الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أوصى لرجل بعبد لا يملكه أن يشترى له ، ثم تملكه الموصي بهبة أو ميراث أو وصية ، ثم مات فهو جائز من ثلثه ; لأنه أوصى بشراء ذلك العبد وبدفعه إلى فلان ، فإذا ملكه بوجه من أسباب الملك دفع بموته الشراء عن الورثة وليس هذا كما إذا قال أوصيت بهذا العبد لفلان والعبد لغيره ، ثم ملكه أنه لا تنفذ وصيته ; لأنه لو لم يشتر في تلك المسألة لا يجب على الورثة شراؤه ، فإن ذلك بمنزلة هبة عبد الغير إن أجاز صاحبه جاز وإلا فلا أما في مسألتنا فلو لم يشتر بنفسه يجب على الورثة شراؤه إن قدروا عليه ودفعه إليه فلما اشترى بنفسه أو ملكه بوجه آخر وجب عليهم نصفين ; لأنه أوصى لكل واحد منهما بجميع العبد إلا أنه لما تضايق عن حقهما يقضي بينهما لاستوائهما هذا كدار بيعت ولها شفيعان ثبت حق الشفعة لكل واحد منهما على الكمال إلا أنه يقضي بينهما لضيق المحل كذلك هنا قال في الأصل إنه متى سمى الوصية الأولى وأوصى بها للثاني كان رجوعا عن الوصية الأولى ومتى سمى الوصية به ولم يسم الوصية الأولى لم يكن رجوعا وكان ذلك بينهما وبيانه إذا أوصى بعبده لرجل ، ثم قال : العبد الذي أوصيت به لفلان أوصيت به لفلان آخر كان رجوعا ; لأنه سمى الوصية الأولى واستأنف الوصية للثاني فكان رجوعا واستئنافا للوصية للثاني ، وكذلك لو قال العبد الذي أوصيت به لفلان هو لفلان آخر ، وكذا لو قال العبد الذي أوصيت به لفلان قد أوصيت به لفلان آخر ; لأنه سمى الوصية الأولى واستأنف الوصية للثاني بحرف قد ; لأنه للإيقاع والإبلاغ في الاستئناف فكان رجوعا ، وكذا لو قال العبد الذي أوصيت به لفلان ، فقد أوصيت به لفلان آخر ، ولو قال العبد الذي أوصيت به لفلان ، وقد أوصيت به لفلان كان بينهما نصفين ولم يكن رجوعا ; لأن الواو للعطف والجمع ، فقد جمع بينهما في الوصية ولم يستأنف الوصية للثاني .

أما إذا سمى الموصى [ ص: 163 ] به ولم يسم الوصية الأولى لم يكن رجوعا ولكن كان بينهما كما إذا أوصى بعبده لرجل ، ثم أوصى به لآخر لما ذكرنا ، ولو لم يوص به لأحد ولكنه جحد وصية الأول ، وقال لم أوص له ، فهذا رجوع هكذا ذكر هنا وذكر في الجامع إذا قال اشهدوا أني لم أوص له لا يكون رجوعا ، وهذه المسألة على قياس تلك المسألة ينبغي أن لا يكون رجوعا وبعضهم فرق لاختلاف الوضع أما من جعل في المسألة روايتين فوجه من قال إنه رجوع أن الوصية تحتمل الرد والنقص فكان الجحود رجوعا كما إذا جحد الموكل الوكالة كان حجرا على الوكيل والمتبايعين إذا جحدا البيع كان إقالة منهما . ووجه الرواية التي لا تكون رجوعا أن الوصية وجوبها بالموت بدليل أنه يعتبر القبول والرد بعد الوفاة ، فإذا قال لم أوص له بشيء فهو صادق في مقالته على معنى أنه لم يوجب له الوصية بعد فلا يكون رجوعا ، ومن فرق لاختلاف الوضع قال هنا جحد الوصية فكان رجوعا ، وفي الجامع لم يجحد ولكن قال اشهدوا أني لم أوص له بشيء ، فقد أمر الشهود أن يكذبوا عليه فلا يكون رجوعا والأصح ما ذكره المعلى في نوادره أن على قول أبي يوسف الجحود يكون رجوعا عن الوصية ، وعلى قول محمد لا يكون رجوعا فما ذكر هنا قول أبي يوسف وما ذكر في الجامع قول محمد وجه قوله أن الرجوع فسخ ورفع للعقد الثابت وجحود أصل العقد لا يكون تصرفا فيه بالرفع كما أن جحود النكاح من الزوج لا يكون رفعا بالطلاق وجه قول أبي يوسف أنه بالجحود يبقي العقد في الماضي ، ومن ضرورته نفي العقد في الحال والثابت بضرورة النص كالثابت بالنص ، وهو يملك نفي العقد في الحال إن كان لا يملك نفيه في الماضي وبه فارق النكاح ; لأن نفي النكاح من الأصل يقتضي نفي وقوع الطلاق عن المحل إلا أنه يقتضي إيقاع الطلاق على المحل في الحال .

التالي السابق


الخدمات العلمية