الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : فإن أبطل المشتري الأجل الفاسد ونقد الثمن في المجلس أو بعد الافتراق عن المجلس جاز البيع عندنا استحسانا وقال زفر والشافعي - رحمهما الله تعالى - لا يجوز البيع ; لأنه انعقد فاسدا وتصحيح العقد الفاسد في استقباله كالنكاح بغير شهود لا ينقلب صحيحا بالإشهاد والنكاح إلى أجل لا ينقلب صحيحا بإسقاط الأجل ، ودليل فساد العقد أن المبيع مضمون على المشتري بالقيمة لو هلك في يده وأن كل واحد منهما يتمكن من فسخ العقد بغير رضاء صاحبه ، وأن للبائع أن يسترده بزوائده المتصلة والمنفصلة ولكنا نقول المانع من صحة البيع زال قبل تقرره فيصح البيع كما لو باع فصا في خاتم أو جذعا في سقف ثم نزعه وسلمه إلى المشتري البيع كان صحيحا وتحقيق هذا الكلام أن نفس الأجل غير مفسد للبيع ، وإنما المفسد جهالة وقت الحصاد ، وذلك غير موجود في الحال فالشتاء ليس زمان الحصاد بيقين ، ولكنه وصل ذلك الزمان بما قبله في الذكر ولأجله فسد العقد وهذا اتصال يعرض للفصل فإذا أسقطه مجيء أوان الحصاد فقد تحقق الانفصال فبقي العقد صحيحا كما في الجذع فإنه عين مال متقوم ولكن لاتصاله بالسقف وللضرر في نزعه كان لا يصح البيع فإذا نزعه زال ذلك المعنى كذا هذا حتى لو جاءه زمان الحصاد وتحقق الاتصال على وجه لا يمكن فصله بتقرر الفساد ، وهذا بخلاف النكاح بغير شهود ; لأن المفسد هناك انعدام شرط الجواز ولا يزول ذلك بالإشهاد بعد العقد ، والنكاح إلى أجل متعة والمتعة عقد آخر سوى النكاح وهذا بخلاف البيع إلى هبوب الريح وإمطار السماء ; لأن ذلك ليس بأجل فالأجل ما يكون منتظر الوجود ، وهبوب الريح وإمطار السماء قد يتصل بكلامه [ ص: 28 ] فعرفنا أنه ليس بأجل بل هو شرط فاسد ولأجله فسد العقد وهذا بخلاف ما إذا باع بألف وبرطل من خمر فإن ذلك العقد ينقلب صحيحا عندنا إذا اتفقا على إسقاط الخمر نص عليه في آخر الصرف إلا أن هناك لا ينفرد به البائع ; لأنه تصرف في البدل فلا يتم إلا بهما وهنا ينفرد به من له الأجل ; لأنه خالص حقه فيسقط بإسقاطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية