الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن قال : إن ضمنت لي ألفا فأنت طالق ) ، أو عكس ( فضمنت ) بلفظ الضمان ؛ لأنه المعلق عليه وبحث إلحاق مرادفه به ، وهو التزمت ( في الفور ) أي مجلس التواجب ( بانت [ ص: 490 ] ولزمها الألف ) لوجود العقد المقتضي للإلزام إيجابا وقبولا وشرطا ، وخرج بلفظ الضمان غيره كقبلت ، أو شئت ، أو رضيت فلا طلاق ولا مال ، وكذا لو أعطته من غير لفظ ، ولو قالت : طلقني على كذا فقال أنت طالق إن شئت كان ابتداء منه فلا يقع إلا إن شاءت ولا مال حينئذ كما هو ظاهر ( وإن قال متى ضمنت ) لي ألفا فأنت طالق فمتى ضمنت بلفظ الضمان ومرادفه دون غيره كما تقرر ووقع لشارح هنا غير ذلك فاحذره ( طلقت ) ؛ لأن متى للتراخي ولا رجوع له كما مر ( وإن ضمنت دون ألف لم تطلق ) لعدم وجود المعلق عليه ( ولو ضمنت ألفين طلقت ) بألف لوجود المعلق عليه في ضمنهما بخلاف طلقتك على ألف فقبلت بألفين ؛ لأن تلك صيغة معاوضة تقتضي التوافق كما مر وإذا قبض الألف الزائدة فهي عنده أمانة .

                                                                                                                              ( ولو قال طلقي نفسك إن ضمنت لي ألفا فقالت ) في مجالس التواجب كما اقتضته الفاء ( طلقت وضمنت ، أو عكسه ) أي ضمنت وطلقت ( بانت بألف ) ؛ لأن أحدهما شرط في الآخر يعتبر اتصاله به فهما قبول واحد فاستوى التقديم والتأخير ، وبه فارق ما يأتي في الإيلاء ( وإن اقتصرت على أحدهما ) بأن ضمنت ، ولم تطلق ، أو عكسه ( فلا ) طلاق لعدم وجود المعلق عليهما ، وليس المراد بالضمان هنا ما مر في بابه ؛ لأن ذلك عقد مستقل ، ولا التزام المبتدأ ؛ لأنه لا يصح إلا بالنذر بل التزام بقبول في ضمن معاوضة فلزم ؛ لأنه وقع تبعا لا مقصودا وألحق بذلك عكسه ، وهو إن ضمنت لي ألفا فقد ملكتك أن تطلقي نفسك [ ص: 491 ] واستشكل بما يأتي أن تفويض الطلاق إليها تمليك لا يقبل التعليق ويجاب بما تقرر أن هذا وقع في ضمن معاوضة فقبل التعليق واغتفر لكونه وقع تبعا لا مقصودا بخلاف ما يأتي ونوزع في الإلحاق بأن معنى الأولى التنجيز أي طلقتها بألف تضمنه لي والثانية التعليق المحض ، ونظيره صحة بعتك إن شئت دون إن شئت بعتك ا هـ ويرد بأن الفرق بين هاتين إنما هو لمعنى مر في البيع لا يأتي هنا كيف والتعليق ثم مفسد مطلقا إلا في الأولى ؛ لأن قبوله متعلق بمشيئته ، وإن لم يذكرها ، والتعليق هنا غير مفسد مطلقا فاستوى تقدمه وتأخره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بلفظ الضمان ) كذا م ر وقوله ومرادفه أسقطه ( قوله : وليس المراد بالضمان هنا ما مر في بابه إلخ ) بقي أنه لو أراد الضمان المار في بابه بأن قال إن ضمنت الألف الذي لي على فلان فأنت طالق فضمنته اتجه وقوع الطلاق بائنا ؛ لأنه بعوض راجع للزوج ولا يتغير الحكم ببراءتها من الألف بإبرائه ، أو أداء الأصل كما لو قال لها أنت طالق على ألف فقبلت ثم أبرأها منها ، أو أداها [ ص: 491 ] عنها أحد فليتأمل وفاقا ل م ر ( قوله : ويجاب بما تقرر إلخ ) لا يقال الأحسن أن يجاب بأنا سلمنا أن التمليك لا يقبل التعليق لكن التعليق إنما يفسد خصوص التمليك ويبقى عموم الإذن ؛ لأنا نقول كلامهم الآتي في التفويض كالصريح في إلغائه بالتعليق مطلقا ، وإنما ذكروا إلغاء الخصوص وبقاء العموم على قول التوكيل فليتأمل ( قوله ويرد إلخ ) أي فالوجه صحة الإلحاق ولا يضر التعليق فيهما لاغتفاره بكونه وقع تابعا في ضمن المعاوضة والحاصل أن الإلحاق مبني على تسليم وجود التعليق في الملحق والملحق به واغتفاره لما ذكر والمنازعة مبنية على أنه لا تعليق في الملحق به بخلاف الملحق فليتأمل ( قوله : لأن قبوله إلخ ) علة لقوله إلا في الأولى



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أو عكس ) أي كأنت طالق إن ضمنت لي ألفا ا هـ مغني ( قول المتن فضمنت ) أي التزمت له الألف ا هـ مغني ( قوله : وبحث إلحاق مرادفه إلخ ) خلافا للنهاية ووفاقا للمغني عبارته ( تنبيه ) هل يكفي مرادف [ ص: 490 ] الضمان كالالتزام ، أو لا المتجه الأول قال شيخنا ، وفي كلامهم ما يدل عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لوجود العقد ) إلى المتن في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله ولو قالت إلى المتن ( قوله : وشرطه ) عطف على العقد والضمير للطلاق ، أو العقد ( قوله : بلفظ الضمان ) ينبغي ، أو مرادفه ؛ لأنه أقر البحث سابقا وجزم به فيما يأتي في متى ضمنت ا هـ سيد عمر ( قوله : ولو قالت طلقني إلخ ) ويقع كثيرا أنه يقول لها عند الخصام أبرئيني وأنا أطلقك ، أو تقول هي له ابتداء أبرأتك ، أو أبرأك الله فيقول لها بعد ذلك أنت طالق ، والذي يتبادر فيه وقوع الطلاق رجعيا وأنه يدين فيما لو قال أردت إن صحت براءتك ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : إلا إن شاءت ) أي فيقع رجعيا ا هـ ع ش ( قوله : ومرادفه ) خلافا للنهاية ووفاقا للمغني كما مر آنفا ( قوله : ووقع لشارح إلخ ) كأنه يشير إلى الشارح المحقق وأبهمه تأدبا فإنه وقع له هنا ما نصه ولا يشترط له القبول لفظا كما تقدم هناك انتهى أي في مسألة الإعطاء فاقتضى الاكتفاء بفعل الإعطاء مع أن منصوص أصل الروضة خلافه وقال ابن عبد الحق قوله : ولا يشترط إلخ يعني لا يشترط مع قولها ضمنت بل يكفي ضمنت نظرا للتعليق فلا يكفي قبلت وحده ولا غير الضمان كالإعطاء نعم يكفي مرادفه كالالتزام انتهى ا هـ سيد عمر ( قوله : ؛ لأن متى ) إلى قوله وألحق بذلك في المغني إلا قوله ، وبه فارق إلى المتن وإلى قول المتن وإذا علق بإعطاء مال في النهاية ( قوله : كما مر ) أي في أواخر الفصل السابق ( قول المتن ، وإن ضمنت دون ألف تطلق إلخ ) ( تنبيه ) لو نقصت ، أو زادت في التعليق بالإعطاء كان الحكم كما هنا ا هـ مغني ( قوله : بخلاف طلقتك بألف فقبلت إلخ ) أي حيث لا يقع طلاق ( قوله : لأن تلك ) أي طلقتك على ألف ( قوله : كما مر ) أي في أواخر الفصل السابق .

