أنه مستخف مستهزئ ، وليس بتائب ، واستدلا بقوله عز وجل { إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم } ، ولكنا نقول : الآية في حق من ازداد كفرا لا في حق من آمن وأظهر التوبة والخشوع فحاله في [ ص: 100 ] المرة الرابعة كحاله قبل ذلك ، وإذا أسلم يجب قبول ذلك منه لقوله تعالى : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا } .

وروي أن أسامة بن زيد رضي الله عنه حمل على رجل من المشركين فقال : لا إله إلا الله فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال { أقتلت رجلا قال لا إله إلا الله من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة ، فقال : إنما قالها تعوذا ، فقال : هلا شققت عن قلبه ؟ ، فقال : لو فعلت ذلك ما كان يتبين لي فقال صلى الله عليه وسلم : فإنما يعبر عن قلبه لسانه } إلا أنه ذكر في النوادر أنه إذا تكرر ذلك منه يضرب ضربا مبرحا لجنايته ثم يحبس إلى أن يظهر توبته وخشوعه ، وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا فعل ذلك مرارا يقتل غيلة ، وهو أن ينتظر فإذا أظهر كلمة الشرك قتل قبل أن يستتاب ; لأنه قد ظهر منه الاستخفاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية