الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) رابعها ( إسلامها ) - ويجوز جره - فلا يحل لمسلم نكاح أمة كتابية لقوله تعالى { من فتياتكم المؤمنات } ولاجتماع نقصي الكفر والرق بل أمة مسلمة وإن كانت لكافر ( وتحل لحر وعبد كتابيين أمة كتابية على الصحيح ) لتكافئهما في الدين وكذا المجوسي مجوسية ووثني وثنية كذا قيل وإنما يتمشى على خلاف ما يأتي عن السبكي أول الفصل الآتي ، ويشترط عند ترافعهم إلينا لا مطلقا لصحة أنكحتهم خوف العنت وفقد طول الحرة لأنهم جعلوه كالمسلم إلا في نكاح أمة كافرة قاله السبكي وغيره وخالفهم البلقيني فقال إنما تعتبر الشروط في مؤمن حر كما دل عليه القرآن وسيأتي قبيل فصل " أسلم وتحته أكثر من أربع " ضابط يعلم منه الراجح منهما فراجعه ( لا لعبد مسلم في المشهور ) لأن مدرك المنع فيها كفرها [ ص: 320 ] فاستوى فيها المسلم الحر والقن كالمرتدة ويحل لمسلم وطء كتابية بالملك لا نحو مجوسية كما يأتي .

                                                                                                                              وخامسها : أن لا تكون موقوفة عليه ولا موصى له بخدمتها ولا مملوكة لمكاتبه أو ولده على ما مر كذا قيل وما ذكر في الثانية يتعين حمله على ما لو أوصى له بخدمتها أو منفعتها على التأبيد لأن هذه هي التي يتجه عدم صحة تزوجه بها لجريان قول بأنه يملكها بخلاف غيرها فإن غايتها أنها كمستأجرة له فالوجه حل تزوجه بها إذا رضي الوارث لأنه ملكه ولا شبهة للموصى له في ملك رقبتها ( ومن بعضها رقيق كرقيقة ) فلا ينكحها الحر إلا بالشروط السابقة لأن إرقاق بعض الولد محذور أيضا ومن ثم لو قدر على مبعضة وأمة لم تحل له الأمة كما رجحه الزركشي وغيره وكان شارحا أخذ منه بحثه أنه لو قدر على أمة لأصله وأمة لغيره تعينت الأولى لانعقاد أولادها أحرارا . وفيه نظر واضح لأن بقاء ملك أصله إلى علوقها غير متيقن ودلالة الاستصحاب هنا ضعيفة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ويجوز جره ) أي لإبداله مع المعطوف عليه من شروط ( قوله : كذا قيل ) في شرح الروض قال في الروضة ونكاح الحر المجوسي أو الوثني الأمة كالكتابي الأمة الكتابية انتهى وهذا يخالف بحث السبكي الآتي أول الفصل فتأمله ويخالف قول الشارح بعده ووطئها بملك اليمين ( قوله : قاله السبكي وغيره ) قال شيخنا الإمام الشهاب البرلسي ومن خطه بهامش المحلى نقلت ما نصه هذا قد يشكل عليه ما سيأتي من أن أمن الزنا واليسار إذا قارنا عقد الكافر ثم أسلم لا يقدح إلا إن كان مقارنا بعد ذلك لاجتماع الإسلامين فإنه يفيد أن هذا الشرط غير معتبر في حق الكافر وإلا لأثر عند مقارنة العقد مع أحد الإسلامين كغيره من المفسدات كالعدة ونحوها انتهى ( قوله : قاله السبكي وغيره ) قيل الأوجه ما قاله [ ص: 320 ] السبكي ( قوله : كما رجحه الزركشي وغيره ) أي من تردد للإمام لأن تخفيف الرق مطلوب والشرع متشوف للحرية قال وما قاله الإمام بناء على القول بأن ولد المبعضة ينعقد مبعضا وهو الراجح شرح م ر فإن قلنا : ينعقد حرا كما رجحه الرافعي في بعض المواضع امتنع نكاح الأمة قطعا كذا في شرح الروض وقد يقال قياس انعقاده حرا مساواة المبعضة للحرة فيصح نكاحها وإن قدر على الحرة فليراجع ( قوله : لانعقاد أولادها أحرارا ) فيه نظر بل غاية الأمر أنهم يعتقون على الأصل ثم رأيته في شرح الإرشاد عبر بقوله لأن أولاده منها يعتقون على مالكها انتهى .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ويجوز جره ) أي لأن قوله أن لا يكون إلخ عقب قوله إلا بشروط يجوز أن يكون في محل جر على أنه بدل مفصل من مجمل كما يجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف فالجر هنا على الأول ، والرفع على الثاني لأنه معطوف عليه وإنما لم يذكر ذلك في الشروط المتقدمة لأنه ليس فيها ما يظهر فيه الإعراب رشيدي سيد عمر و سم ( قوله : لتكافئهما ) أي الزوجين ( قوله : وكذا المجوسي المجوسية إلخ ) عبارة النهاية والمغني ونكاح الحر المجوسي أو الوثني الأمة المجوسية أو الوثنية كنكاح الكتابي الكتابية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويشترط ) أي في نكاح الحر الكتابي وكذا الحر المجوسي والوثني الأمة إذا طلبوا من قاضينا ذلك خوف العنت إلخ وإلا فلا فإن نكاح الكفار محكوم بصحته فقوله : لصحة إلخ علة لقوله لا مطلقا وقوله : خوف العنت إلخ فاعل يشترط وقوله : لأنهم إلخ علة له أي الاشتراط ( قوله : جعلوه ) أي الكتابي ( قوله : إلا في نكاح أمة كافرة ) فإنها لا تحل للمسلم وتحل للكتابي ا هـ ع ش أي وكذا تحل للمجوسي والوثني ( قوله : قاله السبكي إلخ ) واعتمده النهاية والمغني ( قوله : فراجعه ) وقد راجعت ما يأتي فوجدته موافقا لما [ ص: 320 ] قاله السبكي ( قوله : فيها ) أي في الأمة الكتابية ( قوله : في الثانية ) أي في الأمة الموصى له بخدمتها ( قوله : فلا ينكحها الحر ) إلى قوله وكان شارحا في النهاية والمغني ( قوله : لو قدر على مبعضة إلخ ) وينبغي أنه لو وجد مبعضتين حرية إحداهما أكثر من حرية الأخرى وجب تقديم من كثرت حريتها ا هـ ع ش ( قوله : كما رجحه الزركشي إلخ ) بناء على أن ولد المبعضة ينعقد مبعضا وهو الراجح ا هـ نهاية زاد المغني والأسنى أما إذا قلنا ينعقد حرا كما رجحه الرافعي في بعض المواضع امتنع نكاح الأمة قطعا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لانعقاد أولادها أحرارا ) فيه نظر بل غاية الأمر أنهم يعتقون على الأصل ثم رأيته في شرح الإرشاد عبر به ا هـ سم ( قوله : ودلالة الاستصحاب إلخ ) جواب سؤال نشأ عما قبله وقوله : ضعيفة قد يقال ضعفها بالنسبة إلى إفادة بقاء الملك لا ينافي كونها مرجحة لأمة الأصل الكافي في تعينها فليراجع .




                                                                                                                              الخدمات العلمية