الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو اختلع رجل ) بماله ، أو مالها ( وصرح بوكالتها كاذبا ) عليها ( لم تطلق ) ؛ لأنه مربوط بالتزام المال ، ولم يلتزمه هو ولا هي نعم إن اعترف الزوج بالوكالة ، أو ادعاها بانت بقوله : ولا شيء له ( وأبوها كأجنبي فيختلع بماله ) يعني بمعين ، أو غيره صغيرة كانت ، أو كبيرة ( فإن اختلع ) الأب ، أو الأجنبي ( بمالها وصرح بوكالة ) منها كاذبا ( أو ولاية ) له عليها ( لم تطلق ) ؛ لأنه ليس بولي في ذلك ولا وكيل فيه والطلاق مربوط بالمال ، ولم يلتزمه أحد ولأنه ليس له صرف مالها في الخلع ، ومن ثم لم يمتنع عليه بموقوف على من يختلع ؛ لأنها لم تملكه قبل الخلع ( أو ) صرح ( باستقلال ) كاختلعتها لنفسي ، أو عن نفسي ( فخلع بمغصوب ) ؛ لأنه غاصب لمالها فيقع بائنا ، وإن علم الزوج وله عليه مهر المثل ولو لم يصرح بأنه عنه ولا عنها [ ص: 502 ] فإن لم يذكر أنه مالها فهو بمغصوب كذلك وإلا وقع رجعيا ؛ إذ ليس له تصرف في مالها بما ذكر كما مر فأشبه خلع السفيه كما لو قال بهذا المغصوب ، أو الخمر ؛ لأنه صرح بما مع التبرع المقصود له من الخلع ، ولو اختلع بصداقها ، أو على أن الزوج بريء منه ، أو قال : طلقها وأنت بريء منه ، أو على أنك بريء منه وقع رجعيا ، ولا يبرأ من شيء منه نعم إن ضمن له الأب ، أو الأجنبي الدرك ، أو قال علي ضمان ذلك وقع بائنا بمهر المثل على الأب ، أو الأجنبي قال البلقيني ، وكذا لو أراد بالصداق مثله وثم قرينة تؤيده كحوالة الزوج على الأب وقبول الأب لها بحكم أنها تحت حجره فيقع بائنا بمثل الصداق ا هـ ومر آنفا ، وفي الحوالة ما له تعلق بذلك

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بماله ) انظر مع هذا قوله ، ولم يلتزمه هو إلا أن يقال لم يلتزمه عن نفسه بل عنها ، ولم تأذن ( قوله في المتن ، أو باستقلال فخلع بمغصوب ) الإطلاق هنا مع التفصيل فيما بعده ، وهو ما لم يصرح بأنه عنه ولا عنها بين أن لا يذكر أنه من مالها فخلع بمغصوب ، أو يذكر فرجعي كالصريح في أنه هنا لا فرق بينهما في الوقوع بائنا بمهر المثل وحينئذ فقولهم إن المخالعة من غير الزوج بنحو المغصوب مع التصريح بنحو وصف الغصب توجب الوقوع رجعيا محله ما لم يصرح المخالع بالاستقلال وإلا وقع بائنا بمهر المثل ، وما لم يضمنه المخالع ، وإلا وقع كذلك أيضا كما سيأتي وعبارة البهجة وشرحها مصرحة بما ذكر أي من الوقوع بائنا عند التصريح بالاستقلال وإن صرح بأنه من مالها ، وهي ما نصه أي الخلع الجاري من أبيها بشيء قال إنه من مالها ولا أظهر أنه فعل ذلك نيابة عنها ولا استقلالا رجعي كخلع السفيه إلى أن قال فإن أبدى أي أظهر نيابة لم تطلق ، أو استقلالا بانت بمهر المثل عليه كما مر ا هـ وعبارة الإرشاد وشرحه الصغير للشارح ويجب على أب ومثله الأجنبي في جميع أحكامه خالع زوج بنته بمال حال كونه مستقلا بالخلع بأن لم توكله ولا كان له عليها ولاية مهر المثل سواء أقال اختلعتها على هذا الألف ، ولم يزد ، أو زاد ولست بوكيل ولا ولي .

                                                                                                                              وإن علم الزوج أن المال لهما ، ولم يقل الأب ، وعلى ضمانه ؛ لأنه بالتصرف المذكور في مالها غاصب له فصار خلعا بمغصوب ، وكذا إن أضافه أي المال إليها كقوله اختلعت بنتي على عبدي مثلا هذا سواء أصرح بالاستقلال وحينئذ لا يحتاج إلى ضمانه ، أو لم يصرح به لكن بشرط أن يضمنه ا هـ ، وقد قيد الجوجري قول الإرشاد المذكور ، وكذا إن أضافه كعبدها بقوله إن صرح بالاستقلال واعترضه الشارح في شرحه الكبير بأنه يقتضي أنه لو قال خالعها على عبدها ولست بوكيل ولا ولي بانت بمهر المثل ويرده ما مر من أن الخلع بمغصوب من الأجنبي إنما يقتضي الوقوع رجعيا ا هـ وقد علمت أنه [ ص: 502 ] وافق الجوجري في الصغير وأن كلامهم كالمصرح بذلك ثم رأيته في الصغير بعد أن قرر ما ذكره الإرشاد من أنه لو خالعها بنحو مغصوب ، أو خمر بانت بمهر المثل قال ما نصه بخلاف خلع الأجنبي بذلك إذا صرح بالمانع ككونه مغصوبا ما لم يضمن ، أو يصرح بالاستقلال أخذا مما يأتي في خلع الأب المنزل منزلة الأجنبي بعبدها مثلا ، وقد صرح بذلك وقع رجعيا ا هـ .

                                                                                                                              وقد استحسن شيخنا الشهاب البرلسي بهامش المحلي الجواب بما حاصله ذلك بعد أن استشكل المسألة ومما يدل على أن الأجنبي إذا صرح بالاستقلال وقع بائنا بمهر المثل قول الروض ما نصه فإن قال الأب ، أو الأجنبي غير متعرض لاستقلال ولا نيابة طلقها على عبدها ، أو على هذا المغصوب ، أو الخمر وقع رجعيا ا هـ فتقييده في الأجنبي أيضا بقوله غير متعرض إلخ يدل على أنه إذا تعرض وقع بائنا فليتأمل ( قوله : فإن لم يذكر إلخ ) يقتضي حيث خصصه بهذا القسم أنه فيما إذا صرح باستقلال لا فرق في الوقوع بائنا ( قوله : فهو ) أي الخلع ( وقوله كذلك أي فيقع بائنا إلخ ) ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بماله ) إلى الفصل في النهاية ( قوله : بماله ) انظر مع هذا قوله الآتي ، ولم يلتزمه هو إلا أن يقال لم يلتزمه عن نفسه بل عنها ، ولم تأذن ا هـ سم عبارة الرشيدي هو مشكل ومخالف لما في شرح الروض وغيره والتعليل الآتي لا يوافقه على أنه ينافي ما اقتضاه صنيعه في المسألة بعدها بالنسبة للأجنبي فليراجع ا هـ وعبارة السيد عمر قوله : ولا شيء له صادق بما إذا كان بماله ، وقد يتوقف فيه لتصادقهما على استحقاق الزوج له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم ) إلى قوله قال البلقيني في المغني ( قوله : أو ادعاها ) يغني عنه ما قبله ( قوله : بانت بقوله ) أي الزوج ا هـ ع ش ( قوله : أو الأجنبي ) هو مكرر بالنسبة لما إذا خالع وصرح بوكالتها كاذبا فقد ذكر قبل ا هـ رشيدي ( قوله : أو ولاية له ) أي الأب ( قوله : لأنه ليس بولي في ذلك ) ؛ إذ الولاية لا تثبت له التبرع في مالها ا هـ مغني ( قوله : ولأنه ليس له صرف مالها إلخ ) تقدم في أوائل الباب في شرح وإن خالع سفيهة إلخ استثناء ما إذا خشي الولي على مالها من الزوج ، ولم يمكن دفعه إلا بالخلو راجعه .