                                                                                                                              ( قوله : في مجلس التواجب إلخ ) لا يخفى أن محله في أن ونحوها بخلاف متى فلا يعتبر فيها فورية بل متى طلقت وضمنت ينبغي وقوعه بالألف وعليه فهل يعتبر توالي اللفظين ، أو لا يعتبر حتى لو فصلت بينهما بنحو نوم لا يضر محل تأمل فليراجع ثم رأيت في شرح الروض ومتنه التنبيه على عدم اعتبار الفورية ا هـ سيد عمر أقول : ظاهر قول الشارح يعتبر اتصاله به إلخ اعتبار التوالي مطلقا ( قوله : لأن أحدهما شرط في الآخر إلخ ) ليتأمل في التعليل فإن المتبادر تعين تقدم الضمان لوقوع الطلاق ؛ لأنه شرط له والمشروط لا يتقدم على شرطه ا هـ سيد عمر ( قوله : المعلق عليهما ) أي بالمعنى اللغوي فوقوع الطلاق معلق على تلفظها به وبالضمان بهذا المعنى أما بالمعنى الاصطلاحي فالمعلق عليه هو الضمان وتطليقها نفسها معلق ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله وليس المراد بالضمان هنا إلخ ) بقي أنه لو أراد الضمان المار في بابه بأن قال إن ضمنت الألف الذي لي على فلان فأنت طالق فضمنته اتجه وقوع الطلاق بائنا ؛ لأنه بعوض راجع للزوج ولا يتغير الحكم ببراءتها من الألف بإبرائه ، أو أداء الأصيل كما لو قال لها أنت طالق على ألف فقبلت ثم أبرأها منها ، أو أداها عنها أحد فليتأمل وفاقا ل م ر ا هـ سم وهذا بخلاف ما لو قال لها إن ضمنت لزيد ماله على عمرو فأنت طالق فضمنته فهو مجرد تعليق فإن ضمنت ولو على التراخي طلقت رجعيا لعدم رجوع العوض للزوج ، وإن لم تضمن فلا وقوع وقول سم ؛ لأنه بعوض إلخ أي : وهو الضمان ، وإنما كان عوضا لصيرورة ما ضمنته دينا في ذمتها يستحق المطالبة به ا هـ ع ش عبارة السيد عمر في المغني ولو كان القدر المعلق على ضمانه للزوج على غيره وقالت ضمنت لك وقع رجعيا كما بحثه بعض المتأخرين انتهى والقلب إلى هذا أميل ؛ إذ ليس فيه غير مجرد توثقه لا عوض مغاير لدينه ، وإن صرح به الفاضل المحشي ا هـ أقول : ولعل الوقوع بائنا الذي قاله المحشي سم وفاقا م ر وأقره ع ش هو الظاهر ( قوله : وهو إن ضمنت إلخ ) وحقيقة العكس [ ص: 491 ] إن ضمنت لي ألفا فطلقي نفسك فلعل التعبير بما ذكره بيان للمعنى وإشارة إلى أنه لا فرق بين صيغة الأمر وغيرها ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : واستشكل إلخ ) الظاهر أن الاستشكال متأت في الملحق والملحق به كما هو واضح ويرشد إلى عمومه قوله : بعد ذلك ونوزع إلخ ا هـ سيد عمر عبارة الكردي قوله : واستشكل أي المتن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بما يأتي ) أي في فصل تفويض إليها ع ش ( قوله : وقع في ضمن معاوضة ) ينبغي أن يزاد تقبل التعليق ؛ إذ ليس كل معاوضة تقبل التعليق ألا ترى أن البيع معاوضة ومع ذلك لا يقبله ا هـ سيد عمر ( قوله : فقبل التعليق ) قد يقال يعارضه عدم صحة تعليق الإبراء مع تأتي ما ذكر فيه فليتأمل ا هـ سيد عمر وقوله فليتأمل إشارة إلى جواب المعارضة بما مر منه آنفا ( قوله : بإن معنى الأولى ) أي ما في المتن ( قوله : أي طلقتها بألف إلخ ) كان الظاهر في الحل ملكتها الطلاق بألف تضمنيه لي فإن هذا معنى طلقي نفسك إن ضمنت وأيضا فالذي يضر تعليقه إنما هو التمليك لا الطلاق ا هـ رشيدي ( قوله : والثانية ) أي بالعكس ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويرد بأن الفرق إلخ ) أي فالوجه صحة الإلحاق ولا يضر التعليق فيهما لاغتفاره بكونه وقع تابعا في ضمن المعاوضة والحاصل أن الإلحاق مبني على تسليم وجود التعليق في الملحق والملحق به واغتفاره لما ذكر والمنازعة مبنية على أنه لا تعليق في الملحق به بخلاف الملحق فليتأمل ا هـ سم ، وفي السيد عمر ما يوافقه ( قوله : ؛ لأن قبوله إلخ ) علة لقوله إلا في الأولى ا هـ سم ( قوله : والتعليق هنا إلخ ) أي في خصوص هذه الصورة لما قدمه فيها ا هـ رشيدي




                                                                                                                              الخدمات العلمية