الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وغير المجبر ) كالأب في الثيب ( إن قالت له وكل وكل ) وله التزويج بنفسه فإن قالت له وكل ولا تزوج فسد الإذن لأنه صار للأجنبي ابتداء نعم إن دلت قرينة ظاهرة على أنها إنما قصدت إجلاله صح كما بحثه الأذرعي ( وإن نهته ) عن التوكيل ( فلا ) يوكل عملا بإذنها كما يراعى إذنها في أصل التزويج ( وإن قالت ) له ( زوجني ) وأطلقت فلم تأمره بتوكيل ولا نهته عنه ( فله التوكيل في الأصح ) لأنه بالإذن صار وليا شرعا أي متصرفا بالولاية الشرعية فملك التوكيل عنه [ ص: 264 ] وبه فارق كون الوكيل لا يوكل إلا لحاجة ويلزم الوكيل الاحتياط هنا نظير ما مر ولو عينت للولي زوجا ذكره للوكيل فإن أطلق فمزوج منه لم يصح لأن التفويض المطلق مع أن المطلوب معين فاسد وفارق التقييد بالكفء في حالة الإطلاق بأنه ساعده اطراد العرف العام به وهو معمول به في العقود بخلاف التقييد بالمعين فإنه يقرب من التقييد بالعرف الخاص وهو لا يؤثر كبيع حصرم بلا شرط قطع في بلد عادتهم قطعه حصرما وبقولهم مع أن المطلوب معين مع الفرق المذكور يندفع ما قيل اعتراضا عليهم العبرة في العقود بما في نفس الأمر ، وعدم تعيينه الزوج له لا يفسد إذنه إذ ليس فيه تصريح بالنكاح الممتنع بل إطلاق فكما يجوز ويتقيد بالكفء فكذلك يجوز هنا ويتقيد بالمعين وإنما بطل توكيل ولي الطفل في بيع ما له بما عز وهان لأنه إذن صريح في البيع الممتنع شرعا إذ أهل العرف إنما يستعملونه في الإذن في الغبن فليس هذا نظير ما نحن فيه وإنما نظيره أن يطلق التوكيل في بيع مال موليه والظاهر كما قاله السبكي أنه يصح ويتقيد بالمسوغ الشرعي ا هـ .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإن قالت له ) أي لغير المجبر زوجني إلى قوله فله التوكيل في الأصح يدخل في غير المجبر القاضي فله التوكيل وبه يتضح ما أجبت به في حادثة بزبيد وهي أن قاضي بلدة صغيرة عارفا بلغة العرب وبالعلوم الشرعية ولاه من له ذلك شرعا ولم يأذن له في الاستخلاف وجاءه امرأة ورجل غريبان وأذنت له المرأة أن يزوجها بهذا الرجل ولم يكن لها ولي خاص في البلدة ولا في أعمالها فهل للقاضي أن يفوض أمر العقد إلى غيره أم ليس له ذلك وإذا قلتم بأنه يفوض هل يكون من قبيل الاستخلاف وإذا قلتم : لا فهل هو من قبيل التوكيل فأجبت بأن العقد صحيح وأن ذلك من قبيل التوكيل أخذا من هذا الكلام وعبارة الروض ولغير المجبر التوكيل بعد الإذن له في النكاح انتهى .

                                                                                                                              ثم بلغني أن الزبيديين والمصريين أجابوا بعدم الصحة إذ ليس له الاستخلاف ثم بلغني أن علامتهم الشمس الرملي رجع إلى الجواب بالصحة عند قدومه مكة للحج ونقل لي صورة جوابه وهو ما نصه : نعم العقد [ ص: 264 ] المذكور صحيح حيث كان الزوج كفؤا إذ للولي سواء كان خاصا أم عاما التوكيل حيث لم تنهه عن ذلك وعبارة العباب السبب الثالث الولاية العامة فيزوج القاضي أو نائبه بالغة عاقلة ولو كافرة ليس لها ولي أو غاب أقربهم مرحلتين وقال أيضا : فرع لو أمر القاضي رجلا بتزويج امرأة هو وليها قبل استئذانها فزوجها الرجل بإذنها صح وعلم مما قررناه أن هذا ليس من باب الاستخلاف أصلا ولا من باب الوكالة المحضة حتى يعتبر فيه عجز الوكيل أو عدم كون مباشرته لذلك لائقا به والقول بخلاف ذلك وهم انتهى وقد يقال : إنه من باب الوكالة المحضة ولا إشكال لأن القاضي ليس وكيلا للزوجة حتى يشترط في توكيله ما ذكر بل هو ولي شرعا ولهذا جاز لغيره من الأولياء أيضا التوكيل مطلقا كما هو ظاهر كلامهم وما تقدم عن العباب في الفرع قد يشكل على أن ذلك ليس من باب الاستخلاف بل من باب الوكالة إذ قضية ذلك امتناع تقديم التوكيل على الإذن إلا أن يجاب بأنه ليس وكالة محضة فليتأمل .

                                                                                                                              المراد بعدم تمحضها والأولى أن يجعل استخلافا إن ساغ ( قوله : وبه فارق كون الوكيل لا يوكل إلخ ) هذا تصريح بأن الولي ولو غير مجبر ومنه القاضي يوكل وإن لاقت به المباشرة ولم يعجز عنها وهو ظاهر كلامهم فقوله في باب الوكالة ما نصه : ويصح توكيل الولي في حق الطفل أو المجنون أو السفيه كأصل في تزويج أو مال ووصي أو قيم في مال إن عجز عنه أو لم تلق به مباشرته لكن رجح جمع متأخرون أنه لا فرق كما اقتضاه إطلاقهما هنا انتهى .

                                                                                                                              ينبغي أن مرجع قوله فيه إن عجز عنه إلخ لقوله ووصي أو قيم دون ما قبلهما وإلا خالف هذا الذي ذكره هنا فليتأمل ( قوله : ويلزم الوكيل الاحتياط هنا ) يفيد أنه لا يشترط هنا تعيين الزوج أيضا إذ لا معنى للزوم الاحتياط مع التعيين ( قوله : نظير ما مر ) أي في وكيل المجبر ( قوله : لم يصح ) كذا م ر ( قوله : فاسد ) يفيد فساد التوكيل ( قوله : وإنما بطل إلخ ) كأنه جواب إشكال على الصحة فيما ذكره بقوله وفارق التقييد في حالة الإطلاق بالكفء إلخ ( قوله : ويتقيد بالمسوغ إلخ ) أي كما صح الإطلاق هنا ويقيد بالكفء .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : فسد الإذن إلخ ) يؤخذ من هذه المسألة أنه لو قال جعلت إليك أن توكل عن نفسك في بيع هذه السلعة ولا تبعها بنفسك أنه لا يصح التوكيل ولا الإذن لأنه إذا لم يقدر على التصرف بنفسه لا يقدر أن يوكل عنه غيره ا هـ نهاية قال ع ش قوله : عن نفسك خرج به ما لو قال عني أو أطلق فلا يبطل توكيله ا هـ أقول وقوله : أنه لا يصح التوكيل إلخ أي إلا إن قامت قرينة ظاهرة على أنه إنما قصد من نهيه عن المباشرة بنفسه إحلاله ( قوله : لأنه صار إلخ ) أي الإذن ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : وإن قالت له ) أي لغير المجبر زوجني إلى قوله فله التوكيل إلخ يدخل في غير المجبر القاضي فله التوكيل ا هـ سم ( قوله : وبه فارق كون الوكيل إلخ ) هذا تصريح بأن الولي ولو غير مجبر ومنه القاضي يوكل وإن لاقت به المباشرة ولم يعجز عنها وهو ظاهر كلامهم ا هـ [ ص: 264 ] سم ( قوله : لا يوكل إلا لحاجة ) أي حيث لم يأذن له الموكل في التوكيل ا هـ ع ش ( قوله : ويلزم الوكيل الاحتياط هنا ) يفيد أنه لا يشترط هنا تعيين الزوج أيضا إذ لا معنى للزوم الاحتياط مع التعيين ا هـ سم وسيأتي عن النهاية والمغني مثله ( قوله : نظير ما مر ) أي في وكيل المجبر سم و ع ش ( قوله : ولو عينت إلخ ) عبارة النهاية والمغني وعلى الأول أي الأصح لا يشترط تعيين الزوج للوكيل فلو عينت للولي شخصا وجب تعيينه للوكيل في التوكيل إلخ ( قوله : منه ) عبارة النهاية والمغني ولو منه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فاسد ) يفيد فساد التوكيل ا هـ سم ( قوله : وفارق ) أي التقييد بالمعين عند الإطلاق ( قوله : التقييد بالكفء إلخ ) كأن قال الولي زوجها أو الزوجة زوجني حيث يصح التوكيل ووجب التزويج من الكفء ( قوله : وهو ) أي العرف العام وقوله : بخلاف التقييد بالمعين أي هنا وقوله : وهو أي العرف الخاص ( قوله : حصرم ) كزبرج وقوله : بلا شرط قطع إلخ أي فإنه باطل ا هـ ع ش ( قوله : وإنما بطل إلخ ) كأنه جواب إشكال على الصحة فيما ذكره بقوله وفارق التقييد في حالة بالكفء إلخ سم و ع ش ( قوله : ما نحن فيه ) أي من حمل إطلاق التوكيل في التزويج على الكفء ( قوله : ويتقيد بالمسوغ إلخ ) أي كما صح الإطلاق هنا وتقيد بالكفء ا هـ سم ( قوله : بالمسوغ الشرعي ) وهو ثمن المثل الحال من نقد البلد ا هـ ع ش ( قوله : انتهى ) أي ما قيل .




                                                                                                                              الخدمات العلمية