                                                                                                                              ( قوله : بموقوف على من يختلع ) أي بأن قال الواقف وقفت هذا على النساء اللاتي يختلعن ا هـ كردي ( قول المتن ، أو باستقلال فخلع بمغصوب ) الإطلاق هنا مع التفصيل فيما بعده ، وهو ما لم يصرح بأنه عنه ولا عنها بين [ ص: 502 ] أن لا يذكر أنه من مالها فخلع بمغصوب ، أو يذكر فرجعي كالصريح في أنه لا فرق بينهما في الوقوع بمهر المثل وحينئذ فقولهم إن المخالعة من غير الزوجة بنحو المغصوب مع التصريح بنحو الغصب توجب الوقوع رجعيا محله ما لم يصرح المخالع بالاستقلال ، وإلا وقع بائنا بمهر المثل ، وما لم يضمنه المخالع ، وإلا وقع كذلك أيضا كما سيأتي وعبارة الروضة وشرحها مصرحة بالوقوع بائنا عند التصريح بالاستقلال ، وإن صرح بأنه من مالها وعبارة الإرشاد وشرحه الصغير للشارح مصرحة بالوقوع بائنا عند الضمان ، أو التصريح بالاستقلال ، وإن أضاف المال إليها كقوله اختلعتها على عبدها ويدل على ذلك أيضا كلام الروض سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : فهو ) أي الخلع وقوله كذلك أي فيقع بائنا إلخ ا هـ سم ( قوله : وإلا ) أي كأن قال طلقها على عبدها ا هـ مغني ( قوله كما مر ) أي آنفا ( قوله : كما لو قال ) أي الأب والأجنبي ا هـ مغني ، وهو راجع إلى قوله ، وإلا وقع رجعيا ( قوله : المقصود ) أي التبرع له أي الأب ، أو الأجنبي ( قوله : ولو اختلع ) أي أبوها ا هـ ع ش عبارة الرشيدي يعني الأب ومثله الأجنبي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بصداقها ) كأن قال له خالعها على مالها عليك من الصداق ا هـ ع ش ( قوله : نعم إن ضمن له الأب إلخ ) وإن كان جواب الزوج بعد ضمان الدرك إن برئت من صداقها فهي طالق لم تطلق ؛ لأن الصفة المعلق عليها لم توجد ولو اختلعت المرأة بمال في ذمتها ولها على الزوج صداق لم يسقط بالخلع ، وقد يقع التقاص إذا اتفقا جنسا وقدرا وصفة ا هـ مغني ( قوله : إن ضمن له الأب ، أو الأجنبي الدرك ) كأن قال أحدهما ضمنت لك براءتك من الصداق ا هـ كردي ( قوله : وكذا لو أراد إلخ ) يعني في الصورة الأولى كما هو ظاهر ولا يخفى أن التشبيه في قوله ، وكذا إنما هو لأصل الوقوع بائنا مع قطع النظر عما يلزمه فيهما ، وإلا فهو في الأولى إنما يلزمه مهر المثل ، وفي الثانية مثل الصداق ا هـ رشيدي ( قوله : وفي الحوالة ) عطف على آنفا ومما مر آنفا قبيل التنبيه أن الوجه الاكتفاء بالقرينة من غير اشتراط نية تقدير المثل ( قوله : ما له تعلق بذلك ) وإن قالت هي له إن طلقتني فأنت بريء من صداقي ، أو فقد أبرأتك منه فطلقها لم يبرأ منه وهل يقع رجعيا ، أو بائنا جرى ابن المقري إلى الأول ؛ لأن الإبراء لا يعلق قال في الروضة ولا يبعد أن يقال طلق طمعا في شيء ورغبت هي في الطلاق بالبراءة فيكون فاسدا كالخمر فيقع بائنا بمهر المثل .

                                                                                                                              وهذا ما جزم به ابن المقري أواخر الباب وقال الزركشي تبعا للبلقيني التحقيق المعتمد أنه إن علم الزوج عدم صحة تعليق الإبراء وقع الطلاق رجعيا ، أو ظن صحته وقع بائنا بمهر المثل ، وقد أفتى بذلك أي بقول الزركشي الشهاب الرملي رحمه الله تعالى ا هـ نهاية زاد المغني ، وهو جمع حسن ا هـ قال ع ش قوله : وقع بائنا بمهر المثل ومثله ما لو كان العوض مجهولا كأن قال له الأب ولك ما يرضيك ، أو على ما دفعته لها وكان مجهولا ، أو نحوه ومثله أيضا ما لو طلقها على إسقاط حقها من الحضانة وبقي ما لو خالعها على رضاعة ولده سنتين مثلا ثم مات الولد قبل مضي المدة فهل له الرجوع عليها بأجرة مثل ما يقابل ما بقي من المدة ، أو بالقسط من مهر المثل باعتبار ما يقابل ما بقي من المدة فيه نظر والأقرب الثاني ؛ لأن ما بقي من المدة بمنزلة المجهول والواجب مع جهل العوض مهر المثل ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية