الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أعتقها أو مات ) عن مستولدة أو مدبرة عتقت بموته ( وهي مزوجة ) أو معتدة عن زوج فيهما ( فلا استبراء ) عليها لأنها غير فراش للسيد ولأن الاستبراء لحل ما مر وهي مشغولة بحق الزوج بخلافها في عدة وطء الشبهة لأنها لم تصر به فراشا لغير السيد ( وهو ) أي الاستبراء في حق ذات الأقراء يحصل ( بقرء وهو ) هنا ( حيضة كاملة في الجديد ) [ ص: 277 ] للخبر السابق ولا حائل حتى تحيض حيضة فلا يكفي بقيتها التي وجد السبب كالشراء في أثنائها وفارق العدة حيث تعين الطهر واكتفى ببقيته بتكرر الإقراء الدال تخلل الحيض بينها على البراءة وهنا لا تكرر فتعين الحيض الكامل الدال عليها ولو وطئها في الحيض فحبلت منه فإن كان قبل مضي أقل الحيض انقطع الاستبراء وبقي التحريم إلى الوضع كما لو حبلت من وطئه وهي طاهر أو بعد أقله كفى في الاستبراء لمضي حيض كامل لها قبل الحمل ( وذات أشهر ) كصغيرة وآيسة ( بشهر ) لأنه لا يخلو في حق غيرها عن حيض وطهر غالبا ( وفي قول بثلاثة ) من الأشهر لأن البراءة لا تعرف بدونها ( وحامل مسبية أو زال عنها فراش سيد بوضعه ) أي الحمل كالعدة ( وإن ملكت بشراء ) وهي حامل من زوج أو وطء شبهة ( فقد سبق أن لا استبراء في الحال ) وأنه يجب بعد زوال النكاح أو العدة فليس هو هنا بالوضع ( قلت يحصل الاستبراء ) في حق ذات الأقراء ( بوضع حمل زنا ) لا تحيض معه وإن حدث الحمل بعد الشراء وقبل مضي محصل استبراء أخذا من كلام غير واحد وهو متجه ( في الأصح والله أعلم ) لإطلاق الخبر وللبراءة وإنما لم تنقض به العدة لاختصاصها بمزيد تأكيد ومن ثم وجب فيها التكرار وأما ذات أشهر فيحصل بشهر مع حمل الزنا كما بحثه الزركشي كالأذرعي قياسا على ما جزموا به في العدة لأن حمل الزنا كالعدم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وهي مزوجة إلخ ) عبارة الروض وإن أعتقهما أي موطوءته ومستولدته أو مات أي عنهما وهما مزوجتان أو في العدة من زوج لا شبهة فلا استبراء انتهى وظاهر أن المراد أنه لا استبراء بعد زوال الزوجية وانقضاء عدتها في الأولى وبعد انقضاء العدة في الثانية وإلا ففي حال الزوجية والعدة لا يتوهم أحد الاستبراء وينبغي أن المراد نفي الاستبراء في صورة الموت في غير المستولدة بالنسبة للتزويج أما بالنسبة لحلها للوارث فلا بد منه لحدوث حلها له بعد انقضاء الزوجية والعدة وهذا يستفاد من قول المصنف السابق ولو ملك مزوجة أو معتدة لم يجب أي الاستبراء في الحال فإن زالا وجب في الأظهر انتهى فإن قوله ولو ملك شامل للملك بالإرث وقد فرضه في المزوجة والمعتدة عند زوال الزوجية والعدة فليتأمل بل قوله الآتي حسب إن ملك بإرث يدل على وجوب الاستبراء فيما نحن فيه ( قوله و لأن الاستبراء إلخ ) تقدم في العدد حاشية عن الروضة فيما إذا مات الزوج والسيد معا ومرتبا وعلم السابق أو جهل فيها بيان ما يلزم من الاستبراء والعدة والإرث وما يتعلق بذلك فراجعه .

                                                                                                                              ( قوله بخلافها في عدة وطء الشبهة ) أي فيلزمها الاستبراء وهذا محترز قوله أي الشارح عن زوج قال في شرح الروض لقصورها عن دفع الاستبراء الذي هو مقتضى العتق ولو وطئت موطوءته أو مستولدته بشبهة ولم يعتقها لم يجب عليهما استبراء بعد عدة الشبهة حتى يحل استمتاعه بهما بعدها وقد يؤيد ذلك أنه لما قال في الروض وإن انقضت عدة المستولدة والأمة من زوج وأراد السيد وطأهما . استبراء الأمة فقط أي دون المستولدة . انتهى . علل ذلك في شرحه بقوله لعودها أي المستولدة فراشا بفرقة الزوج دون الأمة انتهى فإذا كان عود المستولدة فراشا يوجب سقوط الاستبراء فليوجب [ ص: 277 ] سقوطه عدم زوال الفراش بالكلية في مسألتنا كما يؤخذ من قول الشارح كشرح الروض لأنها لم تصر به فراشا لغير السيد لكن قد يشكل هذا التعليل بقوله في العدد في فصل تداخل العدتين في شرح قوله فإن كان حمل قدمت عدته ما نصه أي لا في حال بقاء فراش واطئها بأن لم يفرق بينهما إلخ فليحرر .

                                                                                                                              ( قوله ولو وطئها في الحيض إلخ ) عبارة الروض وشرحه فرع وطئ السيد أمته قبل الاستبراء أو في أثنائه لا يقطع الاستبراء وإن أثم به لقيام الملك بخلاف العدة فإن حبلت منه قبل الحيض بقي التحريم حتى تضع كما لو وطئها ولم تحل أو حبلت منه في أثنائه حلت له بانقطاعه لتمامه قال الإمام هذا إن مضى قبل وطئه أقل الحيض وإلا فلا تحل له حتى تضع كما لو أحبلها قبل الحيض انتهى وقضية إطلاقه الاستبراء أولا أنه لا فرق بين ذات الحيض وغيرها لكن قوله قبل الحيض إلخ قد يقتضي التصوير بذات الحيض لكن ينبغي أن ذات الأشهر كذلك فلا ينقطع استبراؤها بالوطء فإن حبلت قبل الشهر بقي التحريم حتى تضع كما يدل عليه قوله كما لو حبلت من وطئه وهي طاهر ولا يتصور أن يفصل في الحبل في أثنائه بين أن يمضي ما يكفي استبراء أولا فليتأمل وليراجع ( قوله كفى ) أي بالنسبة لحل تمتعه ( قوله وأنه يجب ) أي لحل تمتعه ( قوله وهو متجه ) كذا شرح م ر ( قوله فيحصل بشهر [ ص: 278 ] إلخ ) كذا م ر وجزم في الروض بحصول الاستبراء بحيضة من الحامل من زنا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن أو مات إلخ ) ( فرع )

                                                                                                                              لو مات سيد المستولدة المزوجة ثم مات زوجها أو ماتا معا اعتدت كالحرة لتأخر سبب العدة في الأولى واحتياطا في الثانية ولا استبراء عليها وإن تقدم موت الزوج موت سيدها اعتدت عدة أمة ولا استبراء عليها إن مات السيد وهي في العدة فإن مات بعد فراغ العدة لزمها الاستبراء وإن مات أحدهما قبل الآخر ولم يعلم السابق منهما أو لم يعلم هل ماتا معا أو مرتبا نظرت فإن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام بلياليها فما دونها لم يلزمها استبراء لأنها تكون عند موت السيد الذي يجب الاستبراء بسببه زوجة إن مات السيد أولا أو معتدة إن مات الزوج أولا ولا استبراء عليها في الحالين ويلزمها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر من موت الثاني لاحتمال أن يكون موت السيد أولا فتكون حرة عند موت الزوج وإن كان أكثر من ذلك أو جهل قدره لزمها الأكثر من عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشر ومن حيضة لاحتمال تقدم موت السيد فتكون عند موت الزوج حرة فيلزمها العدة فوجب أكثرهما لتخرج عما عليها بيقين ا هـ مغني وفي سم عن الروضة ما يوافقه وكذا في النهاية والروض مع شرحه ما يوافقه إلا فيما إذا كان بين الموتين شهران وخمسة أيام بلياليها فقط فجعلاه كما لو كان أكثر من ذلك .

                                                                                                                              ( قوله عتقت ) أي المدبرة ( قوله فيهما ) أي في الإعتاق والموت ( قول المتن فلا استبراء ) أي بعد زوال الزوجية وانقضاء عدتها في الأولى وبعد انقضاء العدة في الثانية وينبغي أن المراد نفي الاستبراء في صورة الموت في غير المستولدة بالنسبة للتزويج أما بالنسبة لحلها للوارث فلا بد منه لحدوث حلها له بعد انقضاء الزوجية أو العدة كما يفيده قول المصنف السابق ولو ملك مزوجة أو معتدة لم يجب فإن زالا إلخ فإن قوله ولو ملك إلخ شامل للملك بالإرث بل قوله الآتي حسب إن ملك بإرث يدل على وجوب الاستبراء فيما نحن فيه ا هـ سم وقوله وينبغي إلخ يتأمل فيه فإن الكلام هنا فيمن لا تورث ( قوله لأنها غير فراش للسيد ) أي بل للزوج فهي كغير الموطوءة ( قوله لحل ما مر ) أي الاستمتاع ا هـ مغني ( قوله بخلافها في عدة وطء الشبهة ) [ ص: 277 ] أي فيلزمها الاستبراء وهذا محترز قول الشارح أي عن زوج ا هـ سم ( قوله للخبر السابق ) إلى قول المتن ولو مضى هذا في النهاية والمغني ( قوله ولا حائل إلخ ) لعل هذا من قبيل الرواية بالمعنى أو ورد ذلك في رواية لكن لا يلائم هذا الثاني قوله السابق إلا بضرب من التأويل . ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله فلا يكفي إلخ ) وتنتظر ذات الأقراء المنقطع دمها لعلة إلى سن اليأس كالمعتدة ا هـ مغني ( قوله ولو وطئها في الحيض إلخ ) عبارة الروض وشرحه فرع وطئ السيد أمته قبل الاستبراء أو في أثنائه لا يقطع الاستبراء وإن أثم به لقيام الملك بخلاف العدة فإن حبلت منه قبل الحيض بقي التحريم حتى تضع كما لو وطئها ولم تحبل أو حبلت منه في أثنائه حلت بانقطاعه لتمامه قال الإمام هذا إن مضى قبل وطئه أقل الحيض وإلا فلا تحل له حتى تضع كما لو أحبلها قبل الحيض انتهى وقضية إطلاقه الاستبراء أنه لا فرق بين ذات الحيض وغيرها لكن قوله قبل الحيض إلخ قد يقتضي التصوير بذات الحيض لكن ينبغي أن ذات الأشهر كذلك فلا ينقطع استبراؤها بالوطء فإن حبلت قبل الشهر أي تمامه بقي التحريم حتى تضع كما يدل عليه قوله كما لو حبلت من وطئه وهي طاهر ولا يتصور أن يفصل في الحبل في أثنائه بين أن يمضي ما يكون استبراء أو لا فليتأمل وليراجع ا هـ سم وقوله وقضية إطلاقه الاستبراء أنه لا فرق إلخ أي فوطء ذات الأشهر في أثناء الشهر لا يقطع الاستبراء عند عدم الحبل قد صرحا به ولا حاجة لبحثه ا هـ سيد عمر وقول سم عن شرح الروض كما لو وطئها ولم تحبل انظر ما موقعه هنا .

                                                                                                                              ( قوله وبقي التحريم إلى الوضع إلخ ) يفيد وبقي أنه يحصل بالوضع الاستبراء فلا يحتاج إلى حيضة بعده فليراجع ( قوله كفى ) أي بالنسبة لحل تمتعه ا هـ سم ( قول المتن وذات أشهر بشهر ) والمحيرة تستبرأ بشهر أيضا كذا في المغني وينبغي أن يكون محله فيمن لم تذكر مقدار دورها وإلا فبدور أخذا مما مر في العدة ا هـ سيد عمر ( قوله لأن البراءة إلخ ) عبارة المغني نظرا إلى أن الماء لا يظهر أثره في الرحم في أقل من ثلاثة أشهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن وحامل مسبية ) وهي التي ملكت بالسبي لا بالشراء أو زال فراش سيد بعتقه لها أو موته وقوله وإن ملكت أي حامل بشراء أو نحوه وهي في نكاح أو عدة فقد سبق أي عند قوله ولو ملك مزوجة أو معتدة ا هـ مغني ( قوله وأنه يجب ) أي لحل تمتعه ا هـ سم ( قوله أو العدة ) لمنع الخلو ( قوله لا تحيض معه ) فإن كانت ترى الدم مع وجوده حصل الاستبراء بحيضة معه مغني وروض وزيادي عبارة شيخنا على الغزي والحاصل أن الاستبراء في الحامل من الزنا يحصل بالأسبق من الوضع أو الحيضة فيمن تحيض وبالأسبق من الوضع أو الشهر في ذات الأشهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لإطلاق الخبر إلخ ) الأوفق بسابق كلامه لعموم الخبر كما في المغني ( قوله أما ذات أشهر ) أي بأن لم يسبق لها حيض ووطئت من زنا فحملت منه وتصدق في هذه الحالة في عدم تقدم حيض لها على الحمل بلا يمين لأنها لو نكلت لا يحلف الخصم على سبق ذلك . ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية