الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وكسوة ) بضم أوله وكسره معطوف على أدم أو على جملة ما مر أول الباب أي وعلى زوج بأقسامه الثلاثة كسوة والأول أولى وذلك لقوله تعالى { وكسوتهن بالمعروف } ولأنه صلى الله عليه وسلم عدها من حقوق الزوجية ولأن البدن لا يقوم بدونها كالقوت ومن ثم مع كون استمتاعه بكل البدن لم يكف فيها ما يقع عليه الاسم إجماعا بخلاف الكفارة بل لا بد أن تكون بحيث ( تكفيها ) بفتح أوله بحسب بدنها ويظهر أنه لا عبرة باعتياد أهل بلد تقصيرها كثياب الرجال وأنها لو طلبت تطويلها ذراعا كما في خبر أم سلمة أي وابتداؤه من نصف ساقها أجيبت وإن لم يعتده أهل بلدها لما فيه من زائدة الستر لها التي حث عليها الشارع ولمشاهدة كفاية البدن المانعة من وقوع التنازع فيها فلم يحتج إلى تقديرها بخلاف النفقة ويختلف عددها باختلاف محل الزوجة بردا وحرا ومن ثم [ ص: 311 ] لو اعتادوا ثوبا للنوم وجب كما جزم به بعضهم وجودتها وضدها بيساره وضده ( فيجب قميص وسراويل ) أو ما يقوم مقامه بالنسبة لعادة محلها ( وخمار ) للرأس أو ما يقوم مقامه كذلك ( ومكعب ) بضم ففتح أو بكسر فسكون ففتح أو نحوه يداس فيه إلا إذا لم يعتادوه .

                                                                                                                              وهذه في كل من فصلي الشتاء والصيف ( ويزيد في الشتاء ) على ذلك في المحل البارد ( جبة ) محشوة أو نحوها فأكثر بحسب الحاجة ( وجنسها ) أي الكسوة ( قطن ) لأنه لباس أهل الدين وما زاد عليه ترفه ورعونة فعلى موسر لينه ومعسر خشنه ، ومتوسط متوسطه ( فإن جرت عادة البلد ) أي المحل الذي هي فيه ( لمثله ) مع مثلها فكل منهما معتبر هنا ( بكتان أو حرير وجب ) مفاوتا في مراتب ذلك الجنس بين الموسر وضديه كما تقرر ( في الأصح ) عملا بالعادة المحكمة في مثل ذلك وأطال الأذرعي في الانتصار للثاني وأنه المذهب ولو اعتيد بمحل ليس نوع واحد ولو أدما كفى أو لبس ثياب رفيعة لا تستر البشرة أعطيت من صفيق يقرب منها ويجب توابع ذلك من نحو تكة سراويل وكوفية وزر نحو قميص أو جبة أو ظاهر أن أجرة الخياط وخيطه عليه لا عليها نظير ما مر في نحو الطحن ( ويجب ما تقعد عليه ) ويختلف باختلاف حال الزوج ( كزلية ) على متوسط شتاء وصيفا وهي بكسر الزاي وتشديد الياء مضرب صغير وقيل بساط كذلك وكطنفسة بساط صغير ثخين له وبرة كبيرة وقيل كساء في الشتاء ونطع في الصيف على موسر قالا ويشبه أن يكونا بعد بسط زلية أو حصير فإنهما لا يبسطان وحدهما ( أو لبد ) شتاء ( أو حصير ) صيفا على فقير لاقتضاء العرف ذلك .

                                                                                                                              ( وكذا ) على كل منهم مع التفاوت بينهم نظير ما تقرر في فراش النهار ( فراش للنوم ) غير فراش النهار ( في الأصح ) لذلك فيجب مضربة لينة أو قطيفة وهي دثار مخمل وقول البيان هذا في امرأة الموسر أما زوجة غيره فيكفيها فراش النهار ضعيف واعترض صنيعهما هذا بأن الموجود [ ص: 312 ] في كتب الطريقين عكسه من حكاية الخلاف فيما قبل كذا والجزم فيما بعده ( ومخدة ) بكسر أوله ( و ) يجب لها مع ذلك ( لحاف ) أو كساء ( في الشتاء ) يعني وقت البرد ولو في غير الشتاء وما في الروضة من الوجوب في الشتاء مطلقا والتقييد بالمحل البارد في غيره يحمل على الغالب فلا ينافي ما تقرر خلافا لمن ظنه أما في غير وقت البرد ولو وقت الشتاء ولو في البلاد الحارة فيجب لها رداء أو نحوه إن كانوا ممن يعتادون فيه غطاء غير لباسهم أو يناموا عرايا كما هو السنة ولا يجب تجديد هذا كله كالجبة إلا في وقت تجديده عادة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وكسوة تكفيها ) وظاهر أن العبرة في كفايتها بأول فجر الفصل فلو كانت هزيلة عنده وجب ما يكفيها حينئذ وإن سمنت في باقيه وبالعكس م ر ( فرع )

                                                                                                                              لو اعتادوا العري وجب ستر العورة لحق الله تعالى وهل يجب بقية الكسوة أو لا كما في الأرقاء إذا اعتادوا العري يجب ستر ما بين السرة والركبة فقط كما سيأتي المتجه وجوب البقية هنا والفرق أن كسوة الزوجة تمليك ومعاوضة فإنها تستحقها وإن لم تلبسها ولم تحتج إليها وكسوة الرقيق إمتاع م ر ( قوله ومن ثم إلخ ) كذا م ر ش وقوله [ ص: 311 ] وجودتها عطف على عددها ( قوله أو ما يقوم مقامه ) كإزار ( قوله فكل منهما معتبر هنا ) كذا م ر ش ( قوله ولو أدما ) هو بفتح الهمزة والدال ( قوله ضعيف ) ضعفه أيضا م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وكسوة ) عبارة العباب الثالث الكسوة فتجب وإن اعتادت العري انتهت ا هـ سيد عمر ويأتي عن سم عن م ر ما يوافقه قال ع ش ويؤخذ من ضبط الكسوة والفراش بما ذكر أنه لا يجب لها المنديل المعتاد للفراش وأنه إن أراده حصله لنفسه وإلا فلا يجب عليها تحصيله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بضم أوله ) إلى قول المتن وآلة تنظيف في النهاية إلا قوله وإن لم يعتده أهل بلدها ( قوله وكسره ) وهو أفصح شرح مسلم للنووي ومن ثم قدمه في المختار ا هـ ع ش أي وفي شرح المنهج ( قوله معطوف على أدم ) اقتصر وعليه المغني وقوله أو على جملة إلخ أي بتقدير عليه ( قوله والأول أولى ) أي لقرب العامل وعلى كل فهو بالرفع ا هـ ع ش أي ولقلة الحذف وكون المعطوف عليه مذكورا صراحة ( قوله بل لا بد أن تكون إلخ ) وإن اعتادوا العري م ر ا هـ سم وع ش ( قوله بحيث تكفيها ) ظاهره أن العبرة في الكفاية بأول فجر الفصل فلو كانت هزيلة عنده وجب ما يكفيها وإن سمنت في باقيه م ر ا هـ ع ش ولعله فيما إذا هيأت الكسوة بالفعل قبل طرو نحو السمن وإلا فالمعتبر حالة التهيئة ( قوله بحسب بدنها ) ولو أمة كما هو ظاهر ا هـ نهاية ( قوله بحسب بدنها ) طولا وقصرا وسمنا وهزالا ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله وابتداؤه ) أي الذراع الذي تطوله على المعتادة من نصف ساقها أي سواء أبلغت المعتادة نصف الساق فقط أو زادت وقوله وإن لم يعتده أي التطويل ا هـ كردي ( قوله ويختلف ) إلى قول المتن في الأصح في المغني إلا قوله ومن ثم إلى وجودتها وقوله أو نحوه إلى المتن ( قوله ويختلف عددها إلخ ) ولا فرق بين البدوية والحضرية على المذهب وفي الحاوي لو نكح حضري بدوية وأقاما في بادية أو حاضرة وجب عليه عرفها ويقاس عليه عكسه ا هـ مغني ( قوله باختلاف محل الزوجة ) أي لا باختلاف يسار الزوج وإعساره ا هـ [ ص: 311 ] مغني ( قوله لو اعتادوا ) أي أهل محل الزوجة ( قوله وجودتها ) عطف على عددها ا هـ سم ( قول المتن قميص ) وهو ثوب مخيط يستر جميع البدن ا هـ مغني ( قول المتن وسراويل ) وهو ثوب مخيط يستر أسفل البدن ويصون العورة وهو معروف ا هـ مغني ( قوله أو ما يقوم مقامه إلخ ) عبارة المغني ومحل وجوبه كما قالهالماوردي إذا اعتادت لبسه فإن اعتادت لبس مئزر أو فوطة وجب ومحل وجوبه في الشتاء أما في الصيف فلا كما قاله الجويني وإن أفهم كلام المصنف كغيره خلافه ا هـ وظاهر ما يأتي من قول الشارح كالنهاية وهذه في كل إلخ موافق لما أفهمه المتن .

                                                                                                                              ( قوله كذلك ) أي بالنسبة لعادة محلها ( قوله ومكعب ) قال ابن الرفعة ويجب لها القبقاب إن اقتضاه العرف قال الماوردي ولو جرت عادة نساء أهل القرى أن لا يلبسن في أرجلهن شيئا في البيوت لم يجب لأرجلهن شيء مغني ونهاية ( قوله بضم ففتح ) أي في الأشهر ا هـ مغني ( قوله أو نحوه يداس إلخ ) عبارة المغني وهو مداس الرجل بكسر الراء من نعل أو غيره خلاف ما توهمه عبارة الروضة من جمعه بين المكعب والنعل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إلا لم يعتادوه ) أي نحو المكعب ا هـ ع ش ( قوله وهذه في كل من فصلي الشتاء والصيف ) والمراد بالشتاء ما يشمل الربيع وبالصيف ما يشمل الخريف فالسنة عند الفقهاء فصلان وإن كانت في الأصل أربعة فصول فالفصل عندهم ستة أشهر فيجب لها لكل ستة أشهر كسوة ا هـ شيخنا ( قوله أو نحوها ) كفروة ا هـ شيخنا ( قول المتن قطن ) أي وثوب متخذ منه ا هـ مغني ( قوله فكل منهما ) أي الزوجين وقوله معتبر هنا أي في الكسوة دون الحب والأدم فإنه يعتبر بما يليق بالزوج ا هـ ع ش ( قوله وأنه إلخ ) أي وفي أنه إلخ ( قوله ولو أدما ) بفتح الهمزة والدال ا هـ سم أي جلدا ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لا يستر البشرة ) ولا تصح فيها الصلاة ا هـ مغني ( قوله أعطيت من صفيق إلخ ) يؤخذ منه أنه لو جرت عادة بلدها بتوسعة ثيابهم إلى حد تظهر معه العورة وأعطيت منه ما يستر العورة مع مقاربته لما جرت به عادتهم ا هـ ع ش ( قوله يقرب منها ) أي في الجودة ا هـ مغني ( قوله من نحو تكة ) بكسر التاء ع ش وهي ما يستمسك به السراويل شيخنا ( قوله وكوفية ) وهي الطاقية التي تلبس في الرأس تحت الخمار ا هـ شيخنا ( قوله وخيطه عليه ) أي وإن فعلته بنفسها ا هـ ع ش ( قوله على متوسط ) إلى قول المتن وكذا في المغني ( قوله وتشديد الياء ) عبارة المغني وتشديد اللام والياء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كذلك ) أي صغيرة ( قوله وكطنفسة ) بكسر الطاء والفاء وبفتحهما وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء مغني وشرح المنهج وكطنفسة عطف على كزلية وقوله بساط إلخ بيان للطنفسة وقوله في الشتاء راجع إلى الطنفسة أي وكطنفسة في الشتاء على الموسر وقوله ونطع عطف على طنفسة والنطع من الأديم ا هـ كردي ( قوله بساط صغير إلخ ) وهو المسمى بالسجادة ا هـ شيخنا ( قوله ونطع ) بفتح النون وكسرها مع إسكان الطاء وفتحها مغني وشرح المنهج وهو الجلد كالفروة التي يجلس عليها ا هـ شيخنا ( قوله أن يكونا ) أي الطنفسة والنطع ا هـ كردي ( قوله على فقير ) أي معسر وأو في كلامه أي المصنف للتوزيع لا للتخيير ا هـ مغني ( قول المتن فراش للنوم ) ويعتبر فيه ما يعتاد لمثلها ا هـ ع ش أي مع مثله فكل منهما معتبر كما مر عبارة المغني ( تنبيه )

                                                                                                                              المعتبر في الفراش وما بعده لامرأة الموسر من المرتفع والمعسر من النازل والمتوسط مما بينهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لذلك ) أي لاقتضاء العرف ذلك ( قوله مخمل ) بضم الميم وسكون الخاء وفتح الميم الثانية مخففة اسم مفعول من أخمله إذا جعل له خملا أي وبرة كبيرة كما يؤخذ من القاموس ا هـ ع ش ( قوله [ ص: 312 ] في كتب الطريقين ) أي المراوزة والعراقيين ا هـ ع ش ( قول المتن ومخدة ولحاف في الشتاء ) قد يوهم صنيع المتن تخصيص وجوب المخدة بالشتاء وواضح عدم إرادته سيد عمر ( قوله والتقييد إلخ ) عطف على الوجوب ( قوله لمن ظنه ) أي التنافي ( قوله فيجب لها رداء إلخ ) عبارة المغني وشرح المنهج وكل ذلك بحسب العادة حتى قال الروياني وغيره لو كانوا لا يعتادون في الصيف لنومهم غطاء غير لباسهم لم يجب غيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو نحوه ) كالملاءة ( قوله ولا يجب ) إلى قوله ولعل الماوردي في المغني إلا قوله وبه يعلم إلى المتن وقوله كاسفيذاج إلى المتن وإلى التنبيه الثاني في النهاية إلا قوله : المطردة في أمثاله وقوله وخصه إلى المتن ( قوله ولا يجب تجديد هذا إلخ ) بل يجب تصليحه كلما احتاج لذلك بحسب ما جرت به العادة وهو المسمى عند الناس بالتنجيد ا هـ شيخنا




                                                                                                                              الخدمات العلمية