الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن أسلمت عرضا فهلك فهو منه إن أهمل أو أودع أو على الانتفاع ومنك إن لم تقم بينة ووضع للتوثق )

                                                                                                                            ش : هذه المسألة في أواخر السلم الأول من المدونة وزاد فيها فقال عرضا يغاب عليه قال أبو الحسن في الكبير : لا يخلو إبقاء هذا [ ص: 522 ] العرض في يد المسلم من أربعة أوجه وذكر الأوجه الأربعة التي ذكرها المصنف فقوله : إن أهمل ، هذا هو الوجه الأول في كلام المصنف ، وهو الوجه الرابع في كلام أبي الحسن ، ونصه : الرابع أن يبقى بيد المسلم مهملا بلا نية فهذا الوجه يحمل فيه العرض على أنه وديعة فيكون ضمانه من المسلم إليه ا هـ .

                                                                                                                            وقال ابن بشير للمتأخرين : قول أنها كالمحبوسة للإشهاد ا هـ .

                                                                                                                            وقوله : أو أودع هذا هو الوجه الثاني في كلام المصنف ، وهو الوجه الأول في كلام أبي الحسن ونصه : أحدها أن يبقى بيد المسلم وديعة بعد أن دفعه إلى المسلم إليه فرده إليه وديعة فهذا الوجه يكون ضمان العرض فيه من المسلم إليه على قاعدة الودائع ا هـ .

                                                                                                                            قال اللخمي في أواخر السلم من تبصرته في هذا الوجه : فإن ادعى بائعه تلفه وإن أحدا غصبه إياه أو استهلكه كان القول قوله ويحلف إن كان ممن يتهم أنه كذب في قوله ذلك والسلم على حاله ا هـ .

                                                                                                                            والظاهر أن هذا جار في الوجه الأول من كلام المصنف إذ لا فرق بينهما ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال في المدونة في هذا الوجه : وإن أسلمت إلى رجل عرضا يغاب عليه في حنطة إلى أجل فأحرقه رجل في يدك قبل أن يقبضه المسلم إليه فإن كان تركه وديعة بيدك بعد أن دفعت إليه فهو منه ويتبع الجاني بقيمته والسلم ثابت ا هـ .

                                                                                                                            قال أبو الحسن معنى قوله : قبل أن يقبضه يعني القبض الحسي ومعنى قوله : بعد أن دفعته إليه أي قال له خذه وفي الأمهات إن كان بعد أن دفعه إلى الذي عليه السلم ، ثم رده إليه وديعة فالضمان منه ، عياض قال بعض الشيوخ قوله : ثم رده إليه إلا أن يريد بذلك قوله خذه واترك هذا بمنزلة الدفع ا هـ .

                                                                                                                            وقوله : أو على الانتفاع هذا هو الوجه الثالث في كلام المصنف ، وهو الوجه الثاني في كلام أبي الحسن ، ونصه : الثاني أن يبقى بيده على جهة الانتفاع به فهذا الوجه حكم العرض فيه حكم الثوب المستأجر يكون ضمانه من المسلم إليه ا هـ .

                                                                                                                            وقوله لمنافع فاللام الجر ، والله أعلم . وقوله : ومنك إن لم تقم بينة ووضع للتوثق هذا هو الوجه الرابع في كلام المصنف ، وهو الوجه الثالث في كلام أبي الحسن ونصه : الثالث أن يبقى بيده على جهة التوثق حتى يشهدا فهذا الوجه حكم العرض فيه حكم المستأجر يضمنه المسلم ضمان تهمة فإن قامت البينة على هلاكه فضمانه من المسلم إليه ا هـ .

                                                                                                                            وعلمت من هذا حكم المسألة المأخوذة من مفهوم الشرط في قوله إن لم تقم بينة وقوله للتوثق أي يتوثق به حتى يشهدا أو يأتي برهن أو كفيل ; لأن العرض نفسه يتوثق به بأن يجعله رهنا عنده قاله اللخمي وابن بشير ، ونصه : في السلم الأول منه ، وإنما يكون الاحتباس بالثمن فيما بيع نقدا وأما ما بيع بنسيئة فليس لبائعه احتباسه بالثمن ; لأنه قد رضي بتسليمه دون أن يأخذ عوضا ناجزا لكن في معنى الاحتباس بالثمن احتباسه حتى يشهدوا هذا يجري في البيع على النقد وفي البيع على النسيئة ا هـ .

                                                                                                                            ونبه عليه ابن غازي ، والله أعلم . ومفهوم قوله : وضع للتوثق أنه لو لم يضع للتوثق كان الحكم خلاف ذلك وهي الأوجه الثلاثة السابقة ولا يحتاج إلى التفصيل فيها بين قيام البينة وعدم قيامها وذلك بين ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيه ) محل هذه الوجوه الأربعة ما إذا كان العرض حاضرا كذا فرض اللخمي ، ثم قال بعد أن فرغ من الوجه الأول في كلام المصنف الذي هو الإهمال ما نصه : وإن كان غائبا عنه ما لم يصدق يعني المسلم إلا أن تقوم البينة على تلفه ، ثم يختلف إذا كان غائبا محبوسا في الإشهاد وهل تكون مصيبته من بائعه أو من مشتريه وذلك مبين في كتاب العيوب ا هـ .

                                                                                                                            ( فرع ) قال أبو الحسن في التقييد الكبير قال محمد : لو تعدى عليه البائع فأحرقه لزمه قيمته والسلم بحاله ولا يصلح فيه الإقالة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية