الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 394 ] ( ومن قال لعبده تزوج هذه الأمة فتزوجها نكاحا فاسدا ودخل بها فإنه يباع في المهر عند أبي حنيفة ، وقالا : يؤخذ منه إذا عتق ) وأصله أن الإذن بالنكاح ينتظم الفاسد والجائز عنده ، فيكون هذا المهر ظاهرا في حق المولى [ ص: 395 ] وعندهما ينصرف إلى الجائز لا غير فلا يكون ظاهرا في حق المولى فيؤاخذ به بعد العتاق ، لهما أن المقصود من النكاح في المستقبل الإعفاف والتحصين وذلك بالجائز ، ولهذا لو حلف لا يتزوج ينصرف إلى الجائز ، بخلاف البيع لأن بعض المقاصد حاصل وهو ملك التصرفات . وله أن اللفظ مطلق فيجري على إطلاقه كما في البيع . وبعض المقاصد في النكاح الفاسد حاصل كالنسب ، ووجوب المهر والعدة على اعتبار وجود الوطء ، ومسألة اليمين ممنوعة على هذه الطريقة .

التالي السابق


( قوله تزوج هذه الأمة ) التقييد بالأمة والإشارة اتفاقي ، فإن الحكم المذكور جار في الحرة وغير المعينة .

( قوله وأصله ) أي أصل الخلاف الاختلاف في أن الإذن للعبد بالنكاح ينتظم الصحيح والفاسد عنده ، وعندهما يخص الصحيح . والاتفاق على أن الإذن بالبيع يعم الصحيح والفاسد ، وعلى أن التوكيل بالنكاح يختص بالصحيح فألحقاه بالتوكيل بالنكاح ; لأن علة الأصل تحصيل المقاصد في المستقبل من الإعفاف وغيره وذلك بالصحيح ، ولهذا لو حلف لا يتزوج ينصرف إلى الجائز فلا يحنث بالفاسد ; لأن المراد في المستقبل الحلف على الإعفاف وذلك بالصحيح ، بخلاف ما لو حلف ما تزوجت حيث يحنث بالفاسد ; لأن المراد في الماضي العقد ، وألحقه بالبيع بجامع أن بعض المقاصد حاصل من ثبوت النسب والعدة والنفقة ، وذلك يكفي لتصحيح التعميم وإجراء اللفظ على إطلاقه ، فينبني على هذا أنه يباع في المهر في الفاسد إذا دخل [ ص: 395 ] بها فيه عنده ، وعندهما لا ، وأنه لا يجوز له تزوج أخرى بعقد صحيح عنده لانتهاء الإذن بالفاسد وعندهما له ذلك ; لأن الإذن لم ينته به .

( قوله ومسألة اليمين على هذه الطريقة ) أي طريقة إجراء اللفظ على عموم ( ممنوعة ) والطريقة الأخرى أن العبد في النكاح مبقي على الحرية ; لأنه من خواص الآدمية ، والحاجة إلى إذن السيد ليثبت المهر في رقبته ليس غير ، فكأنه قال له إذ قال تزوج اشغل رقبتك بمهر ، وهذا يتحقق بمهر مثل في نكاح فاسد وبغيره ، وليست هذه الطريقة صحيحة لما سيذكر من ملك السيد إنكاحه وعدم ملكه طلاقه واستقلال العبد بملكه لدفع الضرر عن نفسه ; لأنه قد يعجز عن الإمساك بالمعروف لتباين الأخلاق وغير ذلك ، فالمعول عليه طريقة الإطلاق . ويجاب عن مسألة اليمين بأن الأيمان مبنية على العرف ، والعرف فيه الحلف على التزويج الذي هو طريق الإعفاف والتحصين وهو الصحيح لا الإعفاف بالفعل فبطل ما يقال الإعفاف باطني لا يوقف عليه فلا يلزم الصحيح ليظهر كون الحلف عليه ، والله أعلم . [ فروع ]

الأول : تزوج العبد بلا إذن فطلقها ثلاثا ثم أذن له السيد فجدد عليها جاز بلا كراهية عند أبي حنيفة ومحمد ، ومع الكراهة عند أبي يوسف .

الثاني : زوج بنته من مكاتبه ثم مات الأب لا يفسد النكاح عندنا إلا إن عجز ورد في الرق . وعند الشافعي يفسد للحال لملك زوجته شيئا منه ولذا يصح إعتاقها إياه وبدل الكتابة لها . وقلنا : لم تملكه ; لأن المكاتب لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك ما لم يعجز ، وعند ذلك قلنا بفساد النكاح ، وإنما ملكت ما في ذمته من بدل الكتابة ، وأما العتق فيه يبرأ عن بدل الكتابة أولا ثم يعتق .

الثالث : إذا غر عبد بحرية أمة فتزوجها على أنها حرة فولدت فالولد عبد عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وعند محمد حر بالقيمة كالمغرور الحر




الخدمات العلمية