الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أكره على أن يهبه ، ويدفعه ، ففعل ، فعوضه الآخر من الهبة بغير إكراه ، فقبله كان هذا إجازة منه بهبته حين رضي بالعوض ; لأن العوض إما يكون عن هبة صحيحة فرضاه بالعوض يكون دليل الرضا منه بصحة الهبة ، ودليل الرضا كصريح الرضا ، فإن سلم له العوض ، فإن قبضه بتسليم العوض ، فهو جائز ، ولا رجوع لواحد منهما على صاحبه كما لو كانت الهبة بغير كره ، فعوضه ، وكما في الهبة بشرط العوض ، وإن أبى أن يسلم العوض ، وقال : قد سلمت الهبة حين رضيت بالعوض ، فلا أدفع إليك العوض ، ولا سبيل لك على الهبة لم يكن له ذلك ; لأن الرضا كان في ضمن العوض ، وإنما يكون راضيا بشرط سلامة العوض له ، وإذا لم يسلم له كان له أن يرجع في الهبة كما لو ، وهبه بشرط العوض .

( ألا ترى ) أنه لو قال : قد سلمته على أن يعوضني كذا ، فأبى لم يكن هذا تسليما منه للهبة .

( ألا ترى ) أن رجلا لو وهب جارية رجل بغير أمره لرجل ، وقبضها الموهوب له فقال له رب الجارية : عوضني منها ، فعوضه عوضا ، وقبضه كان هذا إجازة منه للهبة ، وإن أبى أن يعوضه لم يكن هذا إجازة منه للهبة ، فكذلك ما سبق ، وكذلك لو أجبره على بيع عبده بألف درهم ، وعلى دفعه ، وقبض الثمن ، ففعل ذلك ، ثم قال للمشتري : زدني في الثمن ألف درهم لم يكن هذا إجازة للبيع الأول إلا أن يزيده ، فإن زاده جاز البيع ، وإن لم يزده ، فله أن يبطله ، وكذلك لو قال قد أجزت ذلك البيع على أن تزيدني [ ص: 111 ] ألف درهم ، والمعنى في الكل واحد ، وهو إنما رضي بشرط أن يسلم له العوض ، والزيادة ، فإذا لم يسلم لم يكن راضيا به .

التالي السابق


الخدمات العلمية