الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              فيمن يعقد النكاح وما يتبعه ( لا تزوج امرأة نفسها ) ولو ( بإذن ) من وليها ( ولا غيرها ) ولو ( بوكالة ) من الولي بخلاف إذنها لقنها أو محجورها وذلك لآية { فلا تعضلوهن } إذ لو جاز لها تزويج نفسها لم يكن للعضل تأثير وللخبرين الصحيحين كما قاله الأئمة كأحمد وغيره { لا نكاح إلا بولي } الحديث السابق { وأيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل } [ ص: 237 ] وكرره ثلاث مرات وصح أيضا { لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها فإن الزانية التي تزوج نفسها } نعم لو لم يكن لها ولي قال بعضهم أصلا ، وهو الظاهر وقال بعضهم يمكن الرجوع إليه أي يسهل عادة كما هو ظاهر جاز لها أن تفوض مع خاطبها أمرها إلى مجتهد عدل فيزوجها ولو مع وجود الحاكم المجتهد أو إلى عدل غير مجتهد ولو مع وجود مجتهد غير قاض فيزوجها لا مع وجود حاكم ولو غير أهل كما حررته في شرح الإرشاد نعم إن كان الحاكم لا يزوج إلا بدراهم لها وقع كما حدث الآن فيتجه أن لها أن تولي عدلا مع وجوده ، وإن سلمنا أنه لا ينعزل بذلك بأن علم موليه ذلك منه حال التولية وهل يتقيد ذلك بكون المفوض إليه في محلها كما يتقيد القاضي بمحل ولايته ، أو يفرق بأن ولاية القاضي مقيدة بمحل فلم يجاوزه بخلاف ولاية هذا فإن مناطها إذنها له بشرطه فحيث وجد زوجها ، وإن بعد محلها كل محتمل والثاني أقرب وخرج بتزوج ما لو وكل امرأة في توكيل من يزوج موليته ، أو وكل موليته لتوكل من يزوجها ولم يقل لها عن نفسك سواء أقال عني أم أطلق فوكلت وعقد الوكيل فإنه يصح ؛ لأنها سفيرة محضة ولو بلينا بإمامة امرأة نفذ تزويجها لغيرها وكذا لو زوجت كافرة كافرة بدار الحرب فيقر الزوجان عليه بعد إسلامهما ويجوز إذنها لوليها بلفظ الوكالة كما يأتي ( ولا تقبل نكاحا لأحد ) [ ص: 238 ] بولاية ولا وكالة ؛ لأن محاسن الشريعة تقتضي فطمها عن ذلك بالكلية لما قصد منها من الحياء وعدم ذكره بالكلية والخنثى مثلها فيما ذكر ما لم تتضح ذكورته ولو بعد العقد كما مر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              فيمن يعقد النكاح وما يتبعه ( قوله : لقنها ) سيأتي تصريح الشارح أن السيد ولو أنثى يأذن لقنه وقوله ، أو محجورها لا يخفى أن المرأة لا تكون ولية على المحجور إلا بطريق الوصاية وسيأتي في قول المصنف بل ينكح أي السفيه بإذن وليه أو يقبل له النكاح قول الشارح ووليه في الأول أي فيما إذا بلغ سفيها الأب فالجد فوصي أذن له في التزويج على ما في العزيز لكنه ضعيف إلخ فلعل ما ذكره هنا مبني على كلام العزيز فليحرر ( قوله : بغير إذن وليها ) مفهومه الجواز بالإذن فكأنه محمول على نحو قوله الآتي ، أو وكل موليته [ ص: 237 ] لا على مباشرتها نكاح نفسها بالإذن بدليل { لا نكاح إلا بولي } فإن المتبادر تولية العقد لكن قد يقال هلا خص هذا المتبادر بمفهوم بغير إذن وليها ( قوله : جاز لها أن تفوض إلخ ) حيث جاز التفويض ، أو امتنع فلا فرق بين السفر والحضر م ر ( قوله ولو مع وجود إلخ ) وقوله بعد ولو غير أهل إلخ اعتمد ذلك م ر فيهما ( قوله بأن علم إلخ ) ينبغي ، أو لم يعلم وكان بحيث لو علم لم يعزله .

                                                                                                                              ( قوله : ما لو وكل امرأة في توكيل من يزوج موليته ) أي ولم يقل لها عن نفسك كما هو ظاهر ما يأتي بل أولى ( قوله كافرة ) أي ، أو زوجت نفسها ، وهو ما صور به الزركشي هذه المسألة ( قوله : بدار الحرب ) انظر مفهومه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل فيمن يعقد النكاح )

                                                                                                                              ( قوله : وما يتبعه ) أي كالتوقف على الإذن وكيفية الإذن من نطق أو غيره ا هـ ع ش ( قول المتن لا تزوج امرأة إلخ ) أي لا تملك مباشرة ذلك بحال ا هـ مغني ( قوله : ولو بإذن من وليها ) إلى قوله فإن الزانية التي في النهاية والمغني ( قوله بخلاف إذنها إلخ ) عبارة الشهاب عميرة والمغني ولا يعتبر إذنها في نكاح غيرها إلا في ملكها ، أو سفيه ، أو مجنون هي وصية عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لقنها ) سيأتي تصريح الشرح أن السيد ولو أنثى يأذن لقنه ا هـ سم ( قوله : أو محجورها ) أشار سم إلى ضعفه بأن ولايتها على المحجور لا تكون إلا بطريق الوصاية والوصي لا يعتبر إذنه خلافا لما في العزيز رشيدي وع ش عبارة الكردي قوله : أو محجورها بأن كانت وصيا لطفل فبلغ سفيها فإنه يشترط إذنها بناء على القول بتزويج الوصي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الحديث إلخ ) أي اقرأ الحديث إلخ ا هـ ع ش ( قوله : السابق ) أي في شرح ولا يصح إلا بحضرة شاهدين ( قوله { أيما امرأة } إلخ ) تتمة هذا الحديث كما في شرح الروض وغيره { فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها } ا هـ وكان الأولى ليظهر قوله : الآتي كما صرح به الخبر إلخ ذكرها ( قوله : بغير إذن وليها ) مفهومه أنها إذا أنكحت نفسها بإذن وليها صح ، وهو مخالف لما مر من قوله ولو بإذن من وليها فيحتاج إلى دليل على أن المفهوم هنا غير مراد لا يقال قوله : في الحديث الآتي ولا المرأة نفسها يدل على أنه لا فرق بين الإذن وعدمه ؛ لأن مفهومه الأول خاص فيقدم على هذا العام ا هـ ع ش ( قوله : وكرره ) أي قوله فنكاحها باطل ع ش [ ص: 237 ] وكردي .

                                                                                                                              ( قوله التي تزوج إلخ ) خبر فإن ( قوله : نعم لو لم يكن ) إلى قوله كما حررته في النهاية إلا قوله ، وهو الظاهر وقوله أي يسهل إلى جاز وكذا في المغني إلا قوله قال بعضهم إلى جاز وقوله ولو غير أهل ( قوله : جاز لها أن تفوض إلخ ) اعلم أن مسألتي التحكيم والتولية فيهما تناقض واضطراب ناشئ من خلط إحداهما بالأخرى واعتقاد اتحادهما والتحقيق أنهما مسألتان لكل منهما شروط تخصها فمن شروط التحكيم صدوره من الزوجين وأهلية المحكم للقضاء في الواقعة ولا يكفي مجرد كونه عدلا خلافا لما في شرح الروض في باب القضاء من الاكتفاء بالعدالة وممن نبه على ذلك الولي أبو زرعة في تحريره وفقد الولي الخاص بموت ونحوه لا بغيبة ولو فوق مسافة القصر ووقع لبعض المتأخرين من جوازه مع غيبته ، وهو ممنوع إذ الكلام في التحكيم مع وجود القاضي ولا ينوب المحكم عن الغائب بخلاف القاضي فهذه مسألة التحكيم وأما مسألة التولية ، وهي تولية المرأة وحدها عدلا في تزويجها فيشترط فيها فقد الولي الخاص والعام فيجوز للمرأة إذا كانت في سفر ، أو حضر وبعدت القضاة عن البادية التي هي فيها ولم يكن هناك من يصلح للتحكيم أن تولي أمرها عدلا كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه وأجاب في ذلك بقوله إذا ضاق الأمر اتسع وبقوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج } ولو منعنا كل من لا ولي لها من النكاح مطلقا حتى تنتقل إلى بلد الحاكم لأدى إلى حرج شديد ومشقة تعم من كان بذلك القطر وربما أدى المنع إلى الوقوع في الفساد انتهى فتاوى ابن زياد اليمني ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله ولو مع وجود الحاكم إلخ ) وقوله بعد ولو غير أهل اعتمدهما م ر ا هـ سم ( قوله لا مع وجود حاكم إلخ ) عبارة النهاية بعد كلام طويل نصها وحاصله أن المدار على وجود القاضي وفقده لا على السفر والحضر ا هـ قال ع ش قوله وحاصله إلخ معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : نعم إن كان ) إلى قوله وهل يتقيد في النهاية ( قوله : لها وقع ) أي بالنسبة للزوجين ا هـ ع ش عبارة السيد عمر قوله : لها وقع ينبغي ، وإن لم يكن لها وقع ؛ لأنه يفسق بأخذها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيتجه أن لها إلخ ) ظاهره ، وإن لم يكن مجتهدا ، وهو ظاهر ؛ لأن وجود القاضي المذكور كعدمه وعند عدمه لا يشترط فيمن توليه الاجتهاد ا هـ سيد عمر ( قوله : مع وجوده ) أي القاضي ( قوله : بأن علم إلخ ) تصوير لعدم العزل وقوله موليه أي من ولاه للقضاء وقوله بذلك أي بأنه إنما يزوج بالدراهم وفي سم ما نصه ينبغي أو لم يعلم وكان بحيث لو علم لم يعزله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهل يتقيد ذلك ) أي جواز تحكيم العدل في النكاح ( قوله بمحل ولايته ) أي بكون المرأة بمحل ولاية القاضي ( قوله بشرطه ) ، وهو كون المحكم مجتهدا عدلا مطلقا ، أو عدلا مع فقد الحاكم حسا ، أو شرعا ( قوله : والثاني أقرب ) بل متعين ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : وخرج ) إلى المتن في النهاية وكذا في المغني إلا قوله ويجوز إلى المتن ( قوله : ما لو وكل امرأة إلخ ) أي ولم يقل لها عن نفسك كما هو ظاهر مما يأتي بل أولى ا هـ سم ( قوله : ولم يقل لها عن نفسك ) ينبغي أن ينظر لو نوى عن نفسك ولم يقله هل يكون حكمه حكم القول ، أو لا ا هـ سيد عمر أقول والظاهر الأول ؛ لأنه حينئذ من إفراد النكاح بلا ولي ( قوله : فوكلت ) لا عنها ا هـ مغني ( قوله : ولو بلينا بإمامة امرأة إلخ ) ولو بلينا بقضاء امرأة هل يكون الحكم كذلك الظاهر نعم ا هـ سيد عمر ( قوله : كافرة بدار الحرب ) عبارة المغني امرأة نفسها في الكفر ا هـ وعبارة السيد عمر قوله : كافرة كافرة أي ، أو زوجت نفسها ، وهو ما صور به الزركشي هذه المسألة كذا أفاده الفاضل المحشي سم وقد يقال ما زاده يمكن إدراجه في عبارة الشارح فليتأمل ا هـ بأن يراد بكافرة الثانية ما يشمل نفسها ( قوله : بدار الحرب ) انظر مفهومه ا هـ سم عبارة [ ص: 238 ] الرشيدي وع ش قوله : بدار الحرب ليس بقيد كما نقل عن الزيادي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بولاية ) إلى قوله ، وإن حكم حاكم في النهاية والمغني إلا قوله ولو مع الإعلان إلى المتن ( قوله : تقتضي فطمها ) أي تطلبه على وجه اللياقة والكمال لا أنها يحرم عليها ذلك بنهي الشارع ، وإن حرم عليها من حيث تعاطي العقد الفاسد ا هـ ع ش ( قوله : والخنثى مثلها إلخ ) ومع ذلك لو خالف وزوج فينبغي أنه لا حد على الواطئ ؛ لأنا لم نتحقق أنوثته وبتقديرها فالمرأة يصح عقدها عند بعض العلماء ا هـ ع ش ( قوله : كما مر ) أي في مبحث نكاح الشغار




                                                                                                                              الخدمات العلمية