الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أكلت ) مختارة عنده ( معه كالعادة ) أو وحدها أو أرسل إليها الطعام فأكلته بحضرته أو غيبته بل قال شارح أو أضافها رجل إكراما له ( سقطت نفقتها ) إن أكلت قدر الكفاية وإلا رجعت [ ص: 307 ] بالتفاوت كما رجحه الزركشي وقطع به ابن العماد قال وتصدق هي في قدر ما أكلته لأن الأصل عدم قبضها للزائد ( في الأصح ) لإطباق الناس عليه في زمنه صلى الله عليه وسلم وبعده ولم ينقل خلافه ولا أنه صلى الله عليه وسلم بين أن لهن الرجوع ولا قضاه من تركة من مات وقضية كلام الرافعي أنه على المقابل لا يرجع عليها قال البلقيني ولم يقل به أحد بل يتحاسبان ويؤدي كل ما عليه قيل للشافعي الحكم برضاها بالأكل معه لأنه ليس فيه حكم بنفقة مستقبلة ومن ثم جاز لها الرجوع عنه انتهى وفيه نظر إذ لا مسوغ ولا فائدة لهذا الحكم فهو بالعبث أشبه نعم إن كان هناك مخالف يمنعه ذلك الحكم اتجه تنفيذه لذلك ( قلت إلا أن تكون ) قنة أو ( غير رشيدة ) لصغر أو جنون أو سفه وقد حجر عليها بأن استمر سفهها المقارن للبلوغ وطرأ حجر عليها وإلا لم يحتج لإذن الولي ( ولم يأذن ) سيدها المطلق التصرف وإلا فوليه أو ( وليها ) في أكلها معه فلا تسقط قطعا لأنه متبرع ( والله أعلم ) واستشكل بإطباق السلف السابق إذ ليس فيه استفصال ويرد بأن غايته أنه كالوقائع الفعلية وهي تسقط بالاحتمالات فاندفع أخذ البلقيني بقضيته من سقوطها بأكلها معه مطلقا واكتفى بإذن الولي مع أن قبض غير المكلفة لغو لأن الزوج بإذنه يصير كالوكيل في الإنفاق عليها وظاهر أن محله إن كان لها فيه حظ وإلا لم يعتد بإذنه فيرجع عليه بما هو مقدر لها ولو قالت له قصدت بإطعامي التبرع فنفقتي باقية فقال بل قصدت النفقة صدق بلا يمين على ما في الاستقصاء والقياس وجوبها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن ولو أكلت معه كالعادة سقطت نفقتها ) قال في شرح الروض قال في المهمات والتصوير بالأكل معه على العادة يشعر بأنها إذا أتلفته أو أعطته غيرها لم تسقط وبأنها إذا أكلت معه دون الكفاية لم تسقط وبه صرح في النهاية وعليه فهل لها المطالبة بالكل أو بالتفاوت فقط فيه نظر قال الزركشي والأقرب الثاني قال ابن العماد وينبغي القطع به ا هـ وستأتي المسألة الثانية في كلام الشارح وأما الأول أعني إذا أتلفته أو أعطته غيرها فينبغي أن يقال إن كان الإتلاف أو الإعطاء من غير قبضها من الزوج ما أتلفته أو أعطته عن النفقة فهي ضامنة لذلك ونفقتها باقية في ذمة الزوج وإن كانت قبضته عن النفقة وهو من جنسها كان إتلافها أو إعطاؤها واقعا في ملكها وقد برئ الزوج بمجرد إقباضها وكذا لو كان من غير جنسها أو وجد تعويض صحيح وإلا ضمنت ما أتلفته أو أعطته ونفقتها باقية بحالها فليتأمل وظاهر أنه لا فرق في ضمان ما أتلفته بين الرشيدة والسفيهة لأن إتلاف السفيه مضمون ( قوله أو أضافها ) كذا م ر ( قوله [ ص: 307 ] بالتفاوت ) هل المراد التفاوت بين ما أكلته وكفايتها أو بينه وبين الواجب شرعا فيه نظر ويتجه الثاني إذ الواجب شرعا هو اللازم له دون ما زاد عليه إلى حد الكفاية إذ كانت أكثر منه ( قوله فلا تسقط قطعا لأنه متبرع ) فلا رجوع له عليها بشيء من ذلك إن كان غير محجور عليه وإن قصد به جعله عوضا عن نفقتها وإلا فلوليه ذلك كما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ومثل نفقتها فيما ذكر كسوتها م ر ش ( قوله لأنه متبرع ) قضيته عدم رجوعه بما أكلته وعليه لعل محله إذا كان الزوج كاملا ( قوله وإلا لم يعتد بإذنه ) أي فهو كما لو لم يأذن وقياس ذلك أنه لا رجوع عليها إن كان غير محجور عليه والظاهر عدم رجوعه على الولي أيضا إذ غاية ما يتخيل وجوده منه مجرد التعزير وهو لا يوجب شيئا ولو قال قصدت النفقة صدق بيمينه كما لو دفع لها شيئا ثم ادعى كونه عن المهر وادعت هي الهدية أي فإنه المصدق باليمين خلافا لمن وهم التصديق بلا يمين فلا بد من اليمين في [ ص: 308 ] المقيس والمقيس عليه م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو أكلت إلخ ) قال في المهمات والتصوير بالأكل معه على العادة يشعر بأنها إذا أتلفته أو أعطته غيرها لم تسقط أسنى ومغني وينبغي أن يقال إن كان الإتلاف أو الإعطاء من غير قبضها من الزوج عن النفقة فهي ضامنة لذلك ولو سفيهة ونفقتها باقية في ذمة الزوج وإن كان الإتلاف أو الإعطاء بعد أن قبضته قبضا صحيحا عن النفقة ولو من غير جنسها سقطت نفقتها ولا رجوع لها عليه بشيء سم و ع ش ( قوله مختارة ) إلى قوله وقضية كلام الرافعي في النهاية إلا قوله أو أرسل إلى أو أضافها ( قوله عنده ) يعني من طعامه يقال فلان يأكل من عند فلان وإن لم يكن في بيته ا هـ رشيدي ( قول المتن كالعادة ) أي من غير تمليك ولا اعتياض ا هـ مغني ( قوله أو وحدها ) إلى قوله وقضية كلام الرافعي في المغني إلا قوله وحده وقوله بل قال شارح ( قوله أو وحدها إلخ ) عطف على معه ( قوله أو أرسل إلخ ) إنما يحتاج إليه إذا كان عنده بمعنى في بيته وأما إذا كان بالمعنى السابق عن الرشيدي فقد يغني عنه ما قبله ولذا اقتصر عليه النهاية ( قوله أو أضافها إلخ ) كقوله أو أرسل إلخ عطف على أكلت معه ( قوله رجل ) أي شخص ا هـ نهاية .

                                                                                                                              ( قوله أكراما له ) أي وحده فإن كان لهما فينبغي سقوط النصف أو لها فقط لم يسقط شيء ع ش وحلبي ( قوله إن أكلت قدر الكفاية إلخ ) مقتضاه أنه لا رجوع لها عليه وإن كان ما أكلته دون الواجب [ ص: 307 ] وهو محل تأمل فإن صح هذا الإطلاق كان المراد بالتفاوت التفاوت بين ما أكلته وبين كفايتها وإن قيد بما إذا كان ما أكلته بقدر الواجب فالمراد به التفاوت بين ما أكلته وبين الواجب ولعل هذا التفصيل في المراد بالتفاوت أولى من إطلاق الفاضل المحشي لترجيح الثاني ثم رأيت صنيع الإمام النووي في زوائد الروضة يشعر بالاكتفاء بالكفاية وإن كان دون الواجب بالإمداد سيد عمر أي فيتعين الأول ويؤيده أن هذه مستثناة من وجوب تسليم النفقة لها ( قوله قال ) أي ابن العماد ( قوله وتصدق هي في قدر إلخ ) أي إذا كان ما أكلته غير معلوم وتنازعا في قدره مغني ( قوله ولا أنه إلخ ) أي ولم ينقل أنه إلخ ( قوله ولا قضاه ) جملة فعلية عطف على بين إلخ ( قوله من مات ) أي ولم يوفه مغني ( قوله أنه ) أي الزوج ( قوله على المقابل ) أي القائل بأنها لا تسقط لأنه لم يؤد الواجب وتطوع بغيره نهاية ( قوله الرجوع عنه ) أي عن رضاها بالأكل معه ( قوله يمنعه ) أي المخالف وقوله ذلك الحكم فاعل يمنع ( قوله لذلك ) أي لمنع المخالف .

                                                                                                                              ( قوله قنة ) إلى قوله بلا يمين في النهاية وإلى قوله والقياس في المغني إلا قوله يرد إلى أخذ البلقيني ( قوله أو طرأ ) أي سفهها بعد رشدها ( قوله وإلا ) أي بأن طرأ سفهها ولم يحجر عليها ( قوله لم يحتج إلخ ) أي السقوط بالأكل مع الزوج لنفوذ تصرفها ما لم يتصل بها حجر الحاكم مغني ( قوله وإلا ) أي بأن كان السيد محجورا عليه ( قوله لأنه متبرع ) فلا رجوع له عليها بشيء من ذلك إن كان غير محجور عليه وإن قصد به جعله عوضا عن نفقتها وإلا فلوليه ذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ومثل نفقتها فيما ذكر كسوتها نهاية وأقره سم وعبارة الزيادي هذا إن كان أهلا للتبرع وإن كان غير أهل له رجع وليه عليها أو على وليها إن كانت محجورا عليها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أخذ البلقيني إلخ ) عبارة المغني وأفتى البلقيني بسقوطها بذلك قال وما قيده النووي غير معتمد وقد ذكر الأئمة في الأمة ما يقتضي ذلك وعلى ذلك جرى الناس في الأعصار والأمصار ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأكملها ) أي الزوجة ( قوله مطلقا ) أي رشيدة أم لا ا هـ ع ش ( قوله واكتفى إلخ ) أي على ما اختاره المصنف من السقوط بإذن الولي ( قوله مع أن قبض غير المكلفة ) الأنسب لما قبله قبض المحجور عليها ( قوله بإذنه ) أي الولي .

                                                                                                                              ( قوله عليها ) أي غير المكلفة ( قوله أن محله ) أي الاكتفاء بإذن الولي ( قوله لم يعتد بإذنه ) أي فهو كما لو لم يأذن وقياس ذلك أنه لا رجوع له عليها إن كان غير محجور عليه والظاهر عدم رجوعه على الولي أيضا إذ غاية ما يتخيل وجوده منه مجرد التقدير وهو لا يوجب شيئا م ر ا هـ سم وعبارة المغني أما لو كان الحظ في أخذ المقدر فلا ويكون وجود إذنه كعدمه لبخس حقها إلا إن رأى الولي المصلحة في ذلك فيجوز فقد تؤدي المضايقة إلى المفارقة ا هـ ( قوله صدق بلا يمين على ما في الاستقصاء ) أقره المغني عبارته قال في الاستقصاء صدق بلا يمين كما لو دفع إليها شيئا وادعت أنه قصد به الهدية وقال بل قصدت به المهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والقياس وجوبها ) وفاقا للنهاية عبارته صدق بيمينه كما لو دفع لها شيئا ثم ادعى كونه عن المهر وادعت هي الهدية ا هـ وقال سم بعد ذكرها أي فإنه المصدق باليمين خلافا لمن زعم التصديق بلا يمين فلا بد من اليمين في المقيس والمقيس عليه م ر ا هـ وقوله لمن زعم إلخ أي كالمغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية