الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يجوز ذبح دم الإحصار إلا في الحرم ، ويجوز ذبحه قبل يوم النحر عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : لا يجوز الذبح للمحصر بالحج إلا في يوم النحر ، ويجوز للمحصر بالعمرة متى شاء ) اعتبارا بهدي المتعة والقران ، وربما يعتبرانه بالحلق إذ كل واحد منهما محلل . ولأبي حنيفة [ ص: 130 ] رحمه الله أنه دم كفارة حتى لا يجوز الأكل منه فيختص بالمكان دون الزمان كسائر دماء الكفارات ، بخلاف دم المتعة والقران ; لأنه دم نسك ، وبخلاف الحلق ; لأنه في أوانه ; لأن معظم أفعال الحج وهو الوقوف ينتهي به .

التالي السابق


( قوله : وربما يعتبر أنه إلخ ) أما اعتبارهما إياه بالحلق فبجامع أنه محلل وهو إلزامي ، فإنهما لا يقولان بتوقت الحلق في الحرم بل من حيث السنية ، والملحق هنا عندهما اللزوم ، والإلزامي لا يفيد في المطلوب شيئا ; لأنه لو اعترف الخصم بالخطأ في أحدهما فقال أعترف بالخطإ في أحد الأمرين من عدم توقيت الذبح بالزمان أو توقيت الحلق به لم يلزم خطؤه في محل النزاع عينا . وأما اعتبارهما بهدي المتعة والقران فبجامع أنه هدي تتعلق القربة فيه بنفس الإراقة ، وهو معارض بالقياس على سائر دماء الكفارات ، وهذا أولى ; لأن الجامع في قياسهما إنما هو أثره في توقته بالمكان بسبب أنه اسم إضافي ، إذ معناه ما يهدى إلى مكان وذلك المكان هو الحرم بالاتفاق والنص ، وهو قوله تعالى { ثم محلها إلى البيت العتيق } وتوقته بالزمان ليس معلولا ; لكونه هديا ، بل اتفق معه اتفاقا حكما شرعيا [ ص: 130 ] لم يظهر تأثيره فيه فكان وصفا طرديا في حق هذا الحكم فلا يعلل به ، بخلاف دماء الكفارات فإن الكفارة مؤثرة في ستر الجناية ، وهذا كذلك فإنه يمنع التأثيم في مباشرة محظورات الإحرام كما أن ذلك يرفعه ، ومعنى ستر الجناية مؤثر في عدم التأخير ما أمكن ، ولازمه جوازه قبل يوم النحر وهو المطلوب ، مع أن قوله تعالى { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } مطلق فلا ينسخ إطلاقه بما ذكراه لو صح .




الخدمات العلمية